قبل أن يترك وزير الحرب الإسرائيلي نفتالي بينيت الوزارة، بخروجه من الائتلاف الحكومي الجديد، الذي يستعد خلال ساعات للبدء في أداء مهامه، جرى إصدار أمر نهائي من قبل سلطات الاحتلال لتنفيذ قرار بمصادرة أراض تتبع الحرم الإبراهيمي، لصالح أحد المشاريع الاستيطانية، وذلك بعد أن رصد التقرير الأسبوعي الذي تصدره منظمة التحرير تسارعا في القرارات الإجرائية لتنفيذ مخططات جديدة.
وكشف النقاب في "إسرائيل" أنه استمرارا لإيعاز من بينيت الذي يتزعم تحالف الأحزاب اليمينية المتطرفة، أعلنت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية عن نشر أمر المصادرة بهدف إنجاز مشروع لإتاحة وصول المستوطنين إلى الحرم الإبراهيمي في الخليل، والذي سيشمل إنشاء مصعد ومسار وصول خاص إلى الموقع.
وحذرت السلطة الفلسطينية من تنفيذ المخطط، واعتبر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، حسين الشيخ، أنه يمثل إلغاء لـ”بروتوكول الخليل”، الموقع بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، قبل 23 عاما، معتبرا أن الخطوة الإسرائيلية “استمرارا لمشروع الضم في الضفة والقدس”.
ووصفت وزارة السياحة الفلسطينية، في بيان صحافي، المشروع بـ “التهويدي”، وقالت إنه يأتي “ضمن سلسلة من المشاريع الصهيونية لخدمة أجندات سياسية استيطانية للاحتلال الإسرائيلي وخلق واقع جديد على حساب الهوية والتراث الثقافي والديني الفلسطيني”.
وفي السياق، كان المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان ذكر، في تقريره الأسبوعي، أنه في تصريحات غريبة ومستهجنة تعكس “فكره الصهيوني الاستعماري العنصري”، حض السفير الأمريكي لدى "إسرائيل" ديفيد فريدمان، حكومة بنيامين نتنياهو وبيني غانتس، على تسريع الإعلان عن ضم مناطق في الضفة الغربية المحتلة إلى "إسرائيل".
ونقلت تصريحاته عبر إحدى الصحف العبرية، حين قال: “إذا أعلنت حكومة "إسرائيل" عن ذلك، فإن الولايات المتحدة مستعدة للاعتراف خلال الأسابيع القريبة بسيادة "إسرائيل" على غور الأردن والمستوطنات، كما ستعترف بما مساحته 30% من الضفة الغربية، على أنها مناطق تابعة "لإسرائيل" ضمن “صفقة القرن”، بعد زعمه بحق اليهود في أرض فلسطين، مبديا موافقة إدارة ترامب على أن تمنح 97% من المستوطنات الحرية الكاملة في التوسع، ومن بينها مستوطنة أرائيل قرب سلفيت، التي اعتبرها كما تل أبيب، لافتاً إلى وجود 3% من المستوطنات والتي سيسمح فقط بالبناء العمودي فيها.
وتطرق التقرير إلى ما قام به وزير الجيش نفتالي بينيت، حين صادق على توسيع مساحة مستوطنة “أفرات” في الكتلة الاستيطانية المسماة غوش عتصيون الممتدة بين بيت لحم والخليل بحوالي 1100 دونم، ليفتح بذلك الطريق أمام بدء التحضيرات لبناء 7000 وحدة سكنية في المستوطنة، في خطوة وصفها التقرير الصادر عن المنظمة بـ “الخطيرة للغاية”، ولا تقل خطرا عن مشاريع البناء الاستيطاني في المنطقة المسماة (E1)، بهدف وأد “حل الدولتين” إلى الأبد.
وقال إن وزير جيش الاحتلال الذي يملك صلاحيات إقرار خطط بناء في المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أوعز لما يسمى بالمسؤول عن أملاك الدولة وأملاك الغائبين في الضفة الغربية المحتلة الموافقة على مخططات البناء، وبدء تخطيط تلة استيطانية جديدة يطلق عليها الاحتلال “تلة النسور” (جفعات هعطيم) على أراض ألحقها الاحتلال بمنطقة نفوذ سلطة مستوطنة إفرات، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى فصل بيت لحم عن القرى الفلسطينية المحيطة بها، حيث جاءت المصادقة بتوجيهات مباشرة ومستعجلة من بنيامين نتنياهو قبل مغادرة بينيت وزارة الجيش لفرض أجندته على عمل حكومة الطوارئ بين حزب “الليكود” وبقايا حزب “أزرق أبيض”.
وأشار إلى أن في ذات الوقت تواصلت في عدد من محافظات الضفة الغربية، انتهاكات جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين ضد المواطنين وممتلكاتهم، حيث أقدم مستوطنون في محافظة الخليل على تجريف مساحات من الأراضي الزراعية لصالح شق طريق قرب مستوطنة “نيجهوت”، لافتا إلى أن تلك العمليات جرت بحماية جنود الاحتلال، كما شهدت محافظة نابلس منع الاحتلال المواطنين من حراثة أراضيهم في قرية الساوية، بحجة أنها مناطق عسكرية مغلقة.
ورصد التقرير في محافظة بيت لحم إقدام مستوطنين على قطع 450 شجرة عنب من قرية الخضر جنوب المدينة، والقريبة من مستوطنة “أفرات”، بهدف إرغام مالكها على تركها لصالح توسعة المستوطنة، كما تطرق لإعلان اللجنة المشرفة على صلوات المستوطنين اليهود في ساحة البراق الإسلامية غربي المسجد الأقصى المبارك عن استئناف الصلوات في المكان، ويسمح القرار بصلاة 300 شخص ضمن عدة مجموعات، بعد نحو شهرين من المنع بسبب انتشار فيروس “كورونا”، فيما أدت مجموعة من المستوطنات صلوات تلمودية علنية أمام باب المطهرة أحد أبواب الأقصى.
وتطرق التقرير إلى ما قام به مستوطنو “يعقوب طاليا” المقامة على أراضي المواطنين في مسافر يطا التابعة للخليل، من تخريب محصول المزارعين قرب منطقة “بير العد”، ومنعوا المزارعين من سقاية أغنامهم من آبار المنطقة، فيما اعتدى مستوطنون على أحد المواطنين من سكان بلدة بيت أمرين التابعة لمدينة نابلس بالضرب أثناء رعيه ماشيته قرب مستوطنة “حومش” المخلاة، وسرقوا 70 رأسا من أغنامه، ما أدى إلى إصابة المواطن بكسور ورضوض.
وفي محافظة سلفيت، أخطرت قوات الاحتلال ثلاثة مواطنين بوقف بناء وهدم لمنزلين وسقيفة في المنطقة الشمالية والشرقية لبلدة قراوة بني حسان، فيما استولت قوات الاحتلال على معدات حفر بئر مياه، عمل في موقع بين أراضي قريتي راس عطية ومغارة الضبعة جنوب قلقيلية، فيما سلمت سلطات الاحتلال عددا من المواطنين في قريبة عكابا التابعة لمدينة طولكرم إخطارات بوقف البناء في منازلهم بحجة أنها منطقة “ج”، علاوة عن هدمها غرفة زراعية في الأغوار.
وفي ذات السياق، تطرق التقرير إلى تصريحات مرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة جو بايدن الذي أعلن معارضته للخطوة الإسرائيلية لضم أراضٍ في الضفة الغربية، كما تطرق إلى المعارضات الإسرائيلية لخطوة الضم، من خلال قيام 220 من الجنرالات والزعماء الإسرائيليين المتقاعدين من جهاز “الموساد” و”الشاباك” و”الشرطة” بنشر صفحة كاملة في صحف عبرية احتوت على تواقيعهم، يوم الثالث من الشهر الجاري، لحث زملائهم السابقين في الحكومة -وبالتحديد غانتس وغابي أشكنازي، وكلاهما من رؤساء الأركان السابقين في جيش الاحتلال- على منع الضم الأحادي الجانب لأراضي الضفة الغربية، مشيرا إلى انضمام 149 من القادة اليهود الأمريكيين البارزين إلى المطلب نفسه، وبعدها بوقت قصير أصدر 11 عضواً في الكونغرس الأمريكي تحذيراً آخر بشأن العواقب السلبية لمثل هذه الخطوة.
وقال إن اللجنة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة والمعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف دعت المجتمع الدولي، ولا سيما مجلس الأمن، إلى تحمل مسؤولياته، واتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لخطر الضم، كما دعت "إسرائيل" إلى الاستجابة لنداء الأمين العام الأخير بوقف عالمي لإطلاق النار، ولوقف إجراءاتها وممارساتها غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، فيما قال مجلس “بطاركة ورؤساء كنائس الأراضي المقدسة” إنه ينظر بقلق عميق إلى خطط الضم الإسرائيلية، ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى الامتناع عن اتخاذ مثل هذه الخطوات الأحادية.