كان الشعب الفلسطيني يستعد لتجديد عهده برفض وعد بلفور وتحميل بريطانيا مسئولية الجريمة التاريخية التي أودت بفلسطين وشعبها، وإذا محمود عباس يفاجئ الجميع باعترافه بمضمون وعد بلفور ويُقِرُّ بشرعية (إسرائيل)، ويؤكد بلا حياء أن فلسطين هي الضفة وغزة والقدس الشرقية، ويعلن على الملأ تنازله عن مسقط رأسه صفد، وكأنه يطالب الفلسطينيين بالاقتداء به. إن عباس ارتكب جريمة لا تُغتفر، ولا يصلح معها الاعتذار ولا التراجع، وإنما عليه الاستقالة والرحيل، وهو لم يعد يمثل اللاجئين؛ لأنه فرَّط بحقوقهم وتنازل عنها ونفى حقهم في العودة. وهو لا يصلح أن يكون قائدًا؛ لأن القائد يكون أكثر الناس إيمانًا بقضيته وبحقوق شعبه، ولا يكون أول المتنازلين. إن شعبنا الفلسطيني كما لعن بلفور 95 سنة سيلعن عباس على مدى الزمان. ولم يكن بعيدًا عن شطحات عباس أن يذهب إلى الأمم المتحدة لطلب عضوية غير كاملة لفلسطين، لماذا يفعل ذلك عباس وقد حصل ذلك بالفعل في قرار رقم 177 للدورة 43 بتاريخ 15/12/1988م؟!، هل يريد تأكيد تنازله عن فلسطين المحتلة عام 1948م؟!، أم يريد تأكيد اعترافه بـ(إسرائيل) ورغبته في التعايش معها بسلام وحفظ أمنها؟!، أم يريد شطب منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية معًا، واستبدال دولة فلسطين المنقوصة بهما؟! إن عباس لم يستشر الشعب الفلسطيني عبر ممثليه، ولم يأخذ موافقة من الإطار القيادي لمنظمة التحرير الذي نصت عليه المصالحة الفلسطينية، وهو يقود الشعب نحو هاوية سحيقة. إن عباس لا يمثل إلا نفسه والشرذمة القليلة من حوله، ولن يعترف الشعب الفلسطيني بما يوقعه عباس ويلتزم به؛ لأنه لا تمثيل لمفرِّط. وفي سوريا ذلك الجرح النازف، يهرب منه اللاجئون الفلسطينيون في كل اتجاه، إلا صوب أراضيهم المحتلة عام 1948م، لماذا؟!، أليس الأجدر أن يتوجه كل فلسطيني يرغب في الخروج من سوريا إلى موطنه الأصلي بدلًا من تجريب التشرد واللجوء مرات عديدة؟!، ماذا عسى (إسرائيل) أن تفعل بهم؟!، لا شيء: إما أن تتركهم يدخلون أراضيهم، وإما تمنعهم فيرابطون على حدودها ويُعرّون وجهها القبيح أمام العالم، وما مَثَلهم إلا قول الشاعر: "وإن كنت غريقًا فما خوفي من البللِ؟!". إن على سوريا نظامًا وشعبًا أن تكرم ضيوفها اللاجئين، وألا تزج بهم في أتون الصراع الدائر، رغم حسرة قلوبنا على شعبنا السوري الصامد، وعلى ما ألمّ به من ويلات وقتل ودمار، لكن نصف مليون فلسطيني يجب ألا يكونوا وقودًا في هذا الصراع؛ ففلسطين أوْلى بهم. وعلى دول الجوار أن تكرم نُزلهم إلى حين ميسرة، وعلى القيادات الفلسطينية أن تقف موقفًا مسئولًا تجاه شعبها الفلسطيني في سوريا؛ فتؤمِّن طريق خروج من يرغب في الخروج، وتؤمِّن بقاء من يرغب في البقاء، ولا عذر لمتقاعس. وما فتئت المؤامرات تُحاك لشعبنا ولقضاياه الثابتة، فها هي (الأونروا) تعلن صراحة عزمها على تدريس المحرقة اليهودية في ألمانيا (الهولوكوست) لطلاب مدارس الوكالة في مناطق عملياتها الخمس، وكأنه لا ينقص شعبنا إلا أن يتعاطف مع قتلته الناهبين لحقوقه وأرضه والمضطهِدين له. إن هذه المؤامرة ليست عطفًا على بني البشر المسحوقين، وإنما هي تطبيع مع أعداء الأمة، وترويض لأجيال اللاجئين من أجل التعايش السلمي معهم، ولو كانت (الأونروا) صادقة في رغبتها بتدريس معاناة البشر لقامت بتدريس نكبة فلسطين والمجازر التي ارتكبها الصهاينة اليهود على مدار 64 سنة. إن على (الأونروا) ومَن يقف وراء هذه الأفكار الشيطانية أن يحذروا غضبة الشعب الفلسطيني ولاجئيه، ولا نشك أن أول من سيطالهم غضب الشعب هم موظفو الوكالة المتبنون لهذه المؤامرة؛ لأن اللاجئين لن يتركوهم يعبثون بعقول أجيالنا دون عقاب.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.