في اجتماع له مع قناصل وممثلي دول الاتحاد الأوروبي قبل يومين تطرق السيد رئيس الوزراء د.محمد اشتية إلى ضرورة إجراء انتخابات، وقال إن غياب المجلس التشريعي والانقسام يقيدان سن قوانين جديدة كون هذه القوانين تحتاج إلى نقاش على مستوى قانوني ووطني كي لا نقع في مغبة مخالفة إرادة الشعب على حد وصفه، كما أكد أن الحكومة تعمل على "مواءمة" القوانين حيثما تستطيع وضمن حالة حوار مع مختلف الفاعلين في المجتمع لأن القوانين يجب أن تنال حقها في النقاش مع جميع مفاصل المجتمع وخاصة تلك التي قد لا يكون حولها إجماع عام .
قد يرى البعض فيما قاله السيد رئيس الوزراء أعلاه أمرا طبيعيا ومنطقيا ويمكن المرور عنه مرور الكرام، ولكن عندما يتعلق الأمر بالقانون والدستور يجب أن نتوقف مليا لنتفحص الصواب من الخطأ والمنطق من الكلام المنمق غير المنطقي. تغييب _وليس غياب_ المجلس التشريعي لا يقيد سن القوانين بل يهدم الركن الأساسي للسلطة الفلسطينية، أي بدون مجلس تشريعي لا يوجد سلطة حقيقية، وإن تجاوزنا هذه الحقيقة وحصرنا المسألة بسن القوانين والقرارات فإن القانون الفلسطيني حدد آلية سن القانون في الحالة الطبيعية وفي حالات الطوارئ، أما في الحالة الطبيعية فالمجلس التشريعي هو صاحب الكلمة الفصل في سن القوانين ولا يتم دون موافقته، أما في حالة الطوارئ فأي قانون يتم إصداره يجب عرضه على المجلس عند انتهاء حالة الطوارئ فإما يقره وإما يرفضه، ولا بد من التوضيح أن تغييب المجلس التشريعي لم ينتج عن حالة طوارئ بل بسبب الانقسام، وحل المجلس غير دستوري، وتعطيله قبل حله غير دستوري أيضا، علما بأن كتلة فتح كانت تتخذ قراراتها في رام الله وكتلة حماس كانت تتخذ قراراتها في غزة باسم المجلس التشريعي وهذا لا يستند إلى قانون وإنما إلى سياسة الأمر الواقع التي اعتمدها الطرفان طيلة سنوات الانقسام.
يقول د.اشتية إن القوانين أحيانا كانت تعرض على الفاعلين في المجتمع حتى تنال حقها في النقاش مع جميع مفاصل المجتمع، ولو فرضنا أن الأمر تم بالصورة التي قالها د.اشتية فإن ذلك لا علاقة له بالقانون، فحكومة لم تحظ بموافقة المجلس التشريعي هي حكومة غير شرعية من الناحية الدستورية ولا يحق لها الحكم فضلا عن اتخاذ قرارات وسن قوانين، والفاعلون في المجتمع من وجهة نظر د. اشتيه همة في العادة من لون واحد وإن تم دس بعض الوجوه المحسوبة شكلا على فصائل أخرى، أما بقية الألوان فهي أما محرومة من إبداء الرأي وإما مهملة، وباختصار نقول إن كل القوانين والقرارات التي تم اتخاذها خلال سنوات الانقسام سيتم التوافق على بقائها أو إلغائها إما فصائليا وإما من خلال عرضها على المجلس التشريعي وهذا الأصل في التعامل مع كل ما تم فرضه استنادا إلى سياسة الأمر الواقع.