نشرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية تقريرا أشارت فيه إلى قضية تقاضي الأشخاص الملونين (آسيويين ومن أصول أفريقية) يتقاضون أجورا أقل من نظرائهم البيض في العالم.
وقالت الصحيفة في تقرير لها، إن "فجوة الأجور العرقية تكلف الإقتصاد مليارات الدولارات، وهي محاطة بالغموض. ومع كسب السود أقل من 60% من نظرائهم البيض، يعتقد النشطاء أن الآن هو أفضل وقت لإصلاح التوازن بين الفئتين مع تعافي الإقتصاد من إغلاق فيروس كورونا".
ويقول إتحاد "الصناعة البريطانية" إن الفشل في معالجة فجوة الأجور العرقية يكلف الإقتصاد البريطاني ما يصل إلى 24 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار) سنوياً وتلك المنظمات التي تضم أكثر الفرق تنوعاً سواء عرقياً أوثقافياً من المحتمل أن تزيد نسبة تفوقهم على أقرانهم من حيث الربحية بنسبة 33%.
ويعد الأمر الأكثر تعقيداً هو تحديد وتعريف مجموعة واسعة من الأشخاص من ذوي البشرة الملونة. في المملكة المتحدة على سبيل المثال فإن المجموعة العرقية البنغلاديشية كان متسوط أجرهم أقل بنسبة 20.2% من الموظفين البريطانيين البيض. أما أولئك الذين لديهم أعراق صينية وهندية مختلطة أو متعددة الأعراق يحصلون على متوسط أجور أعلى في الساعة من الموظفين البريطانيين البيض وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني.
ويزداد التعقيد أكثر فأكثر عندما يلعب الجنس دوراً رئيسياً. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، تكسب النساء السود اللواتي يعملن بدوام كامل 0.61 دولاراً فقط مقابل كل دولار يجنيه الرجال البيض، وفقاً لمركز القانون الوطني للمرأة.
ويقول معهد السياسة الإقتصادية، إنه حتى وعند التحكم في العمر والجنس والتعليم والمنطقة، فإن العمال السود يحصلون على أجور أقل بنسبة 14.9% من العمال البيض.
وفي المملكة المتحدة، وبغض النظر عن الجنس حصل الموظفون السود من الأفارقة أو الكاريبيين وغيرهم من المجموعات العرقية البيضاء الأخرى على أجور أقل بنسبة 5-10% من نظرائهم البريطانيين البيض بين عامي 2012و 2018.
ويسعى النشطاء أن تكون البيانات علنية بشكل أكبر حيث وقع أكثر من 130 ألف شخص على عريضة تطالب بإلزام الشركات التي تضم أكثر من 250 موظف بنشر بيانات الأجور المرتبطة بالانتماء العرقي.
ولكن من الصعب للغاية تحديد "سبب" حصول بعض الأشخاص الملونيين على أجور أقل من نظرائهم البيض - حيث أن هناك مزيج من الأسباب الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والمجتمعية- لأن البيانات لا تزال غير كاملة.
وقالت ساندرا كير، مديرة المساواة بين الأعراق في مؤسسة الأعمال الخيرية المجتمعية لمجلة نيوزويك " الأمر يتعلق حقاً بالإرادة السياسية لتحريكها على طول قائمة الأولويات".
وأضافت: "ما رأيناه في الوباء يشير إلى أنه عندما يريدون ذلك، فإنه يمكنهم تغيير القوانين، لذلك لا
يمكنهم أن يستخدموا التعقيدات والصعوبات كأعذار".
وبالنسبة لكير، كشف الوباء عن التفاوتات التي كنا على استعداد لتحملها لفترات طويلة جداً، والتفاوتات قد تعني الإختلاف بين الحياة والموت بالنسبة للبعض.
وتقول كير " إذا كان هناك وقت مناسب لإحداث التغيير فهو الآن، لا داعي للإنتظار. لقد سلطت جائحة كورونا الضوء على العديد من الفوارق التي كانت موجودة على المدى الطويل والمرتبطة بالوظيفة ورواتب الناس وسبل معيشتهم. وما يمكن أن يحدثه تأثير ذلك إذا ما لم يتم معالجته، زيادة شفافية الأجور ستساعد في تحسين بعض هذه النتائج خاصة للأقليات الأكثر حرماناً".
مراجعة ماكجريجور سميث التي تمت بتكليف من الحكومة في القضايا التي تؤثر على موظفي الأقليات العرقية في مكان العمل قالت إن الفشل في الإستفادة الكاملة من مواهب الأقليات العرقية، أعاق الإنتاجية وكلف الإقتصاد 24 مليار جنيه إسترليني أو 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
وقالت المراجعة إن هذه الزيادة ترجع إلى "تنوع الأشخاص الذي يجلبون تنوعاً في المهارات والخبرات والتي بدورها يمكن أن توفر إبداعاً أكثر ثراءً وحلاً أفضل للمشكلات ومرونة أكبر لتغيرات البيئية".
وقالت كير " إذا كان الانتعاش الإقتصادي شاملاً فسيكون ذلك أفضل لنا جميعاً. نحن نعلم أن الإبلاغ عن فجوة الأجور العرقية ليس حلاً سحرياً، ولا يمكن للشيء أن ينصلح بمفرده، ولكنه يجعل المحادثة مستمرة".
وتقول نعيمة شودري الشريكة في شركة المحاماة Eversheds ومقرها واشنطن، إن الإبلاغ عن فجوة الأجور العرقية أكثر تعقيداً من الإبلاغ عن فجوة الأجور بين الجنسين.
أحد العوائق التي تقول شودري أنها موجودة هو أن العديد من الشركات لا تحتفظ ببيانات عن العرق لديها ولا يوجد إجماع متفق عليه حول كيفية جمع البيانات بشكل موحد.
وأضافت: " لدى جميع أرباب العمل في الغالب معلومات عن الجنس لأغراض الضرائب والمعاشات التقاعدية، لكن الكثير منهم لا يجمعون البيانات المتعلقة بالعرق لأنها ليست إلزامية، وهنا تكمن المشكلة في عدم وجود سجلات ومن ثم آليات موحدة مناسبة لكيفية تسجيلها".
وتعتقد شودري أن جمع البيانات وتصنيفها على أبيض وغير أبيض لن يكون مفيداً، وقد يؤدي للانقسام. وتوصي بإمكانية تقسيم البيانات إلى الفئات التي استخدمها مكتب الإحصاء الوطني عندما نشر بيانات فجوة الأجور العرقية والتي قسمت إلى 10 فئات.
وقالت شودري " إن تقارير الأجور العرقية ستجعل أصحاب العمل يبدأون بإجراء محادثات حول المساواة العرقية في مكان العمل، وسينظرون إلى سياساتهم وإجرائاتهم بشكل أوسع"
ولكن كما أشارت كير فإن العذر الذي تقدمه بعض الشركات بعدم وجود بيانات عرقية حتى لا تتمكن من الإبلاغ عن فجوات الأجور لا تزال قائمة. ويأمل النشطاء في أن يتطوع عدد كاف من الشركات بتقديم المعلومات لإزالة الغموض عن القضية وجعلها أقل تعقيداً.