بينما يتجمع ملايين الناخبين الأمريكيين للتصويت في واحدة من أكثر الانتخابات المثيرة للجدل في التاريخ الأمريكي، تتخذ قوات الشرطة في جميع أنحاء البلاد إجراءات غير مسبوقة، تحسبا للشغب المحتمل في يوم الانتخابات وما بعده.
وفي تقرير لمجلة "التايم" يقول تشاك ويكسلر المدير التنفيذي لمنتدى أبحاث الشرطة التنفيذية في واشنطن "من المنصف أن نقول إن الشرطة تستعد بطرق لم تضطر لفعلها يوماً في أيام الانتخابات، هذا العام ليس مثل أي عام آخر".
ومع وجود صف طويل من الطوابير في مواقع الاقتراع بسبب قيود التباعد، ومع تصاعد الغضب جراء التعامل مع أزمات وطنية متعددة من الوباء إلى الاقتصاد فلن يستغرق إشعال صراع سوى وقت قصير.
ويشير ويكسلر إلى أنه يمكن أن تندلع اشتباكات، إذا لم يقم شخص ما بارتداء القناع داخل موقع الاقتراع، أو إذا كانت أهلية الناخب للإدلاء بصوته موضع شك. ويضيف: "نظرا لأهمية الانتخابات الحالية سيكون لدينا أشخاص أعصابهم متوترة، ويمكنهم بلمح البصر أن يشتبكوا في أي نوع من المواجهة".
وفي مدينة نيويورك سيتمركز ضباط الشرطة في أكثر من 1200 موقع اقتراع يوم الانتخابات مع وجود مئات آخرين على أهبة الاستعداد ابتداءاً من 26 تشرين ثاني/ أكتوبر.
وبحسب ما قال رئيس إدارة شرطة نيويورك تيرينس مونهان في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء، فإن شرطة البلاد تنشر الكثير من الضباط في مواقع الاقتراع لأنه "ليس سراً أن هذه الانتخابات هي أكثر الانتخابات المثيرة للجدل مما كانت عليه في السنوات السابقة".
وفي خطوة أكثر صرامة، اشترت إدارة شرطة العاصمة في واشنطن أسلحة بأكثر من 100 ألف دولار وكان من ضمن الأسلحة عبوات الغاز المسيل للدموع.
ودافع قائد الشركة بيتر نوسهام عن عملية الشراء بقوله إنه في دوائر إنفاذ القانون "يُعتقد على نطاق واسع أنه ستكون هناك اضطرابات مدنية بعد الانتخابات بغض النظر عن الفائز".
وللحد من فوضى يوم الانتخابات قام مسؤولو الانتخابات في ميتشيغان الأسبوع الماضي بفرض حظر على حمل السلاح في مراكز الاقتراع أو بالقرب منها. وأنشأت وكالات إنفاذ القانون في كل من إنديانا وولاية فلوريدا، مراكز لمعالجة أي اضطرابات انتخابية.
ونظراً لأن الانتخابات الرئاسية لعام 2020 تأتي في أعقاب صيف عاصف، شهد احتجاجات واسعة وغضباً عارماً ضد الشرطة بعد وفاة جورج فلويد، فإن وكالات إنفاذ القانون ستواجه مهمة شبه مستحيلة، في حماية الناخبين من العنف المحتمل دون إثارة التوترات.
ووفقاً للعديد من مسؤولي إنفاذ القانون فإن أحد أكبر دوافع المواجهة هو وجود الجماعات اليمينية المتطرفة المسلحة بالقرب من مواقع الاقتراع. ووفقاً للمدافعين عن حقوق الإنسان فإن هذه الجماعات كانت تشكل حافزاً متكرراً للمواجهات العنيفة في المظاهرات السلمية في الأشهر القليلة الماضية.
ويقول ويكسلر إنهم سيمثلون تحدياً جديداً في يوم الانتخابات ويضيف أن "هذا لا يحدث عادة أيام الانتخابات في هذه البلاد.. لم أر شيئاً مثل هذا من قبل".
وخلال المناظرة الرئيسية الأولى في أيلول/ سبتمبر حث الرئيس دونالد ترامب مؤيديه على "الذهاب إلى صناديق الاقتراع ومراقبة الوضع عن قرب" بعد أن زعم كذباً أنه لم يسمح لمراقبي صناديق الاقتراع في فيلادلفيا بالمراقبة خلال اليوم الأول من التصويت الشخصي المبكر. كما أنه قال في نفس الليلة لمجموعة براود بويز وهي جماعة يمينية متطرفة: "قفوا جانبا، وكونوا مستعدين".
ووجود المليشيات في صناديق الاقتراع قد يثير مخاوف حقيقية تتعلق بالسلامة العامة خاصة في ضوء تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية قالت فيه إن القانون الأمريكي فشل في حماية المتظاهرين السلميين من الهجمات العنيفة التي شنتها جماعات الأمن الأهلية والمحتجين المعارضين في ما يقرب من 200 حالة من شهر أيار/ مايو حتى أيلول/ سبتمبر.
وقال التقرير الذي صدر يوم الجمعة إن سلطات إنفاذ القانون غالباً ما أهملت نشر عدد كاف من الضباط المدربين، وتهدئة وفصل التوترات بين الجماعات المتعارضة، وغالباً ما ألحقت الأذى بالمتظاهرين السلميين أثناء التعامل مع المتظاهرين العنيفين.
ويقول كريس بيلي مساعد رئيس قسم شرطة مدينة إنديانابوليس، متحدثا عن وضع الضباط الذين سيكونون في الميدان إنه من الصعب عليهم التوسط، "علينا أن نوازن ونحمي حقوق كلا المجموعتين، إنه موقف صعب لا يمكن أن نحسد عليه".