حددت قيادة المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي ثلاثة احتمالات للوضع القائم في قطاع غزة، ثلاثة احتمالات تبدو متباعدة، ولكنها متداخلة، ولا تسمح لصاحب القرار السياسي لدى الكيان إلا أن يعاود حساباته وفق الواقع، وبما تقرره قيادة غزة.
الاحتمال الأول: العودة للتهدئة، وهذا الاحتمال رفضته غزة من خلال الفعاليات القائمة على الخط الفاصل، ولا عودة للتهدئة كما كانت في السابق، ولن توقف غزة أعمال المقاومة بكافة أشكالها حتى ترفع إسرائيل حصارها عن غزة، وتنهي الاحتلال.
العودة للتهدئة مقابل تهدئة جريمة سياسية وإنسانية لن يسمح بها أهالي قطاع غزة، فالموت ألف مرة في ساحات المواجهة أهون على الناس من العودة إلى التنفس الاصطناعي، وتلقي بعض المساعدات من هنا وهناك، غزة تفتش عن حياتها.
الاحتمال الثاني من وجه نظر القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي يعتمد على استمرار الوضع القائم حالياً، والمقصود هنا؛ بقاء الشد والمد ضمن حدود الإرباك الليلي، وإطلاق البالونات، والرد الإسرائيلي بقصف محدود دون إصابات، وهذا الاحتمال مرفوض من قبل غزة، وسيواصل شباب غزة طعناتهم للثور حتى يتشقق جلده، فغزة قررت أن تصعد من خطواتها تدريجياً، وحتى لا يتأقلم المستوطنون على مستوى معين من الإرباك، فما تخبئه غزة في هذا المجال كثير، ومجال الإبداع مفتوح، وقد ينتقل فن المقاومة من غزة إلى الضفة الغربية.
الاحتمال الثالث وهو التصعيد، وهذا ما لا تخشاه غزة، فهي ماضية حتى النهاية، وقد اختبرت كافة أشكال التصعيد، ولن يكون القادم بكل تفجيراته واحتباسه الحراري أسوا من الحاضر، فغزة التي أرهقها الحصار ستقاتل، ولن تسمح لمن قطع الأكسجين عن أهلها بأن يتنفس الهواء، فغزة إرادة رجال، وقرار جماعي بالمواجهة، وهذا ما يخشاه الأعداء، فخسائرهم المعنوية من التصعيد مع غزة تفوق كثيراً خسائرهم العسكرية، فالجيش الإسرائيلي الذي تجاوزت ميزانيته 20 مليار دولار سنوياً لا يحتمل الفشل على بوابات غزة، ومجرد العجز عن كسر ذراع غزة يعني انهيار المشروع الصهيوني في المنطقة كلها.
الوضع في غزة له احتمال واحد ووحيد، إنهاء الاحتلال، ورفع الحصار، وما دون ذلك عبث، وعلى قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، وعلى قادة الكيان الصهيوني أن يعوا الدرس، فغزة التي كسرت أصنام الخوف، وفجرت التردد لن تتراجع، وستفرض على عدوها أن يراجع حساباته، وأن يعود بعد شهر أو اثنين أو سنة من التصعيد إلى نقطة الصفر التي انطلق منها، وربما أقل قليلاً، فقد انتهى زمن الاحتلال، وغزة قررت كسر الحصار.