لا تتوقف فضائح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عن الخروج للعلن يوما بعد يوم وكان آخرها ما كشفه مستشار محمد بن نايف السابق سعد الجبري، في دعواه ضد ولي العهد أمام المحاكم الأمريكية تلك الدعوى التي فجرت ضجة كبيرة.
دعوى الجبري المرفوعة في محكمة بواشنطن، كشفت أنه كان قد التقى برئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكي عام 2015 لتحذيره من أن بن سلمان كان يشجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على التدخل في سوريا، وأنه بعد شهرين من هذه الحادثة وتحديداً في سبتمبر 2015، أرسلت روسيا قواتها إلى سوريا، فيما تمت إقالة الجبري كنوع من “الانتقام” منه، من قبل بن سلمان.
وأغضب تصرف بن سلمان الأمريكيين بشكل كبير، وتحديداً رئيس وكالة المخابرات المركزية آنذاك جون برينان، وكان من المدهش اجتماعات الجبري مع الأمريكيين قد حدثت قبل شهرين على الأقل من تدخل روسيا في سوريا، في ذلك الوقت، تفاجأت الولايات المتحدة بقرار موسكو نشر قوات في سوريا، بينما كان من المفترض أن الرياض تساعد المعارضة السورية ضد نظام الأسد.
صحيفة “واشنطن بوست” تقول في هذا الشأن إن الدعوى القضائية للجبري تحتوي على ادعاءات حول سبب طرده من منصبه في سبتمبر 2015، بعدما ظل لعقد من الزمان كواحد من أهم جهات الاتصال في السعودية بالنسبة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية بشأن مكافحة الإرهاب. وتزعم تلك الشكوى أن الجبري التقى في شهر يوليو مع جون برينان، رئيس وكالة المخابرات المركزية آنذاك، لتحذيره من أن محمد بن سلمان “كان يشجع التدخل الروسي في سوريا”.
بعد شهرين، أرسلت روسيا قواتها لسوريا، ووفقاً للدعوى القضائية، أُقيل الجبري انتقاماً من حديثه مع برينان، ووصلته رسالة مكتوبة من الملك سلمان أنه تمت إقالته بسبب اللقاءين غير المصرح بهما مع برينان.
الجبري وعلاقته بالمخابرات الأمريكية
وبحسب مسؤولين أمريكيين فقد لعب الجبري دوراً أساسياً في العديد من الملفات الأمنية الحساسة في المنطقة، من بينها محاربة القاعدة وحماية منشآت النفط السعودية، وكان على تواصل مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية حول العراق وسوريا وإيران واليمن.
واعتبر مشرعون أمريكيون أن التقارير بشأن محاولة فرقة محمد بن سلمان اغتيال الجبري ذات مصداقية، ووصفوا تفاصيل الوقائع الواردة في دعوى الجبري بالمروعة.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة 7 أغسطس 2020، تعقيباً على الدعوى القضائية المرفوعة ضد محمد بن سلمان، إن “الجبري كان شريكاً تثمِّنه واشنطن وعمِل معنا لضمان أمن الأمريكيين والسعوديين”.
وأضافت الوزارة في بيان لها أن الجبري “كان لسنوات شريكاً في جهود مكافحة الإرهاب، ونقدر مساهماته للحفاظ على أمن مواطنينا، وأي اتهامات بإساءة التصرف ضد الجبري يجب التعامل معها عبر القضاء وبشفافية كاملة”.
كما دعت الخارجية الأمريكية الرياض إلى الإفراج عن أفراد عائلة الجبري وعدم اضطهادهم، والإفصاح عن أوضاعهم. وعبَّرت واشنطن أيضاً عن قلقها إزاء ما يقال عن أنشطة أدت إلى فرار الجبري إلى كندا، “وأي اضطهاد لعائلته أمر غير مقبول”.
كان الجبري الضابط السابق بالمخابرات السعودية الذي يعيش حالياً في المنفى بكندا، قد عمِل مستشاراً فترة طويلة للأمير محمد بن نايف. وحلَّ الأمير محمد بن سلمان في 2017 محل بن نايف في ولاية العهد، ما جعله الحاكم الفعلي للسعودية الحليف المقرب للولايات المتحدة.
وكان أشخاص مطلعون لـ”رويترز” قد قالوا سابقاً، إن الجبري مطَّلع على وثائق تحتوي على معلومات حساسة يخشى ولي العهد أن تسبب ضرراً له.
والدعوى القضائية المؤلفة من 107 صفحات والمرفوعة ضد ولي العهد السعودي و24 آخرين أمام محكمة اتحادية في مقاطعة كولومبيا، قال فيها الجبري إن ولي العهد أرسل فرقة قتل إلى كندا في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2018.
الدعوى القضائية التي تطالب بتعويضات يتم تقدير قيمتها أثناء المحاكمة، تقول: “سافر فريق من السعوديين عبر المحيط الأطلسي من السعودية بنيّة قتل الدكتور سعد”. تشير الدعوى القضائية إلى أن فريق الاغتيال كان مؤلفاً من مجموعة مقربة من ولي العهد تسمى فرقة النمر، وكانوا يحملون حقيبتين تحتويان على أدوات تحقيقات جنائية، وكان من بينهم شخص يعلم كيفية تنظيف مسرح الجريمة من الأدلة.
وأضافت أن الرجال “حاولوا دخول كندا بشكل مستتر، إذ سافروا بتأشيرات سياحية”، وتظاهروا بعدم معرفة بعضهم بعضاً. لكن ضباط الحدود ارتابوا في الأمر، حيث عثروا على صورة تُظهر عدداً منهم معاً، “ما كشف كذبهم وأحبط مهمتهم”.
وحدثت تلك الواقعة بعد أقل من أسبوعين من قتل عملاء سعوديين للصحفي جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية في إسطنبول. وتعرَّض ولي العهد محمد بن سلمان، لانتقادات دولية، بسبب قتله، الذي قالت مصادر في الحكومة الأمريكية، إن وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.إيه) تعتقد أن ولي العهد وافق عليه بل ربما أمر به أيضاً.