هل تنتهي مهمة سفينة (استيل) باستيلاء البحرية الإسرائيلية عليها، ومنع وصولها إلى ميناء غزة، واقتيادها إلى ميناء أسدود المحتلة والتحقيق مع المتضامنين؟ هذه النهاية كانت معلومة مسبقاً لمن نظم الرحلة وتحمّل تكاليفها قبل أن تبحر السفينة من ميناء مدينة نابولي الإيطالية. وكانت النتيجة معلومة أيضا للمتضامنين أنفسهم. السفينة (استيل) لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة أيضا. واستيل كمرمرة في الإصرار على الوصول إلى غزة، رغم مخاطر السفر، وطول الرحلة، ورغم العدوان الإسرائيلي. مرمرة لم تصل غزة فيزيائياً بسبب العدوان عليها، ولكنها وصلت كفكرة وكقضية لكل بيت فلسطيني وعربي ومسلم ودولي. فلسطين قضية. والحصار قضية. والإنسان قضية. وهذه القضايا جميعها وصلت إلى غاياتها، وحققت أهدافها السياسية والقانونية والأخلاقية وإن قصّر الفلسطيني والعربي في استثمارها وتوظيفها. استيل كمرمرة لم تصل فيزيائياً إلى ميناء غزة ولكن استيل كقضية وصلت إلى الميناء وإلى كل أرجاء فلسطين والعالم، ولأن حق الفلسطيني في الحياة، وفي التجارة مع العالم لا يقبل النقاش ولا يخضع للسياسة والاحتلال، فإن استيل حملت هذا الحق كقضية وقدمته إلى العالم كافة من خلال رحلة طويلة بلغت 5000 ميل، وهي تعلم أن النهاية الفيزيائية هي ميناء أسدود ثم الترحيل إلى البلدان التي جاء منها المتضامنون. المتضامنون على ظهر السفينة لم يتعاملوا مع الوصول إلى الميناء في غزة على أنه الهدف الأول والأخير. كان يسعدهم النجاح في الوصول إلى غزة كهدف ليس مقصودا لذاته، وإنما كهدف يقصد منه بناء خطوة عملية في رفع الحصار البحري عن غزة لأنه غير شرعي وغير قانوني ويُمثّل عقوبة جماعية، ولأن وصولهم الفيزيائي مشكوك فيه، وفقد بنوا أهدافهم على قاعدة نزع الشرعية عن الحصار،ونزع الشرعية عن الاحتلال، وإعطاء غزة أملاً بأن في العالم الحرّ قيادات وشخصيات كبيرة تقف خلفها جماهير كبيرة أيضاً تؤيد غزة وحقها في ميناء بحري، وممر بحري دائم مع العالم دون تدخل من الاحتلال أو من غيره. نزع الشرعية عن الحصار وعن الاحتلال هدفان يمكن أن يتحققا معا في حال الوصول الفيزيائي لميناء غزة، وفي حال منع الوصول بقوة السلاح، وربما تكون رسالة المنع أقوى أثرا في تجسيد الهدف وبناء المستقبل، وتقديم إسرائيل للعالم كدولة احتلال، وهي الأولى في العالم في أجندة المعتدين على حقوق الإنسان. لقد حققت سفينة مرمرة التركية أهدافها، وستحقق استيل أهدافها، وستأتي رحلات بحرية أخرى لتستكمل الطريق إلى الهدف الرئيس وهو كسر الحصار البحري، وفتح ممر بحري دولي مع غزة. لم تكن مرمرة البداية، ولن تكون استيل النهاية. الحرية لغزة هي البداية وهي النهاية.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.