لا تسأل عن الحبّ، واسأل عن الواجب. كان هذا جواباً على من سألني: هل يحب محمود عباس شعبه؟ سؤال الحب والكراهية تدخل سافر في الأمور الشخصية. هل يحب عباس صفد مدينة فلسطينية أم مدينة عبرية؟ لست أدري. ولكن أدري أن الواجب الوطني يقتضي منه التمسك بصفد أرض الآباء والأجداد، لأن الشعب الفلسطيني كله بطوائفه ومؤسساته ومساجده وكنائسه يجمعون على التمسك بالوطن، وبحق العودة إلى الوطن. القانون الفلسطيني، والقانون الأردني ينزع الشرعية الوطنية عن من يبيع الأرض لليهود، حتى ولو كانت الأرض دونما واحداً مسجلاً في الأملاك الخاصة. وأحسب أن القانون الفلسطيني حاسب تجار الأراضي، وحاسب السماسرة، وهو أبلغ في حساب من يتنازل أو يفرط، لأن فلسطين ليست ملكاً لرئيس أو لفصيل. إنها ملك الشعب وملك الأمة. لست أدري هل كان محباً لشعبه، أو كارهاً له حين صدمه بتصريحه لمذيع صغير على القناة الثانية، وجهلي بالإجابة لا يمنعني من السؤال المقابل هل كان نيرون يحب روما حين أحرقها أم كان يكرهها؟ لست أدري ؟!! المرء لا يحرق ما يحب، ولا يفرط بما يحب؟!! محمود عباس رئيس فتح، ورئيس السلطة الوطنية؟! ورئيس اللجنة التنفيذية، ومن كان في هذه المناصب الرفيعة لا يُعبر عن مواقف شخصية حين يزعم أمام الإعلام أنه ليس له الحق في العودة إلى صفد؟! وإنما يُعبّر عن مناصبه، وعن شعبه، ومن هنا استنكر الشعب الفلسطيني قاطبة تصريحاته، وطالب الشباب والفصائل بنزع الشرعية عنه بقولهم بجملة مختصرة: "عباس لا يمثلني". يجدر بفتح قبل غيرها أن تسأل: لماذا أشعل عباس النار في حق العودة الذي هو رأس الثوابت الفلسطينية؟! ولماذا اختار ذكرى وعد بلفور رقم 95 ليحرق ضمير الأمة، وتاريخها ودينها. فلسطين لمن يبسط الأمور (أمة – وتاريخ – وعقيدة)، ومن يشعل النار في حق العودة يشعلها في الأمة وفي التاريخ وفي العقيدة، ومن هنا جاء غضب الشعب. عباس لا يمثلني!! ما قاله عباس لا علاقة له بالسياسة ولا بالمناورات الدبلوماسية كما يزعم أحفاده، والخواجا لن يرضى. والتذلل لا يعيد حقاً، ومن يئس من المستقبل بسبب ثقل الواقع ومرارته لا يجوز له الزنا بحق العودة، بل عليه أن يجلس في بيته، ويترك القيادة لمن عنده أمل بالحياة والعودة. الشعب مصدر السلطات، ومن حقه أن ينزع الشرعية عمن فقد المسؤولية، وتجاوز الواجب. ولقد غلط عباس غلطاً كبيراً، وارتكب خطيئة كخطيئة بلفور، ولكن الثاني وزير في حكومة بريطانيا، والأول رئيس فلسطيني، ومن حق الشعب الذي عاش القهر على يد بلفور 95 عاماً أن يرفض قهراً جديداً على يد رئيس فلسطيني مخرجات أقواله هي مخرجات بلفور نفسه. الأوطان أكبر من الرجال، وحق العودة حق وطن وحق شعب والوطنيون يحملون ضمير أمتهم، ويتحملون مسؤوليات مناصبهم، وعباس لم يعبر عن ضمير وطنه وشعبه، ولم يتحمل مسئوليات مناصبه، فهو لا يمثلني؟!
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.