خرجت غزة لنصرة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كغيرها من العواصم العربية والإسلامية. كان الخروج في المظاهرات واجبًا دينيًا قبل أن يكون سياسيًا. هتف المتظاهرون ضد أمريكا وضد الصهيونية، وضد منتج الفيلم المسيء. عاد المتظاهرون إلى بيوتهم وإلى أعمالهم، كما عاد غيرهم من المتظاهرين في البلاد العربية والإسلامية. إنه بين (الخروج-والعودة) لنا وقفة نقاش وحوار حول ما جرى من أشكال النصرة وهل هي كافية أم أن الواجبات في هذه المسألة أكبر وأوسع من المظاهرات الاحتجاجية؟ إن ما كان من خروج شعبي وجماعي في غزة وغيرها هو عمل جيد، ويعبر عن مشاعر الحب للإسلام ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ما هو جيد لا يكفي في عصر الاتصالات والمواصلات والفضائيات، إذ يجب على غزة وغيرها أن تبحث عن الأجود وهو أن تحول نُصْرة النبي صلى الله عليه وسلم، إلى برنامج شامل ومحدد المعالم والأهداف. هل يمكن لغزة المحاصرة التي تقود بلا شك صحوة إسلامية محليًا وإقليميًا أن تقدم برنامجًا شاملاً ومفصلاً في هذه المسألة، حيث تكررت الإساءة في عصرنا الحديث مرة بعد مرة بدوافع عنصرية وأسباب أخرى. إن عقد ورشة عمل متخصصة تحضرها وزارة الأوقاف، والجامعات والحركات الإسلامية، والدعاة، والمستقلون، والمثقفون لتدارس الآليات التي يمكن العمل من خلالها لنصرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، والدفاع عن الإسلام، لمنع تكرار الإساءة، هو أمر يسير وممكن. مطلوب من الورشة تحويل مشاعر المسلمين وغضبتهم إلى برنامج محدد فيه أولويات مرتبة ترتيبًا جيدًا، مع مراعاة واقع غزة وقدراتها. وأحسب أن الورشة ستقف على مجموعة عملية من مفردات قابلة للتنفيذ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تشجيع الأسوة والاتباع بتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم. لقد كان تعظيم الصحابة للرسول باتباع سنته النموذج الذي يجب أن يحتذى في عصرنا لتحقيق النصرة. وقد تدعو الورشة لصناعة فيلم يعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تدعو إلى نشر مؤلفات مبسطة بلغات متعددة لتعريف العالم برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تدعو إلى إنشاء معرض عن سيرة النبي وعظمته، ويكون أحد المعالم التي يجدر أن يزورها كل أجنبي يزور غزة. وقد تدعو إلى نشر وعي يمكنه أن يستثمر الاحتجاجات والمظاهرات ويوجهها بشكل إيجابي للضغط على الحكومات الغربية التي ترعى الإساءة والحاقدين ولا تبادر لمحاسبتهم أو إلى الوقاية من شرهم، وأحسب أن الحركة الإسلامية التي نادت في الأردن بمقاطعة البضائع الأمريكية هو تصرف عملي مفيد عند النجاح في تطبيقه. في الكتاب الحكيم (إنا كفيناك المستهزئين)، فالكفاية التي تكف وتبطل عمل المستهزئين وتنصر رسول الله عليهم حاصلة بفعل الله سبحانه وتعالى، وأحسب أن برامج العمل الجادة بمختلف مفرداتها هي جزء من هذه (الكفاية) التي تشير إليها الآية، ومن ثم يجب على غزة بعلمائها وجامعاتها وقادتها أن يكونوا جزءًا من هذه الكفاية، والله المستعان.