17.77°القدس
17.5°رام الله
16.64°الخليل
21.06°غزة
17.77° القدس
رام الله17.5°
الخليل16.64°
غزة21.06°
الجمعة 24 مايو 2024
4.66جنيه إسترليني
5.18دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.97يورو
3.67دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.66
دينار أردني5.18
جنيه مصري0.08
يورو3.97
دولار أمريكي3.67

خبر: الخطاب الإسلامي وميكانيزمات "الديمقراطية" و"المدنية"

لا ينفي وجود "تحديات" ما يمكن تسميته بالانتقال إلى الديمقراطية، من نوع نظام الحكم والتعددية وحرية الرأي والتعبير والاعتقاد، وحقوق الأفراد والجماعات، وسبل بناء توافقات وطنية حول مبادئ العقد الاجتماعي الجديد، والتسامح والعيش المشترك على قاعدة المواطنة، وبناء الشراكات والتحالفات الكفيلة بتخطي الفوضى والصراع الناجمين عن الإقصاء والتهميش، لا تنفي هذه التحديات ما يراه البعض من أن وصول الإسلاميين على موجة الربيع العربي إلى سدة الحكم في العديد من البلدان العربية، قد تم عبر موافقة ضمنية أو حتى "على مضض" من قبل الدول الغربية التي لطالما تحالفت مع الأنظمة التي أطاحت بها جماهير الربيع العربي. خلاصات واستنتاجات كثيرة تميز هذه المرحلة التي نجح الإسلاميون خلالها في الوصول إلى السلطة، والمرجو الآن تصويب سياسات التيارات الإسلامية إبان وجودها في الحكم، ولا سيما على صعيد الفكر والممارسة، في ظل محاولات تيارات قومية ويسارية تصيُّد أخطائها وزلاتها، منها الحاجة للجمع بين "أصالة" الإسلام و"تأصيل" القيم والمبادئ الديمقراطية الحديثة في خطاب الحركات الإسلامية، وأهمية إجراء المراجعة و"التنظير" سياسياً وفكرياً للتحولات التي طرأت على خطاب كثيرٍ من هذه الحركات، والعمل على اكتشاف "مواطن القدرة" في الفكر الإسلامي، من دون إغفال حاجة التيارات "العلمانية" لإجراء مراجعات لتجربتها في الحكم والمعارضة، والتي أخفقت في تقديم "النموذج" وورثت العالم العربي الكثير من المشاكل والتحديات الجسام. بين خطاب الحركات الإسلامية وممارستها، هناك ضرورة لردم الفجوة بين "الشعار" و"تطبيقاته"، وبذل جهد سياسي وفكري، لخلق هذا الانسجام والتجانس من خلال الجمع بين "المفكرين" و"الفاعلين" الإسلاميين والتجسير بينهم، وتأصيل الوعي المدني والديمقراطي في خطاب هذه الحركات من جهة، وإضاءة "المساحات الرمادية" في خطابها من جهة ثانية. ما يخشى على الحركات الإسلامية التي توصلت إلى الحكم هو تفشي نزعات الانقسام الطائفي والمذهبي (وحتى داخل المذهب الواحد) في العديد من الدول العربية، ما يبرر الحاجة إلى اعتماد خطاب جمعي وطني، يعظِّم المُشتركات، ويعمق البعد "الوطني" الجامع، وهو ما يعرضه حزب العدالة والتنمية التركي كواحد من أهم الدروس لتلك الحركات والتيارات الإسلامية في العالم العربي بالذات. وعليه، فإن بناء خطاب إسلامي ديمقراطي ومدني، يدفع بالحركات الإسلامية التي تسلمت مقاليد السلطة والحكم في دولها، للتمييز بين ما هو "حزبي" وما هو "دولتي"، فالدولة التي هي لجميع أبنائها، لا تُدار بأدوات الحزب ومنهجه وعقليته، ما يجنب هذه الأحزاب الإسلامية وخطابها موجات الهجوم من قبل التيارات الأخرى، وتتجاوز به مرحلة الأنظمة التي سبقتها وتفشل محاولات إظهارها وكأنها نسخة عنها. ولعل من أهم المهام التي تثبت الوجه الحقيقي لهذه التيارات الإسلامية التي جاءت إلى سدة الحكم وأولها، بما يعبر عن مدنية خطابها وديمقراطيته التركيز على صياغة "الدساتير التوافقية" التي تعكس روح "العقد الاجتماعي" الجديد بين الدولة ومواطنيها، وتحفظ حقوق الجميع وتقرر واجباتهم، وتؤسس لنظم سياسية قائمة على العدالة والمساواة والشراكة والتداول السلمي للسلطة، ومبادئ الفصل بين السلطات، وتقديم تصورات أكثر عمقاً ووضوحاً لمفهوم "الدولة المدنية" الذي تتحدث عنه، والعلاقة بين الشرع والتشريع، وحقوق الأفراد والجماعات، بما فيها الموقف من حقوق المرأة ومشاركتها، والموقف من الجماعات الدينية والقومية والعرقية، لكي يصبح بالإمكان تبديد حالات الاحتقان واحتواء النزاعات التي تشهدها الكثير من الدول والمجتمعات العربية.