تنتاب مشاعر متناقضة من الفرحة والانتظار طلبة "التوجيهي"، الذين يترقبون نتائجهم المزمع إعلانها غداً، بفارغ الحيرة والصبر.
ولم يكد ينهي طلاب التوجيهي من حربهم مع الامتحانات وما تضمنتها من خوف وتوتر وسهر إلى أن يبدأوا مرحلة ثانية من الترقب الممتزج بالقلق ، فهذا الطالب يبني أحلاما نظراً لتفاؤله بتقديمه مستوى جيد، وآخر لن يأمل بمجموع مرتفع وهذا يجعله خائف طوال الوقت من ردات فعل أهله والمحيطين.
التجربة والمعاناة لا تقتصر على الطلبة فقط بل يعيشها الأهل ايضا مثلهم مثل أبنائهم بحلوها ومرها سواء كان الامتحان صعبا أم سهلا ويبقون متشوقين لرؤية ابنهم بعد الامتحان لمعرفة ما قدم في امتحانه وما هي النتيحة التي سيأتي بها مع نهاية الامتحانات.
وفي ظل حالة الترقب والقلق التي يعيشها طلاب الثانوية العامة مع قرب ساعة الحسم بالإعلان عن النتيجة، يوم غد الخميس، تبرز العديد من المشاكل النفسية التي يتعرض لها الطلاب سواء من ذويهم أو من تصرفات ذاتية يقعون فيها لا إرادياً.
مشاعر الخوف والرهبة
ويعد الطالب محمد عبيد من مخيم جباليا، اللحظات والثواني، في انتظار معرفة نتيجتها في امتحانات الثانوية العامة.. وعلى الرغم من حصول هذا الطالب وهو أحد طلاب الفرع العلمي على مجموع مرتفع في المدرسة، إلا أنه لا يعتبر العلامات في المدرسة مقياساً لأداء الطالب في الامتحانات العامة، والتي يلعب فيها "الحظ" دوراً كبيراً, كما تقول.
وعن مشاعره حيال الساعات القادمة قال عبيد في حديثه لـ"فلسطين الآن": " إنها مشاعر الخوف والرهبة, الأمل والألم، النجاح والفشل, مشاعر كثيرة متناقضة تأخذني للحظة للنجاح، وتعود وتسحقني من جديد للفشل ".
وأشار إلى أنه لا يعرف سبباً حقيقاً لمشاعره السلبية، سيما وأنه قدم الاختبارات بشكل جيد، ولم تكن لحظتها تظن أنه سيعايش ما يعايشه من أحاسيس مرعبة على حد قوله.
وأضاف: "ربما الشعور يكون غريباً على الطالب، كونه يعايش هذه الأمور لمرة واحدة لاتتكرر في عمره، منذ اليوم الأول لانتهاء الامتحانات وأنا أعيش لحظات الانتظارآه كم هي صعبة وقاتلة".
نصائح ومحاذير
وصنف الخبير النفسي والمحاضر في الجامعة الإسلامية البروفيسور عبد الفتاح الهمص ما يتعرض له طالب التوجيهي من ضغوط نفسية لجهات ثلاث، أولها الأهل والمحيط الأسري، وثانيها جهات الاختصاص، وثالثها الطالب نفسه.
وقال الهمص في حديثه لـ"فلسطين الآن": "يجب على الأهل أن يتعاملوا مع أبنائهم وخاصةً في الساعات التي يقترب فيها إعلان النتيجة بشكل طبيعي واعتيادي، وألا ينظروا إلى أبنائهم وكأنهم يهددونهم بطريق غير مباشر".
"ما هي إلا دقائق وتظهر النتيجة"، يؤكد "الهمص" أن هذه الجملة وغيرها من الجمل المشابهة تخلق نوعا من الضغط النفسي السلبي للطالب، "وكأن الطالب ستظهر نتيجة حياة أو موت بالنسبة له".
وأضاف: " أشدد على أننا لا يجب أن ننظر للابن هذه النظرة السلبية لأنها تترك خبرات صادمة في المستقبل القريب، فما هي إلا سنوات معدودة وينتهي هذا الطالب من الدرجة الأولى الجامعية ويحصل على البكالوريوس وسيتذكر هذه الخبرات الصادمة التي واجهها من أفراد الأسرة".
وتابع الخبير النفسي: "أنصح هنا الأسرة، بأن يكونوا مع أبنائهم فأنتم شهدتم لهم في الأشهر السابقة والأيام السالفة، وسهرتم معهم بما كانوا يكتسبون من تحصيل دراسي حقيقي وأنتم تشهدون سهروا الليل ولم يناموا في النهار، وهذا ما يجب أن يستشعره طلبة التوجيهي من أهلهم ولا شيء سوى ذلك".
وأكمل الهمص: " يجب أن يشعر طالب التوجيهي أن ما سيظهر من نتيجة هي بقدر الله، وإياكم أن تواجهوا أبناءكم وكأن المرحلة الثانوية هي نهاية المطاف، بل هي بداية المطاف".
وحذر الهمص من المقارنات بين الابن وبين طلاب آخرين، "لأن هذا الأمر مرده سلبي للغاية ويسبب أمراضاً نفسية غير مرئية وطويلة الأمد، بل يجب تقديم النصح والإرشاد على مدار الساعة".
كما حذر من ضغط الأهل على الطلاب للدخول في كلية بعينها، وقال: "الأهل يشترطون عليه دخول كلية بعينها ويشترطون ذلك مقابل المال وإكمال الدراسة، وبالتالي سيكون مردودهم الدراسي سلبياً جداً".
وعن الطالب نفسه قال "الهمص": "في حقيقة الأمر، أي طالب من طلاب الثانوية وضع نصب عينيه غاية معينة، عليه أن يتمسك بها وألا يشوش عليه أحد من هنا وهناك".
وأضاف: "قد يكون الأقران أحد الأسباب المؤثرة على الطالب، وقد يكون سلبياً أو إيجابياً ويعود ذلك إلى خبرة الأقران بعلاقتهم مع بعضهم لبعض".