لم تجنِ الإمارات العربية شيئاً يذكر للقضية الفلسطينية، فتعليق الضم مقترن بالأوضاع الداخلية الإسرائيلية، والوقت الذي اشتراه قرقاش وزير خارجية الإمارات لتعليق الإسرائيليين الضم ـ كما قال ـ كان ثمنه فادحاً، وعلى حساب القضية الفلسطينية، ولن تجني دولة الإمارات لشعبها شيئاً من التطبيع مع (إسرائيل)، فهي بلاد نائية جغرافياً عن (إسرائيل)، ولها من القدرات المالية ما يؤهلها لاقتناء ما تشاء من التكنولوجيا والتطور العلمي بعيداً عن صلف (إسرائيل)، وبعيداً عن اتفاقيات تمثل خدمة مجانية للاحتلال، وقد دللت تجارب الشعوب على أن الاتفاقيات التي لا تقوم على الندية وتكافؤ القدرات، سيكون فيها رابح وخاسر وفق موازين القوى.
وحتى سنوات خلت ظلت قاعدة التعامل الإسرائيلي مع القضية الفلسطينية تقوم على نظرية: تحقيق السلام مع الفلسطينيين هو الطريق الوحيد للوصول إلى قلب العالم العربي، حتى إذا اشتد ساعد اليمين الإسرائيلي، وأمسى مطمئناً على مستقبل الدولة، استعان نتنياهو بجهاز الموساد الإسرائيلي لتطبيق نظريته الجديدة التي تقوم على أن السلام مع الدول العربية هو الطريق إلى حل القضية الفلسطينية.
وبين النظريتين فسحة سياسية تسمح بتحقيق المصالح الاستراتيجية للإسرائيليين، وتشكل مدخلاً للالتفاف على مصالح الفلسطينيين، بما في ذلك تجاوز كل القرارات الدولية التي طالبت بالانسحاب إلى حدود 67، وتجاوز مقررات المؤتمرات العربية التي اشترطت الحل العادل للقضية الفلسطينية مقابل التطبيع مع الدول العربية.
لقد اعتمد رئيس الوزراء الإسرائيلي في تطبيق نظريته الجديدة على الأوضاع العربية الممزقة، وعلى غياب الإجماع العربي، ومن ثم غياب الفعل الفلسطيني الميداني المؤثر على الحالة الأمنية الإسرائيلية، ولا سيما في الضفة الغربية، وهذا الهدوء المصطنع شجع الإمارات على مواصلة اللقاءات والزيارات للإسرائيليين حتى الوصول إلى التطبيع الكامل.
وحتى يتوقف هذا الانحدار، وكي لا تنتقل عدوى التطبيع إلى دول عربية أخرى، ولإحراج كل الأطراف التي وجدت بالحالة الفلسطينية منفذاً للولوج إلى الحظيرة الإسرائيلية، فإن سحب الاعتراف بإسرائيل يمثل طعنة نجلاء في صدر المطبعين، وقد يكون التصعيد على كل الجبهات حافزاً للشعوب العربية كي ترفض التطبيع، فالتصعيد على كل الجبهات يقدم إسرائيل بوجهها الحقيقي للشعوب العربية، ولا سيما لأهل الخليج.
وكي يكون التصعيد فاعلاً لا بد من التوافق الفلسطيني على إستراتيجية عمل مشتركة، وأزعم أن هذا هو الوقت المناسب للفعل الميداني ضد الاحتلال، لا لإحراج ابن زايد فقط، وإنما لتحريك المشاعر الوطنية ضد عدو العرب، ولخلق حالة وجدانية ضاغطة على كل من يفكر في التطبيع.
ملاحظة: جاء في خطة السلام بين الإمارات و(إسرائيل): يجوز لجميع المسلمين أن يأتوا لزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه، وينبغي أن تظل الأماكن المقدسة الأخرى في القدس مفتوحة أمام المصلين من جميع الأديان!