المطمئنون إلى مركزية نهج المقاومة في مشروع حركتي حماس والجهاد الإسلامي لم يستغربوا من اتجاه جناحي الحركتين العسكريين للردّ على التصعيد الصهيوني الأخير بسلسلة عمليات قصف مشتركة بالصواريخ طالت تجمعات استيطانية جنوب فلسطين المحتلة!. والواثقون بأن المقاومة تتقدم وتنجز، وبأنها ما زالت وفية لخطّها كانوا يعلمون أنها تدير حالة مقاومة مدروسة في قطاع غزة ولا تقدم أي نوع من التهدئة المجانية، مثلما أنها لا تجازف بفتح جبهة متواصلة لا تقدر على تحمّل تبعاتها. وحدهم من اخترعوا فرية الهدنة المجانية طويلة الأمد من صدّقوا أكذوبتهم واطمأنوا إلى أن مفعولها سيظلّ ساريًا، وسيظلّ بإمكانهم استخدامها كلما عجزوا عن مواجهة فضيحة ملاحقة المقاومة في الضفة الغربية خدمة لأمن الاحتلال، لكنهم اليوم باتوا كمن عقدت ألسنهم الدهشة من جديد، دهشة لمبادرة القسام للفعل، ودهشة لتوحّده مع سرايا القدس في الردّ على تصعيد الاحتلال، وهو ما يعني أن الحسابات المقاومة تصعيداً وتهدئةً ستكون محلّ اتفاق، ولن يكون هناك مجال (على صعيد المزايدة) للاستفادة كثيراً من واقع الجبهة الغزية لتبرير جريمة التنسيق الأمني في الضفة، ذلك أن الأولى ما زالت من حين لآخر تقدم ما يصفع أحلام المنبطحين والمفلسين، وزبانيتهم من حملة أبواق التضليل!. تعرف غزة أن ضريبة أيّة مقاومة انطلاقاً من أراضيها قد تكون غالية، لكنّها مع ذلك لا تدير ظهرها للجرائم الصهيونية بدعوى الحفاظ على منجز السلطة فيها، كما تفعل سلطة الضفة وهي تبرر ذبح روح المقاومة وتجفيف منابعها! وتعلم حماس في غزة أنه يسعها استخدام ذريعة (عدم الانجرار) إلى حرب مفتوحة مماثلة للرصاص المصبوب وهي لمّا تكمل إعمار غزة، لكنها مع ذلك لا تستكين لمعادلة الذلّ التي يريد المحتل فرضها عليها، كما لا تكتفي بتكديس السلاح دونما استخدام، بل نراها تتقدم في إدارة مشروعها المقاوم وتحاول أن تصنع منه حالة وطنية لا تهم حركة حماس فقط، بل كل مكوّنات الطيف المقاوم، رغم أنها كانت قادرة على حظر السلاح غير المدموغ بختمها تحت حجة (سلاح واحد لسلطة واحدة) كما يفعل غيرها ممن اعتنقوا نظرية عدم جواز المقاومة المسلحة وانتهاء صلاحيتها!. هنا يبدو واضحاً كيف أن المقاومة هي الفعل الوحيد الذي يفضح حجة الجبناء ويسرع بنقض غزلهم، وكيف أنها تظهر الفرق بين سلطة وسلطة، وواقع وآخر، وكيف تحتاج المقاومة إلى أن تؤمّن ظهرها حتى تنجز في حربها، لا أن تستنزف في مواجهة العدو بينما تجد من يطعنها من الخلف!. أحسن القسام وأحسنت سرايا القدس بالتقدم خطوة على طريق العمل الجهادي المشترك، لأن رسالتهما كانت متعددة الاتجاهات، وكانت تحمل دلالاتها بوضوح ويسهل قراءتها وفهمها، ولا عزاء لمن تصدمهم دائماً حقائق الواقع، فيسقط في أيديهم، رغم أن ألسنتهم لا تكفّ أبداً عن الجهر بالإفك وترويجه دونما خجل!
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.