"المصريون اختاروا ما يريدون وأنا الآن رئيساً لكل المصريين"، هذا ما قاله الرئيس المصري محمد مرسي للمذيع الأمريكي المعروف شارلي روز قبل أسبوع خلال زيارته لنيويورك، وهو ما سبق أيضا أن وعد به المصريين قبل حسم نتائج الانتخابات الرئاسية في يونيو/ حزيران الماضي، وكررها في أول خطاباته بعد الفوز.. وعلى مدار 100 يوم من حكمه تنتهي يوم 8 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، كانت مواقف أول رئيس مصري منتخب بعد ثورة 25 يناير، والقيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين شاهد على أنه "يجتهد ليصبح رئيساً لكل المصريين بالفعل"، كما يقول محللون، بينما يرى آخرون أنه "لم يخلع عباءة انتمائه الأيديولوجي حتى الآن". البداية كانت مع اول أيام توليه الرئاسة فعليا حين استقبل أهالي شهداء ثورة يناير ومصابيها بقصر الرئاسة وكرمهم، كما قرر تشكيل لجنة تقصي حقائق حول قتل المتظاهرين، وإعادة فحص المصابين وعلاجهم في المركز الطبي العالمي الذي كان يعالج فيه الرئيس المخلوع حسني مبارك. وسبق هذه الخطوة قراره بأن يقسم اليمين الدستورية أمام الشعب في ميدان التحرير الذي شهد ثورة يناير، ومحاولاته الدائمة للفرار من حماية الحرس الرئاسي وسط الحشود، والكشف عن صدره أمام الجماهير مؤكداً أنه لا يخاف وهو وسط أبناء وطنه. وأتبع ذلك بأن اتخذ قراراً فور توليه بصرف علاوة اجتماعية 15% لموظفي الدولة وأصحاب المعاشات، وزيادة رواتب الجيش. أما القفزة المفاجئة في هذا المسار فكانت ما عرف بقرارات "12 أغسطس"، والتي أعاد فيها تشكيل المجلس العسكري الذي كان يتولى إدارة البلاد منذ تنحي مبارك في 11فبراير 2011، وتعديل الإعلان الدستوري المكمل بما يقلص صلاحيات المجلس، وإحالة المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع السابق والفريق سامي عنان رئيس الأركان للتقاعد، وإقالة رئيس جهاز المخابرات العامة ورئيس الشرطة العسكرية ومديري أمن القاهرة والجيزة. كما أنشأ ديواناً للمظالم لتلقي شكاوى المواطنين، والعمل على حلها من خلال الأجهزة التنفيذية للدولة، بالإضافة لحرصه على أداء صلاة الجمعة بين الجماهير في مسجد أو محافظة مختلفة أسبوعياً والتحدث إليهم عقب الصلاة. وبعد ساعات من حكم قضائي بحبس رئيس تحرير جريدة الدستور المعارضة إسلام عفيفي احتياطياً لاتهامه بإهانة الرئيس، أصدر مرسي قراراً استخدم فيه الصلاحيات التشريعية التي آلت إليه بعد حل مجلس الشعب بمنع الحبس الاحتياطي في جرائم النشر. وبرغم الخلاف السياسي الممتد بين جماعة الإخوان المسلمين والكاتب الصحفي المعروف، محمد حسنين هيكل، هاتف مرسي هيكل في يوم ذكرى ميلاده التاسعة والثمانين الأسبوع الماضي وأرسل إليه باقة زهور. وحرص مرسي أيضا أن يكون بين مساعديه ومستشاريه في مؤسسة الرئاسة مسيحيون ونساء ورجال أعمال وأكاديميين وسياسيين. وشكل لجنة من مستشاريه للتفاهم مع مشجعي كرة القدم المعروفين بـ"الألتراس" والذين شاركوا في ثورة يناير وكانوا عنصراً رئيسياً في كثير من الاحتجاجات التي تلت الثورة، كما كرم الرياضيين العائدين من الأولمبياد، وأقام جنازة عسكرية للمدرب السابق للمنتخب المصري لكرة القدم محمود الجوهري. كذلك عقد الرئيس المصري المنتخب عدة لقاءات مع إعلاميين ومثقفين وشباب الثورة، والطلاب، وأصدر قراراً بالعفو عن 30 عن قيادات الجماعات الإسلامية المعتقلين من عهد النظام السابق. وعلى صعيد متصل جاءت توجيهات مرسي بتوفير الحماية اللازمة لإعادة 9 أسر مسيحية هجرت من مدينة رفح الحدودية تحت تهديد جماعات مسلحة نهاية الأسبوع الماضي إلى منازلهم، والتي علق عليها الناقد الرياضي علاء صادق بقوله "حماية الأقباط تؤكد على نزاهته وأنه رئيس لكل المصريين، وأن مصر دولة للجميع، ولا مكان للعنصرية الدينية بها". ويأتي ضمن هذا السياق أيضا، حملة إغلاق الأنفاق بين مصر وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس المعروفة بانتمائها فكريا لتيار الإخوان المسلمين في فلسطين، وعدم إقرار إقامة منطقة تجارية حرة بين مصر وغزة حتى الآن، ووضع المشروع قيد الدراسة المتأنية وفقاً لظروف مصر والواقع الفلسطيني بكل مكوناته. كما أعلنت ذلك الجهات الرسمية المعنية.وحول ما إذا كانت الخطوات السابقة وغيرها من أداء الرئيس مرسي قد أهلته بالفعل ليحمل لقب "رئيساً لكل المصريين" أم لا، أكد سعيد صادق أستاذ علم النفس الاجتماعي أنه "اقترب بالفعل من أن يكون رئيسا لكل المصريين". وأوضح أن "الرئيس يجتهد من أجل ذلك وأصدر عدة قرارات لاقت قبولا عاما وكان لها أثر كبير في نفوس الجماهير"، مضيفاً "إلى جانب ما يثار عن إصراره على الإقامة في شقة بالإيجار وعدم انتقاله وأسرته لقصر الرئاسة، ورفضه تعليق صورته في المكاتب الحكومية وغيرها". "هذه الأمور تشعر الجمهور بأن الرئيس فرد من بينهم ويمثلهم كلهم، فضلاً عن أن قراراته تجاه الفلاحين برفع المديونيات ودعمهم قد زادته شعبية واسعة"، بحسب صادق. واستدرك "ورغم أن مرسي يجتهد ليكون رئيساً لكل المصريين، إلا أن هناك العديد من القضايا الشائكة التي تقف عائقا أمامه مثل الجمعية التأسيسية للدستور، وقضايا الأقباط وحقوق الإنسان". في المقابل اعتبر جورج إسحاق، وكيل مؤسسي حزب "الدستور" الليبرالي، أن مرسي "لم يخلع عباءة انتمائه بعد، ولم يثبت حتى الآن أنه رئيس جميع المصريين، فقراراته تصدر لصالح التيار الإسلامي الذي ينتمي إليه في المقام الأول". وقال إسحاق "إن القرار الوحيد الذي اتخذه الرئيس ولقي حالة من الرضا العام لدى جموع الشعب المصري والقوى السياسية هو إقالة المجلس العسكري وإلغاء الإعلان المكمل". وتساءل: "لماذا لم يقرر الإفراج عن المعتقلين من الثوار حتى الآن وهو صاحب الحق الأول في ذلك؟ كذلك لم يعقد لقاءا مع القوى السياسية يسمع ما لديهم ويشاركهم في اتخاذ القرار".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.