10.01°القدس
9.77°رام الله
8.86°الخليل
15.04°غزة
10.01° القدس
رام الله9.77°
الخليل8.86°
غزة15.04°
الثلاثاء 14 يناير 2025
4.45جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.73يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.45
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.73
دولار أمريكي3.66

خبر: الانتخابات المحلية مرآة لخلافات فتح

سبق أن قلنا إن حركة فتح في الضفة الغربية مازلت تجتهد في البحث عن أية مناسبة انتخابية للاحتفال، وللترويج الإعلامي أمام عناصرها بأنها مازالت _رغم كل شيء_ رقم "واحد" على الساحة الفلسطينية، وأنه ما من شيء سيأكل من شعبيتها، لا على صعيد السياسات الحكومية ولا الأمنية ولا المسار السياسي. أصرّت حركة فتح على إجراء الانتخابات البلدية، وكان لها ذلك، وظنّت أن كتلتها الانتخابية التي حملت الاسم نفسه في مختلف مواقع التنافس (الاستقلال والتنمية) ستحصد فوزًا كاسحًا في جميع المناطق، وخصوصًا المدن الرئيسة ومراكز الثقل السكاني، جرت الانتخابات رغم غياب حماس عن المشهد، لكن فتح اكتشفت أن هذا الغياب لحماس جرّأ "الفتحاويين" المنشقين أكثر على منافسة حركة فتح، وعزز فرص فوزهم؛ نظرًا لأن الأصوات التي ستشارك بهدف عقاب فتح أو نكاية بها ستذهب إلى أبرز منافسيها، فكانت النتيجة كاشفة عن اهتزاز واهتراء في الجسد التنظيمي لفتح، وفي منسوب الولاء لها الذي ما عاد ينبع من سوى اعتبارات الامتيازات التي توفرها فتح لمنتسبيها. فازت كتل منافسة لفتح في مدن مهمة مثل نابلس وجنين، وحصّلت فتح في مدينة الخليل فوزًا صعبًا على كتلة مستقلة ومتواضعة الإمكانيات ظهرت في المشهد حديثًا، لكن أفرادها يتمتعون بقبول شعبي، وسجلت مدينة أخرى مهمة هي البيرة عزوفًا كبيرًا عن المشاركة، فكان تقدّم فتح فيها دون معنى؛ لأنه ارتكز فقط على أصوات أبناء فتح، مع العلم أن مجمل المدن سجّلت نسبة مشاركة منخفضة جدًّا، حسب ما قالته لجنة الانتخابات المركزية، وهو أمر غير مسبوق في انتخابات محلية، ومقارنة بحجم الإقبال الهائل على التصويت في انتخابات 2005م. ولا يعود العزوف العام عن المشاركة إلى مقاطعة حماس فقط، بل إلى شعور عام بعدم الجدوى لأية عملية انتخابية، وهو شعور ظلّ يتبلور في وعي المواطن الفلسطيني على مرّ السنوات السابقة؛ لأنه مازال يذكر كيف أن نتائج الانتخابات السابقة لم تحترم، وكيف أن هناك مجالس محلية منتخبة أُقصيت بالقوة من مواقعها، واعتقل الاحتلال وأجهزة السلطة بعض أعضائها المنتخبين. أما على صعيد القرى والبلدات فكان النفس العشائري طاغيًا على الاعتبار الحزبي في التصويت، وحركة فتح كانت خاضعة لهذا الاعتبار لا موجهة له، وارتباطها بالسلطة وفّر لها الإمكانية للتحالف مع العناصر العشائرية الناجحة في مناطقها، سواء في المجالس التي فازت بالتزكية أم تلك التي جرت فيها انتخابات. غير أن الظاهرة التي أعتقد أن فتح ستتوقف أمامها طويلًا هي أن شعبية المنشقين عن فتح أو المطرودين منها تجاوزت شعبية المرشحين الذين دفعت بهم الحركة لتمثيلها، وهو مخالف لما حدث في الانتخابات التشريعية عام 2006م، إذ لم يفز أحد من المنشقين عن حركة فتح. لكن غياب حماس عن هذه الانتخابات ضاعف من حظوظ هؤلاء للنجاح، فضلًا عن أنه جرّأهم على منافسة فتح والمجاهرة بعدائها، كما جرّأ فتح على تسريب معلومات للإعلام حول ارتباط المنشقين بتيار دحلان وغير ذلك من الاتهامات. وأتوقع أن قراءة فتح السليمة للنتائج يجب أن تنبّهها إلى أن انتخابات تغيب عنها حماس ستنعكس سلبًا على تماسك فتح الداخلي، وستزيد من فرص انشقاقها، ومن جهة أخرى ستحمل غالبية المواطنين على الزهد بالمشاركة في انتخابات تخلو من التنافس ومعروفة نتائجها سلفًا، ولا تأتي بجديد. أما إن أصرّت فتح على التنكر لأهمية التوافق السياسي حول أية عملية انتخابية؛ فستستمر في حصد الخيبات، وتحصيل شرعيات منقوصة تكذب بها على نفسها وأنصارها، خصوصًا أن اليسار الفلسطيني يبدو أنه قد أدرك خطأ مراهناته على تحسين فرصه في هذه الانتخابات، ولا يتوقع منه الاصطفاف إلى جانب فتح في تأييد إجراء انتخابات أخرى.