أقدم الأمير على ما لم يجرؤ عليه أي زعيم عربي أو إسلامي وقدم إلى غزة رغم التهديدات والغارات الإسرائيلية قبيل قدومه بيوم واحد والتي كانت تهدف إلى دفعه إلى التراجع عن نيته. كسر حصار غزة المفروض عليها منذ ست سنوات وجلب معه فوق 400 مليون دولار ومعها آمال إعمار البلاد وإيواء العائلات المشردة وتشغيل عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل وتحريك عجلة الاقتصاد. حمل معه رسالة تعبر عن رغبة غالبية الفلسطينيين بإنهاء الانقسام المقيت وتوحيد الصفوف لمواجهة تهويد القدس وانتشار السرطان الاستيطاني الخبيث في جسد الضفة في الوقت الذي تدور فيه الفصائل الفلسطينية في ساقية من سينزل عند رغبة الآخر. وفيم احتفى السواد الأعظم من الشارع الفلسطيني بهذه الزيارة وقدّر شهامة وشجاعة الزائرين عجّل البعض بافتراض سوء النية والتقليل من شأنها بفرضها تعزّز الانقسام الفلسطيني وتعطي الشرعية لحماس، أو أنها لم تكن لتحدث إلا بمباركة أمريكية لتدقّ المسمار الأخير في نعش المقاومة! وترى هؤلاء يتحدثون وكأنهم محللون سياسيون من الطراز الأول مرددين كلاماً سمعوه أو قرؤوه دون أن يعرفوا مصدره أو يفهموا فحواه أو الغرض منه. فهل عززت الزيارة الانقسام الفلسطيني؟ أطلب من الزاعمين أن يسألوا أنفسهم هل توصل الفصيلان إلى إنهاء الخلاف بينهما إلى أن جاءت هذه الزيارة لتضرب بهذا الاتفاق عرض الحائط؟ نعلم جميعاً علم اليقين أن الانقسام اليوم واقع لا تزيد فيه زيارة أو حتى اعتراف، ولكن الجديد هو دعوة الأمير إلى إنهاء الانقسام من أرض غزة وعلى الملأ في خطاب واضح لا يحتمل التأويل.وماذا عن المقاومة والمؤامرة الأميركية الصهيونية التي تستهدفها بأموال خليجية؟أقول لهؤلاء ألم تشككوا أصلا بوجود المقاومة أو الجدوى منها؟ كفانا حديثاً عن مؤامرات نرمي عليها أحمالنا وتخاذلنا ولنرى الحقيقة على ما هي: عدونا الحقيقي كامن على مرمى حجر منا يضرب بيننا الأسافين فيم يعزز احتلاله لأرضنا وتدميره لاقتصادنا. وما جاءت زيارة الأمير إلا ضربة موجعة لخطته في عزلنا عن العالم. أما الهدف منها فهو وفاء رجل يتمتع بحس قومي عال ورؤية أكبر من حجم بلاده وشجاعة عزّت في أيامنا هذه لعهد قطعه على نفسه لإعادة اعمار القطاع بعد أن دمرته الحرب وأمعن الحصار في الإجهاز عليه، في حين ذهبت وعود الآخرين من أشقاء عرب ومسلمين أدراج الرياح. غزة أعيتها الحروب وخنقها الحصار ولا تحتاج إلى مكابرة من أحد.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.