(168) يوماً هي مجموع ما قضاه الأسير "حسن الصفدي" -من مدينة نابلس- مضرباً عن الطعام داخل سجون الاحتلال، قبل أن يرضخ الأخير مرغماً ويصدر قراراً يقضي بالإفراج عنه يوم الاثنين 29102012. تعرّض "حسن الصفدي" لضغوط كثيرة خلال إضرابه الطويل عن الطعام والذي توزّع على جولتين، وتمت مساومته لقبول الإبعاد عن الضفة الغربية مقابل تحريره، لكنه أصرّ على استكمال معركته ضد السجان حتى انتزع حريته من بين أنيابه، وكسر قيده بتصميمه، وهو الذي عاش الاعتقال الإداري عدّة سنوات، وأدرك أن الغاية منه تغييبه وإرهاق معنوياته ونفسيته، كما يحدث مع غيره من رهائن الاعتقال الإداري في سجون الاحتلال. مضت أيام الإضراب على صعوبتها وحجم المشقة الموزعة على لحظاتها كلّها، كما مضت سواها من الأيام السهلة التي عايشها آخرون ممن لا يطرق الهمّ بابهم. مع فارق أن مكابدة المشقة تترك أثراً أبدياً في قلوب وعقول روّادها لا تمحو حلاوته الأيام، فيما لا يعلق طعم الراحة في نفوس المنحازين للعيش السهل والحياة العادية! هذه الظاهرة الجديدة الفريدة في سجل الحركة الفلسطينية الأسيرة أصبحت فلسفة قائمة بذاتها، إذ لم تعد تخلو السجون من مضربين عن الطعام يمضون أشهراً طويلة في إضرابهم، ثم يرغمون المحتلّ على النزول عند مطالبهم، وكل هذه التجارب مفعمة بالعبر والدروس، وكلها تحمل عنواناً عريضاً لا يحتمل التزييف يقول إن الإرادة قادرة على قهر ما نظنه مستحيلا، وإن علينا ألا نسرف في منح توصيفات الاستحالة على قضايا كثيرة في منظومة الاحتلال، والأسر واحدة منها. معارك التحدي عبر الأمعاء الخاوية في سجون الاحتلال يُفترض أن تطلق إشارات التغيير لمن هم متحررون من القيود، لكنهم في الوقت ذاته يسلّمون بما يقرره واقع الضعف من إملاءات القعود، وما يتفنّن المرجفون في تزيينه وتزييفه، فيجهضون لأجله كل بوادر المقاومة، ويغتالون براعم النهوض في مهدها، ويلزمون غيرهم بحدود إرادتهم هم، وهي إرادة خائرة العزم وقليلة الحيلة، ومسكونة بمفردات التخذيل!.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.