دعم كبير يُظهره الشعب التركي لجيشه الذي يخوض منذ أيام، معركة في الشمال السوري؛ بهدف حفظ حدوده الجنوبية، وتأمين منطقةٍ لاحتواء ملايين السوريين اللاجئين خارج البلاد.
صور مختلفة من الدعم أظهرها الأتراك لجنودهم، بعدما أعلنت سلطات البلاد أن التقدم الذي أحرزه الجيش التركي في العملية العسكرية لم يخلُ من خسائر بين عناصره.
في الحرمين الشريفين كان المعتمرون الأتراك يبتهلون إلى الله بأن يقف مع جنودهم، وأن يحقق لهم النصر؛ ففي هذه البقعة المباركة يعتقد المسلمون أن الدعاء أقرب إلى الاستجابة دون غيرها من البقاع؛ وذلك لقدسيتها.
ولأجل هذا أكثر الأتراك من الدعاء بالنصر والحفظ لقوات بلادهم، وهم يؤدون طقوسهم الدينية في الطواف حول الكعبة، وفي السعي بين الصفا والمروة، وفي المدينة المنورة، وبجميع الأماكن الإسلامية المقدسة في بلاد الحرمين الشريفين.
سورة الفتح في فجر الخميس
صورة إيمانية أخرى تعكس الاهتمام التركي الرسمي والشعبي الكبير بهذه العملية العسكرية، شهدتها مدن البلاد فجر الخميس (10 أكتوبر الجاري).
ففي هذا الوقت شهدت المساجد بعموم تركيا تلاوة سورة الفتح بشكل جماعي، لنصرة القوات التركية المسلحة.
وجاءت هذه الخطوة بناء على أوامر في هذا الخصوص، من رئاسة الشؤون الدينية؛ حيث دعا رئيس الشؤون الدينية في البلاد، علي أرباش، المواطنين للحضور إلى المساجد في كل أنحاء البلاد، لقراءة سورة الفتح عقب صلاة فجر الخميس.
ولم تكن هذه الخطوة هي الأولى من نوعها؛ حيث شهدت المساجد التركية، في يناير 2018، إقدام المواطنين على قراءة السورة القرآنية نفسها، للدعاء بالنصر للجيش التركي في عملية "غصن الزيتون"، التي شنتها تركيا بمشاركة الجيش السوري الحر ضد مليشيا "وحدات حماية الشعب" الكردية بمدينة عفرين السورية الحدودية.
الجنود الأتراك يرتلون القرآن
مواطنون أتراك تناقلوا على حساباتهم بمنصات التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تنبض بحالة إيمانية، حيث يظهر جنود من جيشهم وهم يرتلون القرآن، طلباً للنصر في المعركة التي كانوا يستعدون لخوضها.
أبرز مقاطع الفيديو هذه كانت لجنود أتراك في حافلة لنقل الركاب، وهم يقرؤون سورة الفتح، في أثناء توجههم إلى أرض المعركة.
"جيش المحمديين"
ويوم إطلاق العملية، الأربعاء (9 أكتوبر الجاري)، غرَّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حسابه بالعربية على "تويتر"، قائلاً: "أُقبِّل جميع أفراد الجيش المحمدي الأبطال المشاركين في عملية نبع السلام".
وانتشر وسم "المحمديون" انتشاراً واسعاً بين المغردين الأتراك، وهو الاسم الذي يفضّل معظم الأتراك إطلاقه على جنود الجيش التركي، عبَّر من خلاله الأتراك عن تعاطفهم مع جيشهم ووقوفهم إلى جانبه، لكن ماذا يقصد الأتراك بإطلاق اسم "المحمديون" على جيشهم؟
لم يكن أردوغان يقصد بكلمة "المحمديون" النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهو ما يدركه الأتراك أيضاً، الذين يعلمون حقيقة هذه التسمية القديمة للجيش التركي، ويجهله العرب.
حيث تشير المصادر التاريخية إلى أنه خلال معركة طبرق في ليبيا عام 1921، قُتل جندي عثماني صغير السن، يدعى محمد، كان أول قتلى الجيش العثماني، فالتفت العرّيف إلى ضابط يدعى محمد، وقال له: "يا قائد، محمد سقط شهيداً". فأجاب الضابط: "وا محمد تشيك"، بما معناه "وا محمداً الصغير"، متحسراً على هذا الجندي.
وعندها هتف الجنود العرب فيما بينهم "استُشهد محمد تشيك"، وكُتب في سجلّ الكتيبة "أول شهيد لنا، مهمت تشيك".
ومنذ ذاك اليوم يطلَق على الجنود الأتراك ومن يسقطون قتلى في المعارك، والمحاربين القدامى والجنود المجهولين في الجيش العثماني اسم "مهمت تشيك".
وبذلك فإن تسمية "المحمديين" التي تطلق على الجيش التركي، تعود للجندي "محمد الصغير"، أول قتلى الجيش العثماني في معركة طبرق.
ويركز الأتراك على تسمية قتلى معاركهم بـ"شهداء"، وتقام مراسم رسمية لاستقبال جثة أي شهيد، في حين يزور مسؤول عسكري بارز عائلة الشهيد، لإبلاغهم باستشهاد ابنهم خدمةً لتراب وطنه.
وأطلقت تركيا، الأربعاء (9 أكتوبر الجاري)، عملية عسكرية سمَّتها "نبع السلام"، شرقي نهر الفرات بالشمال السوري، قالت إنها تسعى من خلالها إلى تحييد المليشيات الكردية الانفصالية على حدودها مع سوريا، إضافة إلى القضاء على فكرة إنشاء كيان كردي بين البلدين، وإبقاء سوريا موحدةً أرضاً وشعباً.
وإضافة إلى ذلك، تُمني تركيا النفس بإقامة منطقة آمنة تُمهد الطريق أمام عودة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى ديارهم وأراضيهم بعد نزوح قسري منذ سنوات، وتغيير ديمغرافي طال تلك المنطقة بعد سيطرة المليشيات الكردية عليها.