12.79°القدس
12.55°رام الله
11.64°الخليل
16.94°غزة
12.79° القدس
رام الله12.55°
الخليل11.64°
غزة16.94°
السبت 28 ديسمبر 2024
4.63جنيه إسترليني
5.19دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.84يورو
3.68دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.63
دينار أردني5.19
جنيه مصري0.07
يورو3.84
دولار أمريكي3.68

خبر: التفاوض النووي "للمقاطعة"

كنتُ ولفيف من الأكاديميين والخبراء والمهتمين نشارك في ندوة "بال ثينك للدراسات الاستراتيجية"، ضمن نشاطات مجموعة التفاكر الاستراتيجي لإثراء النقاش حول قضية هامة تتعلق بحلم مشروع في "إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي ." كنت أتمنى وكما قلت في ختام عصف ذهني هام ومسؤول للمشاركين، أن يتغير من حيث الجوهر عنوان الندوة ليُرَكِّز على "القنبلة النووية الاسرائيلية" وكذلك على قنابل حلف "النيتو" فهي التي تهدد ليس فقط الأمن والسلم في المنطقة وانما الاستقرار في العالم كُلِّه، وحتى لا نندرج في حبائلهم وكأن المشكلة عندنا !! فليس خافياً على أحد أن استخدام دولة العدو لقنبلة نووية واحدة من مخزونها الاستراتيجي الذي يزيد عن 250 رأسا حربيا نوويا، ستكون له نتائج وخيمة في دمار شامل لمدن بِكلّيتها وتلوث لا يعلم إلّا الله مداه !! "تل أبيب" وبدعم من الولايات المتحدة الأميركية وعديد الدول الأوروبية تضع البرنامج النووي السلمي للجمهورية الإسلامية في إيران في مقدمة أولوياتها تأكيداً لازدواجية المعايير التي يعتمدها الغرب الاستعماري دفاعاً عن مصالحه الحيوية واسناداً للدولة الوظيفية "الاسرائيلية" التي خلقت لخدمة هذا الهدف على حساب شعوب المنطقة ومواردها ومستقبلها الآمن والسيد. لقد بدأت "إسرائيل" مشروعها النووي منذ قيامها العدواني وغير الشرعي وقد شهدت بداية الخمسينيات وضع حجر الأساس للبنى التحتية لمفاعل ديمونة النووي. كما خَدع رئيس وزراء العدو الأسبق ديفيد بن غوريون رئيس الولايات المتحدة الأميركية الأسبق دوايت ايزنهاور الذي أبلغته وكالة الاستخبارات الأميركية بنوايا تل أبيب، في الوقت الذي استثمرت فيه دولة الاحتلال ولاية جون كينيدي الذي وبخ بن غوريون لإخفائه سر أبحاثها النووية ولكن غَرَق الرئيس جونسون في رمال حرب فيتنام المتحركة والدور المساند الذي لعبه مستشاره لشؤون الأمن القومي في حينه هنري كيسنجر مكن دولة الاحتلال من انجاز صناعة ترسانتها النووية. لقد شهد العام 1963 وبدعم فرنسي مسبق حين كان شيمون بيريز وزيراً للخارجية إنتاج 10 قنابل نووية، كافية لإبادة المنطقة عدة مرات ؟! كشف ذلك كيسنجر في أول لقاء له مع غولدا مائير رئيسة وزراء العدو، في الوقت الذي صرح فيه مداورة اسحق رابين سفير "تل أبيب" في واشنطن حينذاك معترفاً ولكن بقوله: "نحن بحاجة للسلاح النووي للردع من حيث المبدأ، ولاستخدامه إذا هاجَمَنا العرب" !!. دولة الاحتلال تريد دوماً أن تكون القوة الرادعة والمتفوقة على المستوى الإقليمي بكليته وفي مقدمة الدول العربية! إن السُّعار الجاري اليوم، بالتركيز على إمكانية امتلاك الجمهورية الإسلامية للسلاح النووي في زمان ما في المستقبل ، إنما هو ذر للرماد في العيون وحرف للبوصلة عن اتجاهها الصحيح. دولة الاحتلال بسلاحها التقليدي وأسلحة الدمار الشامل الجرثومية والكيماوية والجينية والنووية، وتلك التي ينشرها الغرب والولايات المتحدة الأميركية ستبقى هي الخطر الحقيقي ولا غيره الذي يتهدد المنطقة والعرب وفلسطين إلى سنوات طويلة قادمة. وأدعي أيضاً أن "القنبلة النووية الإيرانية" إن تحققت ستشكل رادعاً يُحرّم إمكانية استخدام "إسرائيل" لسلاحها النووي وكذلك الولايات المتحدة التي تُخَزّن اليوم ما يوازي 200 قنبلة نووية في قاعدة "أنجرليك" للنيتو NATO في تركيا والتي تشكل أحد الأعباء الثقيلة التي تركها حكم العسكر في تركيا التي كانت حليفاً استراتيجياً لإسرائيل، ولأميركا وللغرب عموماً، والتي على قيادة حزب العدالة والتنمية في تركيا إيجاد الوسائل الكفيلة لتفكيك استحقاقاتها التي يئن تحت وطأتها استقلال "أنقرة" السياسي والمنطقة برمتها. ورغم أن دولة الاحتلال لم تعترف لمرة رسمياً بحيازتها للسلاح النووي إلّا أن أجهزة استخبارية ووسائل إعلامية وخبراء "اسرائيليين" (مردخاي فانونو) قدموا اثباتات وأدلة قاطعة على ذلك. مسؤولو العدو عسكريين وسياسيين يكتفون دوماً بالقول: "لن نكون البادئين بحرب نووية" وهي الدولة التي رفضت ولم تزل العضوية في "الوكالة الدولية لمنع انتشار الأسلحة النووية." N.P.T. أما شاؤول حورب ممثل "إسرائيل" في "الوكالة الدولية للطاقة النووية" والتي لا تسمح لأي تفتيش لمفاعلاتها، فيقول "إن إسرائيل ضد شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية، حتى يتحقق السلام الكامل والمطلق في المنطقة"، ويضيف: "إننا نرفض عقد قمة لإقامة شرق أوسط خال من الأسلحة النووية، فإسرائيل لا تتمتع برفاهية اختبار مفاهيم نشأت في زمان ومكان آخرين" !! "تل أبيب" تريد أن تكون القوة الأولى، لفرض كل شروطها وإملاء استراتيجياتها في عمليات تفاوض ثنائية دون تدخل خارجي مستثمرة ميزان القوى هذا – وعلى رأسه النووي – في تقرير "السلام" الذي تريد ؟! على هذه الخطى قامت "اسرائيل" باغتيال العلماء الألمان في القاهرة وفي برلين خلال حقبة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وترقب عن كثب المشروع السلمي النووي لمصر، وتعطل حتى الساعة أي تقدم لمشروع الأردن، في الوقت الذي قامت فيه بتدمير المفاعل العراقي والسوري. دولة العدو لا تحترم الضعفاء المتهالكين، وهي ما زالت الدولة المعسكر، مسكونة منذ التأسيس ولأكثر من ستة عقود بأسر نبضها التكويني الإرهابي لعصاباتها العنصرية التي شكلت الجيش وهو الحزب الحاكم دوماً في "اسرائيل" !! عقلية "القلعة" أو "الماسادَا" و "الصابرا العسكرية" تضع خياراتها "الانتحارية" في الاحتمالات والسيناريوهات الممكنة !! ولكن ورغم كل ما تقدم، فقد أثبتت التجربة خواء هذه النظرية، وهذا هو مأزق هذه الدولة التي تذهب نقيضاً لمسار التاريخ، وستشكل هذه العقلية التي نلحظ من خلالها توغل خارطتها السياسية نحو اليمين بكل ما يعنيه ذلك من مخاطر وجودية، ستشكل نهايتها المحتومة. القيادة الصهيونية اليوم، تعيش هوس "الملف الإيراني"، ومخاطر الثورات العربية كمتغير استراتيجي وزلزال تمتد ارتداداته فصولاً لحصار مشروعهم. إن هذا سيعيد "اسرائيل" مرغمة إلى مربع أن استخدام القوة له حدود! لقد فشلت دولة العدو في فرض أو استدراج الدول الغربية للبدء أو الإسراع في ضرب مشروع إيران النووي السلمي. على العكس من ذلك تماماً فإن الولايات المتحدة وأوروبا كلها تدرك أن هجوماً كهذا قد يقود إلى حرب عالمية ثالثة، وهم يلجمون أي مغامرة عسكرية إسرائيلية ضد طهران، فقد يكون في ذلك وضعها ومستوطنيها في قرار الجحيم. إن مأزق "مقاطعة أوسلو" في رام الله، التي أدمنت التفاوض، وتعيش كابوس المقاومة السلمية، لا تشكل أدنى مخاطر جدية وهي ليست أبداً أولوية المرحلة القادمة للعدو، لهذا سيستمرون في تسول الفتات وكسب رضى قادته وجمهوره وليس الشعب الفلسطيني الذي سيلفظهم عن قريب. وعلى الجبهة المقابلة تعيش "اسرائيل" مأزق الصمود والإرادة لشعب فلسطين، فسلاحها أعطى كل طاقته وزخمه الناري ولم تركع غزة، ولم تركع لبنان، ومصر العرب تقول "لن نسمح بهدر الدم الفلسطيني فهو دَمُنا".