ما أن أطلق محمود عباس تصريحاته عبر القناة الصهيونية، والتي أعلن خلالها بوضوح تام تنازله عن أحدى ثوابت الشعب الفلسطيني الأساسية وهو حق العودة إلي المدن والقرى التي هجر منها شعبنا عام 48 وتأكيده أن فلسطيني تمثل بالنسبة له فقط الضفة وغزة والقدس الشرقية، حتى بدأت حالة من الغضب غير المسبوق تعم الأراضي الفلسطينية والشتات، وبدأت ردود الفعل الغاضبة على ما وصفت بأنه ( خيانة عظمة ) بحق الشعب الفلسطيني تنزل كالمطر على عباس وسلطته. وسرعان ما وجدت السلطة نفسها في حرج شديد من تصريحات رئيسها فبدأت قيادات السلطة والمتحدثين باسمها يحاولون تبرير الكلمات الواضحة التي ألقى بها عباس في وجه الشعب الفلسطيني، فعمدت قيادات فتح والسلطة على إطلاق تصريحات وصفها البعض بأنها متخبطة وغير محسوبة وكأن أبرزها: 1. أن السلطة ستكشف قريباً عن اتصالات سرية تمت بين إسرائيل وأطراف عربية وفلسطينية بهدف عرقلة وصول السلطة إلي الأمم المتحدة. 2. قالت السلطة أيضاً إن حماس تفاوض الاحتلال عبر وسيط أوروبي وبشكل سري على دولة مؤقتة. الملاحظ أن قيادات السلطة وحتى عباس نفسه استخدم ذات العبارة التي لا يعلم أحد من أين جاءت حول قبول حماس بدولة مؤقتة على أي بقعة من فلسطين، وبات البعض يتساءل ما هي الدولة المؤقتة وما هو الموقف الحقيقي لحماس من قيام الدولة الفلسطينية، وما هو الفرق بينها وبين السلطة إن قبلت أن تقيم دولة على حدود 67م. لكن المتابع للتاريخ يدرك أن مواقف حماس فيما يخص الثوابت لم تتغير على الإطلاق، ولطالما قالتها حماس بصوت عالي ربما يتغير التكتيك وآليات الوصول للأهداف الكبرى ( الثوابت ) لكن الثوابت لا مساس بها، وأن المجموع الوطني وإن إختلف في كل التفاصيل اليومية والتكتيك السياسي لمواجهة الاحتلال، إلا أن الاجماع يجب أن يبقى قائم على أن المساس بالثوابت خط أحمر لا يمكن تجاوزه. حماس وعبر مؤسسها الشهيد أحمد ياسين قالت "أنها مع إقامة دولة فلسطينية على أي شبر من الوطن دون التنازل في المقابل عن بقية فلسطيني من النهر إلي البحر ومن رأس الناقورة إلي أم الرشراش"، وبالعودة إلي التاريخ نجد أن كلام الشيخ ياسين قيل في معرض سؤال وجه له حول أن حماس تعرقل جهود السلطة في الوصول إلي دولة فلسطينية وعدت بها عام 1999م، فكان رد الشيخ كما أسلفنا ذكره، وليس كما قال البعض أنها " دولة مؤقتة". ويظهر بوضوح أن هناك ثلاثة فوارق أساسية بين موقف حماس وبين موقف فتح والسلطة إزاء القضية الفلسطينية وتحديداً الحدود الجغرافيا لفلسطين وقضية حق العودة تتلخص في التالي: 1. فتح وعبر الرئيس عباس تقول أن فلسطين هي فقط حدود العام 67م وأن باقي فلسطين هي دولة إسرائيل والقدس الغربية عاصمة لها. وفي المقابل تقول حماس أن فلسطيني هي فلسطين التاريخية بمساحتها المعروفة 27 ألف كيلو متر مربع من النهر إلي البحر، وأن إقامة دولة فلسطينية على أي جزء من الوطن يأتي ضمن إستراتيجية التحرير وليس نهاية المطاف في المواجهة مع الاحتلال. 2. فتح وعبر رئيسها محمود عباس تقول أن حق العودة هي حرية شخصية للشعب الفلسطيني وأن من أراد العودة فله ذلك ومن قبل التعويض فهذا حقه. بينما تتمسك حماس بقوة بضرورة حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلي مدنهم وقراهم التي هجروا منها قصراً، وأن هذا لا يلغي حقهم في التعويض عن سنوات التهجير. 3. فتح والسلطة تقول بوضوح أن المقاومة المسلحة غير موجودة في قاموسها، وأبو مازن قال لن نسمح بانتفاضة مسلحة طالما أنا على رأس هرم السلطة وحركة فتح. بينما تقول حماس أن المقاومة المسلحة هي الخيار الاستراتيجي لتحرير فلسطيني، وأن كل أشكال المقاومة الأخرى السلمية والثقافية والشعبية هي خيارات تكتيكية ليست أكثر من ذلك، وأن البندقية هي وحدها الكفيلة بتحرير فلسطين.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.