الأمية كانت ومازالت من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمع العربي، وتقف عائقاً في طريق نموه وتطوره، وإن قراءة علمية واعية لما يصدر عن المكاتب المركزية للإحصاء، تجعلنا نصاب بالذهول، فقد بلغت نسبة انتشار الأمية في العالم العربي أكثر من (70) مليون أمي، ليسجل بذلك أعلى نسبة في العالم بالرغم من توسع التعليم. فالأمية هي عدم قدرة الفرد على القراءة والكتابة أما محوها فيعني الوصول بالأميين إلى مستوى تعليمي وثقافي يمكنهم من خلاله إفادة أنفسهم ومجتمعهم عن طريق المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب. وقد أولى ديننا الإسلامي الحنيف أهمية كبيرة للعلم والتعلم فأول آية نزلت في القرآن الكريم بدأت بـ "أقرأ" وهذا تأكيد من الله سبحانه وتعالى على أهمية العلم، وكذلك قيل قديماً "أطلب العلم ولو في الصين"، "وأطلب العلم من المهد إلى اللحد". وبسبب ما يعانيه الفلسطينيون من أوضاع سياسية واقتصادية صعبة كان لا بد أن ينعكس ذلك على حياتهم اليومية، سوى التعليم، حيث أن الإحصائيات كشفت مؤخراً عن انخفاض معدل الأمية في فلسطين لتسجل أقل المعدلات في العالم، ولتحتل القمة في نسب عدد المثقفين، ولأهمية العلم تم افتتاح مراكز لمحو الأمية لمن لم يتمكن من الانتظام في مقاعد الدراسة منذ الصغر. [title]مراكز متميزة[/title] وأفاد الدارسون الذين تعلموا القراءة والكتابة في مراكز مدينة خان يونس لمحو الأمية أن ثقتهم بأنفسهم قد زادت، بعد التحاقهم بهذه المراكز ليصبحوا آباء أفضل كما قالوا لمراسل [color=red][b]"موقع فلسطين الآن"[/b][/color]، مبينين أنهم قد حصلوا على فرص عمل جيدة، وأصبحوا قادة اجتماعيين وازنين. وذكر الدارسون، أن مهاراتهم الأساسية قد تحسنت، وأن احترامهم لذواتهم وقدرتهم على حل المشكلات قد ارتفعت، وانخرطوا في شؤون المجتمع المحلي، وزادت رغبة أبنائهم في التعلم، وتحسنت اتجاهاتهم نحو التعلم والتحصيل في القراءة والقدرة على الكتابة ومعلوماتهم في العلوم والرياضيات. [title]قصة نجاح[/title] "ناجي عصفور" يفتح قلبه لمراسل موقع [color=red][b]"فلسطين الآن"[/b][/color] ويتحدث عن هدايا القدر، فيقول: بعد تعرضي لعديد الإحراجات بسبب عدم مقدرتي على القراءة والكتابة تشجعت بالالتحاق في أحد مراكز محو الأمية في محافظتي. ويبلغ عصفور من العمر (46 عاماً) وله من الأبناء ستة بالإضافة إلى حفيدين من إحدى بناته ويقطن في بلدة عبسان الجديدة في المنطقة الشرقية لخان يونس. و ذكر عصفور -الذي يعمل في بلدية عبسان- إن من الفوائد التي حصلت عليها بعد التحاقي بمركز محو الأمية ارتفاع مستوى المهارات الأساسية لدي، واكتساب الثقة بالنفس واحترام الذات، وزيادة التواصل في العمل، وتحسن الأداء فيه، والدافعية، واكتساب الثقة في التعليم. ويتابع إني حصلت على الترتيب الأول على مستوى محافظة خان يونس في الاختبار الشامل، مشيراً إلى أن الخوف من تعلم مهارات جديدة قد تلاشى، وتغير الاتجاهات نحو التعلم بشكل عام، وزيادة القدرة على التكيف مع التغيرات، والثقة في زملاء العمل. وعزى عصفور أن سبب انقطاعه عن الدراسة في سن مبكر وعدم انتظامه في المدرسة وفاة والده عندما كان عمره 13 عاماً، ولأنه أكبر إخوته كان يحتم عليه تحمل المسؤولية في هذا السن المبكر، حيث أنه ترك المدرسة وتوجه للعمل لإعالة أسرته ليحفظها من التشرد والضياع. ولأن عصفور يقطن في بلدة عبسان الجديدة اضطر لقطع مسافات كبيرة للانتقال لمركز محو الأمية في بلدة القرارة ليحصد بعد عامين الترتيب الأول على المحافظة. [title]العامل الناجح[/title] أما الطالب "عثمان العبادلة" (28 عاماً) الحاصل على ترتيب السابع على مستوى المحافظة في اختبار الشامل، فيقول: إنه استطاع أن يسقل شخصيته في مركز محو الأمية، مبيناً أن نظرة المجتمع له قد تغير بعد استطاعته القراءة والكتابة. وبين العبادلة أنه يشعر الآن بقيمته في مجتمعه وأنه أصبح فرداً نافعاً من الممكن للمجتمع أن يستفيد منه بعدما كان عالة عليه، حسب وصفه. وتزوج العبادلة قبل عامين ورزق بطفلين ويعمل في مهنه الديكور والجبس في محافظة خان يونس، ليصبح بعد التحاقه بمركز محو الأمية من العاملين المتعلمين. [title]مركز وفوائد [/title] من ناحيته قال رامي الأسمر المشرف على مركز محو الأمية في بلدة القرارة، إن محو الأمية يشكّل حقاً من حقوق الإنسان وأداة لتعزيز القدرات الشخصية وتحقيق التنمية البشرية والاجتماعية، "فالفرص التعليمية تعتمد على محو الأميّة". ولفت إلى أن لبرامج محو أمية الكبار فوائد تعود بالنفع على الأفراد والمجتمعات وتسير قدماً بعجلة التطور والرقي للمجتمعات النامية والمتقدمة. وأوضح أن مركزه حصل على المرتبة الأولى على مستوى محافظة خان يونس، بتفوق جميع المتقدمين لاختبار الشامل لهذا العام، مشيراً إلى أن عدد المتقدمين لاختبار الشامل في خان يونس بلغ (76) طالباً وطالبة، بنجاح بلغ 86%. [title]محو الأمية ضرورة وطنية [/title] من جهته أشار "محمود شامية"- المتخصص في الشؤون المجتمعية- إلى أن لبرامج محو الأمية تأثير ايجابي على عدد من المشكلات الاجتماعية مثل مشكلات الصحة والتغذية ومعدلات التسرب من المدرسة والتحصيل الدراسي المنخفض. وبين أن محو الأمية يشكل نواة التعليم الأساسي للجميع، وهو عامل ضروري للقضاء على الفقر، والحد من النمو السكاني، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وضمان التنمية المستدامة والسلام والديمقراطية. وأوضح شامية، أن برامج محو الأمية تشجع على بلوغ مستويات علمية أعلى، بالإضافة إلى أن الأهالي المتعلمين مهيؤون أكثر من الأميين لإرسال أولادهم إلى المدارس، كما أن الأشخاص المتعلمين أقدر من الأميين على الإفادة من الفرص التعليمية التي تتجلى باستمرار. [title]إحصائيات وأرقام[/title] أما الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فكشف عن انخفاض معدل الأمية بين الأفراد من 15عامًا فأكثر من 13.9 في المئة عام 1997 إلى 5.1 في المئة عام 2010، ليكون معدل الأمية بين البالغين في فلسطين من أقل المعدلات في العالم. واعتبرت رئيسة الجهاز "علا عوض"، أن معدلات الأمية بين البالغين في الأراضي الفلسطينية من أقل المعدلات في العالم، إذ بلغت نسبة الأمية بين الأفراد 15 سنة فأكثر 5.1 في المئة، بواقع 2.4 في المئة للذكور و7.8 في المئة للإناث في العام 2010، مشيرة إلى أن ذلك يعني أنه من بين كل (1000) فرد عمره 15 سنة فأكثر هناك (51) فرد أمي فقط. وبلغ عدد الأميين في الأراضي الفلسطينية حوالي (120.402) أمي أعمارهم 15 سنة فأكثر في العام 2010، يتوزعون بواقع (79.548) أمي في الضفة الغربية و(40.854) أمي في قطاع غزة. وقالت: "حسب الجنس هناك (28.478) ذكر أمي، و(91.924) أنثى أمية. أما حسب مكان السكن فأنهم يتوزعون بواقع (81.984) أمي في التجمعات الحضرية و(26.149) أمي في التجمعات الريفية و(12.269) أمي في المخيمات". وأضافت: "على مستوى العمر فقد أظهرت البيانات أن نسب الأمية بين الأفراد كبار السن 65عامًا فأكثر كانت الأعلى بالمقارنة مع الفئات العمرية الأخرى، فقد بلغت 54.4 في المئة في العام 2010، في حين بلغت بين الشباب 15-24 عامًا 0.8 في المئة لنفس العام".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.