بدأت نبضات قلوب طلاب الجامعات هذه الأيام بالتسارع شيئاً فشيئاً، ويتوقع أن تصل ذروتها مع بداية الفصل الدراسي الأول للعام الجديد، وتحديداً أمام شباك تحصيل الرسوم في الجامعات الفلسطينية حيث الوجوه التي لا تبتسم أبداً. ففي هذه الأيام يبحث طلاب وطالبات الجامعات – أعانهم الله – عن مصادر للتمويل، فهذا الطالب والده مقتدر سيدفع له، وهذا نفسه مقتدر سيدفع لنفسه، أما هؤلاء الكثر فلم يجدوا حتى اللحظة سبيل لسد رسوم الفصول الماضية فما بالكم بالفصل الجديد. سياسة الجامعات الفلسطينية المالية سياسة معقدة للغاية يعرفها البعض بأنها: "سياسة سرية معقدة يمنع التحدث فيها مطلقاً لا من قريب ولا من بعيد، ولا تراعى فيها الظروف أو الأوضاع الاقتصادية السائدة في المجتمع". هذا التعريف الخطير الذي استنبطناه من تجاربنا وتجارب أصدقائنا ينذر بكارثة محققة تعصف بالتعليم الجامعي في فلسطين، فالطالب المقتدر ولو كان ضعيف التحصيل يمكن أن ينهي جامعته ويحصل على وظيفة جيدة قبل أن ينهي الطالب المتميز غير المقتدر مالياً تعلمه لأنه ببساطة لا يستطيع دفع رسومه الجامعية بانتظام. إذاً... فالجامعات الفلسطينية التي روجت لسنوات طويلة نظريةً مفادها أن التعليم الجامعي حق للجميع، وأن الحالة المادية لن تكون عائقاً أمام أي من الطلاب لاستكمال دراسته، تثبت اليوم عدم دقتها ومصداقيتها وذلك بالنظر إلى تجارب بعض الطلاب الجامعيين. أحد أصدقائي المقربين ذهب إلى دائرة القبول والتسجيل في إحدى الجامعات الفلسطينية وأخبرهم بأن وضعه المادي صعب جداً، ولا يستطيع أن يدفع ثمن آخر مساق له في الجامعة ليتخرج ويأخذ شهادته، فما كان من موظف القبول والتسجيل إلا أن قال له بالحرف الواحد "إللي معوش بيلزموش". صديقي هذا تأخر فصل جامعي كامل لأنه ببساطة غير قادر على تسديد رسوم آخر مساق له في الجامعة، ما هذا يا جامعاتنا الغراء؟؟، أين حق التعليم للجميع؟؟، أين الكلام المعسول قبل التسجيل؟؟. وهناك مئات القصص التي يمكن أن نسردها في هذا المجال تؤكد على السياسة المالية المجحفة للجامعات الفلسطينية بحق الطلاب، ولكن آثرنا الاكتفاء بهذه القصة لأخذ العبرة والشاهد منها فقط. السياسة المالية للجامعات الفلسطينية تستلزم وقفة جادة ومراجعة للحسابات، فأوضاع قطاع غزة الاستئنائية يجب ويجب بشدة أن تأخذ بالحسبان، لأن أي جامعة لا تأخذ معاناة مجتمعها وآهات أهله بالحسبان لا ينظر لها نظرة جيدة ولا تستحق أن تسمى مخرجة الأجيال. لماذا لا تلجأ الجامعات لنظام مالي ميسر للتخفيف عن الطلاب مع ضمان حقها بالسداد؟؟، ولماذا لا تعمد الجامعات لنظام التقسيط في دفع الرسوم حتى يستطيع الجميع أن يلتحق بالجامعات دون خوف من مستقبل مجهول؟. هناك طرق كثيرة يمكن للجامعات أن تستخدمها أو حتى تستحدثها للتخفيف عن الطلاب غير القادرين على تسديد رسومهم، لما لذلك من أثر كبير على نفسية الطالب وتفكيره، وعلى الجامعة نفسها لأنها ستكسب تأييد وتعاطف الجمهور حتى لو جارت على الطلاب في بعض الجوانب الأخرى. هي رسالة حملها لنا الطلاب، نود إيصالها للمعنيين في الجامعات الفلسطينية قبل فوات الأوان "ارحمو من في الأرض يرحمكم من في السماء"، ولا تدعونا نفكر في أشياء أخرى قد لا تعجبكم.. هذا زمن الثورات العربية وزمن التغيير، فلا تجعلونا نعتصم في ساحات الجامعات ونطالب إصلاح السياسة المالية في الجامعات، ويمكن أن نصل إلى المطالبة بإسقاط السياسة المالية المجحفة بحق الطلاب ونهتف بأعلى صوتنا ونقول: "الشعب يريد إسقاط النظام المالي في الجامعات".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.