بلفور 1917 بداية النكبة الفلسطينية. بلفور كان جزءًا من الدولة القُطْرية التي أنشأتها اتفاقية (سايكس بيكو) لتمزيق وحدة العالم العربي والإسلامي. بلفور، وسايكس، وبيكو، وزراء عملوا في أكبر دولتين استعماريتين بعد الحرب العالمية الأولى. الدولتان (بريطانيا العظمى – وفرنسا) اتفقتا على إسقاط الخلافة العثمانية الإسلامية، ومن ثمَّ تمزيق بلاد العرب إلى أقطار بينها حدود مصطنعة، وتحركها الأهواء والمنازعات، واتفقتا على تنفيذ وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا بإقامة دولة صهيونية يهودية على أرض فلسطين العربية الإسلامية. بلفور بريطانيا هو الأساس، وهو المسئول الأول، ومن حق الشعب الفلسطيني أن يطالب بريطانيا الآن بالاعتذار، وبتحمل مسئولياتها للتكفير عن جريمة بلفور، والقادة الذين أشرفوا على تنفيذ الوعد المشئوم. ليس للفلسطينيين الآن قوة كافية لإجبار بريطانيا اليوم على الاعتذار، ولكن غياب القوة لا يلغي حقنا الدائم المؤبد. بلفور هو أول الجريمة، وأول النكبة، ولكن ما كان لوعده أن يتم لو كان الوعي الفلسطيني والعربي والإسلامي حاضرًا وقويًا. غياب الوعي هو المسئول الثاني عن نكبة شعبنا، وعن تمزيق بلادنا العربية. واستعادة الوعي هو الطريق إلى معالجة النكبة، واستعادة فلسطين المحتلة، لم يكن الوعي الفلسطيني يستحضر خطورة الوعد المشئوم من دولة عظمى تحتل فلسطين، وتدير الشأن العام فيها بما يسمح بتنفيذ الوعد وقيام دولة (إسرائيل)، ولم يكن يستحضر أيضًا قيمة الوطن، وأهمية الأرض، وحسب أن الخروج من الوطن، وترك الأرض يحفظ النفس والعرض والدين، وما دار بخَلَد قادته ووعيه أن الوطن هو الذي يحقق الحفظ للنفس وللعرض وللدين؟!. بلفور كان أول النكبة، وغياب الوعي كان الثاني في المسئولية عن النكبة، وكان تمزق العمل الوطني الفلسطيني وتنازع قياداته هو العامل الثالث، إذ لم تدرك قيادات تلك المرحلة الخطيرة تداعيات الفشل المحقق بسبب تنازعها على الأجيال الفلسطينية التالية، ولو كانت على دراية كافية لما كانت النتائج مأساوية على هذا النحو الذي نكابده ونشقى به منذ عشرات السنين. بلفور أول النكبة ملعون. وغياب الوعي العام ملعون، والتمزق والتنازع ألف ملعون وملعون. وقراءة التاريخ بدون استعبار لعنة دائمة إلى أن يستيقظ الغافلون عن عوامل النكبة، ويختطوا طريقًا صالحًا للخروج منها ومن تداعياتها. إن توحد القيادات الفلسطينية على مشروع تحرري واحد هو أول الطريق لكي نخرج من لعنة بلفور، ومن مسلسل اللعنات التي توالدت منه، ولا يجوز لمن يطلب الوطن والأرض والتحرير والدولة أن يستبقي التنازع، ويحلم بهدية (دولة فلسطينية) كهدية بلفور للصهيونية العالمية. بلفور أعطى الوعد، و(إسرائيل) وبريطانيا أقامتا الدولة الصهيونية بقوة السلاح، وبقوة الوعي، ولو ظل قادة الصهيونية يتكلمون ويحلمون ما قامت لهم دولة، ولا أحسب أن أحلام الفلسطيني بدولة وسيادة يمكن أن تقوم بآلية غير الآلية التي أقامت الصهيونية بها دولة (إسرائيل) التي هي عنوان نكبتنا، وهي التجسيد الاستعماري لوعد بلفور المشئوم.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.