لمن يتابعون مسلسل تنازلات من يعرفون بالتيار البراغماتي الفلسطيني الذي بدأ في فرض رؤيته على القضية الفلسطينية منذ مؤتمر مدريد متجاوزا كل المواثيق و الثوابت بالذات المتعلقة باللاجئين و حق العودة و التعويض و وضع القدس، الجديد فقط أن هذه التنازلات التي قدمها و يقدمها المفاوض الفلسطيني انتقلت من الأدراج المقفلة و الملفات السرية الى العلن، و العجيب أن الشعب ما زال يستغرب أو يتوقع أي مواقف مشرفة من سلطة رام الله و هي التي أثبتت الوثائق التي نشرتها الجزيرة ضلوعها في التفريط المباشر بالقدس و المسجد الأقصى!. و بالرغم من صلافة و وقاحة التصريحات العلنية بالتنازل عن حق العودة من قبل من يسمى برئيس السلطة الفلسطينية الا أن مواقفه معروفة و ليست هذه بسابقة عليه و العدو الظاهر لا يخيف و لا يؤثر بقدر ما يخيف و يؤثر صمت الشعب عن ردعه و تخاذله عن القيام بواجبه في الدفاع عن المقدسات و على رأسها المسجد الأقصى المبارك !. هل نحتاج الى تصريح علني من السلطة الفلسطينية تعلن فيه رفع يدها تماما عن القدس و المسجد الأقصى و الدفاع عنهما حتى نعلم أن الأمر في غاية الخطورة و أن المسجد الأقصى على وشك التحول الى حال المسجد الإبراهيمي في الخليل الذي استولى عليه اليهود بشكل شبه كامل و أصبح المسلمون فيه زوارا غير مرحب بهم!. إن ما حل بالمسجد الإبراهيمي على وشك التطبيق الآن في المسجد الأقصى و ذلك بفرض تقسيم زمني على المسجد بين المسلمين و اليهود و هذا يسهل اقتحامات اليهود المتطرفين و يزيدها و يوفر لها الحماية الأمنية في مقابل التضييق على المرابطين و حرمانهم من دخول المسجد الأقصى لفترات تصل الى ستة شهور، و السماح لليهود المتدينين بالدخول الى ما يسمونه جبل المعبد و قدس الأقداس بقرب الصخرة هو تطور جديد و تغيير في المبادئ الدينية لليهود التي كانت تمنعهم من الصعود على الجبل حتى مجيء المخلص الذي سيقودهم لإعادة بناء الهيكل، و ما قيام الحاخامات بتغيير و إطلاق هذه الفتاوى الجديدة الا لتمكين اليهود من النفاذ الى المسجد الأقصى بحرية و احتلاله من الأعلى كما احتلوه من الأسفل بالأنفاق و المدن التوراتية!. و لمزيد من فرض سياسة الأمر الواقع أصدر المستشار القانوني لحكومة الاحتلال تعميما اعتبر فيه أن الأقصى جزء لا يتجزأ من دولة الاحتلال و تنطبق عليه القوانين الاسرائيلية لا سيما قانون الآثار و قانون التخطيط و البناء و بهذا تمكن العدو من وضع حد لأعمال الترميم التي تقوم بها الأوقاف بحجة أنها تعمل على هدم الآثار اليهودية في المكان بينما تستمر الحفريات برعاية الاحتلال و التي بلغ عددها حتى الآن 47 موقعا في جميع جهات المسجد الأقصى. إذا كنا موضوعيين و أمناء مع أنفسنا فلسنا أحسن حالا من عباس فهو فرط علنا بصفد و نحن نفرط كل يوم بالقدس و الأقصى بصمتنا المستمر و ما بين خيانة العلن و خيانة السكوت قد يضيع ما تبقى من فلسطين و مقدساتها!. إن القاء اللائمة و تحميل المسؤولية فقط للحكومات و السلطات الخائنة و نسيان الدور الشعبي في التصدي و المقاومة هو مشاركة في الجريمة، فلا تلوموهم، كلنا في التفريط شرق!. يوم 20-5-2012 اقتحم الحاخام اسرائيل أريئيل المسجد الأقصى، و هو من الجنود المظليين الذين ساهموا في احتلاله في حرب 67، و قال "لقد انتظرت خمسة و أربعين عاما لأتمكن من تلاوة صلاة الشكر على جبل المعبد". انتظر 45 عاما و حقق حلمه، و نحن انتظرنا 64 عاما ! أما آن لنا أن نحقق حلمنا بالتحرير و العودة و الصلاة في المسجد الأقصى؟!.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.