تشكو الكثير من الأمهات من مشكلة تعلق أطفالهن الزائد بهن، لدرجة أن الطفل يشعر بالفزع والخوف بمجرد ابتعاده عن أمه، مما يعطلها ويحول دون إنجاز مصالحها ومهامها المختلفة. والسؤال: متى يكون هذا التعلق طبيعيًّا؟ ومتى يصبح مشكلة تستوجب تدخلًا سريعًا دون التأثير في نفسية الطفل؟ للإجابة كان معنا الدكتورة ماجدة محمد صالح خبيرة التربية بكلية رياض الأطفال
الأم ومشكلة تعلق الطفل الزائد بها
1-متى تظهر المشكلة؟
الارتباط الزائد يأخذ شكلا مرضيا
انفصال الأم عن صغيرها سواء عند البدء في وضعه بغرفة منفصلة والنوم بمفرده، وصولًا لمرحلة الحضانة، مشكلة يعاني منها النساء جميعًا
وعلى الأم في هذه المرحلة تحديد حجم المشكلة جيدًا، ومعرفة إذا كان هذا الارتباط طبيعيًّا ويأخذ وقته ويمر، أم أنه دائم، ويأخذ شكلًا مرضيًّا
2-تطور علاقة الطفل بأمه
يزداد التواصل بين الطفل وأمه بعد عدة أشهر
تعلق الطفل بأمه أمر طبيعي يولد به للشعور بالأمان؛ فالطفل يبحث عن الرعاية والاهتمام في كل لحظة منذ ولادته، وعلاقته بأمه هي الأساس
وتبدأ العلاقة بين الطفل وأمه منذ اللحظات الأولى من الولادة، بمحاولته تقريب والدته منه بالبكاء إذا فكرت في الابتعاد عنه
وبعد عدة أشهر يبدأ بالابتسام ومتابعة حركتها بعينيه، ومع الأيام يزداد التواصل والتعلق بينهما
يزداد صراخ الطفل بمجرد اختفاء الأم
فيزداد خوف الطفل من الانفصال عن أمه، التي تعد رمز حمايته ومحور حياته.. فنجده ينزعج ويزيد من صراخه وبكائه بمجرد أن تختفي من أمامه
ولكن ما يحدث هو: التصاق الطفل بأمه بشكل خانق، ما يعوقها عن القيام بمسؤولياتها
كما يؤدي هذا التعلق الزائد إلى انعزال الطفل وعدم اختلاطه بالعالم الخارجي؛ ليصبح التعلق مرضياً وبحاجة إلى التدخل لمعالجته
3-أسباب تعلق الطفل الزائد بالأم
لا تسرفي في خوفك على طفلك
الابتعاد المفاجئ للأم عن الطفل بسبب عمل أو سفر أو ظرف ما في عمر صغير، ما يسبب له صدمة، تجعله معلقًا بها بعد رؤيته لها
الإسراف -من جانب الأم- في الخوف على طفلها، وإظهار القلق عليه بشكل مبالغ فيه، وأحياناً يكون بسبب التدليل الزائد للطفل، وتنفيذ جميع رغباته وطلباته
التلاعب بمشاعر الطفل، كالتهديد بتركه أو الابتعاد عنه، إضافة إلى انعدام دور الأب أو عدم تواصله مع الطفل بشكل كافٍ، ما يجعله دائم اللجوء إلى أمه
انعزال الأسرة اجتماعيًّا، وهو ما يقلل من فرص اختلاط الطفل بالعالم الخارجي، ويجعله يميل إلى الانطوائية
تعامل الأب أحيانًا بعصبية مع الطفل، يزيد أيضًا من التصاقه بأمه، وخوفه من الابتعاد عنها
4-علامات تدل على تعلق طفلكِ الزائد بالأم
يبكي بشكل هستيري عند ابتعاد الأم
يلاحقك في كل مكان ولا يقبل الابتعاد عنك، ويريدك أن تبقي بشكل دائم إلى جانبه
لا يعتمد على نفسه بأي شيء، ويريد منك أن تقدمي له كل شيء
يبكي بشكل هستيري عند ابتعادك عنه
يعاني من خوف شديد عندما يشعر بأنك ستتركينه وحده
يستيقظ من النوم خائفا
· لا يقبل أن ينام وحده، وقد يستيقظ في الليل ويبكي بحثاً عنك
· تواجهين مشكلة في إرسال طفلك إلى الحضانة أو المدرسة؛ يخاف من النادي
· لا يشعر طفلك بالأمان والهدوء إلا إذا أمسك بيدك وتأكد أنك ستبقين معه
· تشعرين بأن طفلك يقيدك ويمنعك من القيام بأنشطة خاصة أو حتى بواجباتك
5-تأثير التعلق الزائد بالأم على شخصية الطفل
لا يمكنه الاستمرار بعيدا عنك
يصبح اتكالياً، ضعيف الاستقلالية ولا يمكنه الوثوق بنفسه
لا يستطيع اتخاذ القرارات الشخصية حتى البسيطة منها
يشعر دائماً بأنه مرتبط بك ولا يمكنه الاستمرار بعيداً عنك
يحاول تقليدك في بعض صفاتك ولا يحاول بناء شخصية مستقلة عن الآخرين
يخاف من البقاء وحيداً في المدرسة بين أناس غرباء من معلمين وتلاميذ
وأكثر الصفات إزعاجاً هو شعور التملك من قبل هذا الطفل تجاه والديه، فهو لا يرغب باقتراب أحد منهما وربما يشعر بالغيرة من كل منهما على الآخر وحتى من إخوته
قد يستمر تعلق طفلك الزائد بك حتى بعد أن يكبر ويصبح بالغاً، ويتجلى ذلك في عدم القدرة على بناء معايير خاصة لعلاقاته العاطفية والاجتماعية
محاولة البحث عن شريك مطابق لأحد الوالدين ليكون زوجاً مستقبلياً أو زوجة،
وقد لا يستطيع الطفل الذي عانى من التعلق الشديد بوالديه بناء علاقة متوازنة
6-أفكار على كل أم التمسك بها أمام طفلها
ساعدي طفلك على عملية الفصل
لا بد من رسم حدود للعلاقة بين الطفل ووالديه وتحديد مسارها وتطورها خلال مراحل الطفل العمرية
أن تعرف الأم أنها بمجرد أن ولدت طفلها يكون قد أخذ الخطوة الأولى في الاستقلال عنها وأصبح عليه أن يقوم ببعض الواجبات بنفسه
لكل مرحلة عمرية شكل يحدد العلاقة بينه وبين ووالدته؛ فبعد أن كانت العلاقة قائمة على حاجة الطفل المادية للاعتناء به من قبل أمه يتضاءل مع تقدمه بالعمر
على الأم أن تساعد في عملية الفصل المادي بينها وبين طفلها في كل مرحلة حتى لا تعيق تطوره وتنمية شخصيته المستقلة
أطلقي لطفلك العنان ليختبر عالمه بنفسه ويكتشف ما حوله بالطريقة التي يعرفها بشكل غريزي كطفل
دعي طفلك يبني عالمه الخاص
عودي طفلك أن ينام بغرفة مستقلة عندما يصبح بعمر معين وليس من الخطأ تركه في بعض الأحيان مع إخوته أو أحد الأقارب الثقات
لا يكفي أن تفتحي المجال للطفل ليكتشف العالم على طريقته، بل لا بد أيضاً من مساعدته وتشجيعه على المضي قدماً منفرداً دون خوف أو تردد
يجب أن تساعدي طفلك على بناء عالمه الخاص وتكوين صندوق أسراره ، لا تحاولي إيهامه بأنك تعرفين كل شيء، وحاولي أن تساعديه
يعتبر تعليم الطفل احترام خصوصية الآخرين، بمن فيهم والداه، من أفضل طرق السيطرة على التعلق الزائد
لا يستطيع معظم الأهل إدارة علاقتهم بالطفل بالشكل الأفضل، لذلك لا تترددي بطلب المساعدة للوصول إلى الحلول المثالية
على الأهل عدم إشعار أطفالهم بأن سلوكهم غير طبيعي وتجنب إظهار التوتر أمام الطفل
7-نصائح لعلاج مشكلة تعلق الطفل بالأم
تعاملي مع طفلك ببعض الحزم
في مرحلة الرضاعة تعلق طفلك بكِ شعور طبيعي، ويبلغ التعلق ذروته عند بلوغه المرحلة العمرية الواقعة بين 9-18 شهرًا، ويبدأ الأمر في التحسن تدريجيًّا من عمر 24 شهرًا
تعاملي معه ببعض الحزم، إن لاحظت أن سبب تعلقه بكِ تدليله الزائد على اللزوم، فلا تلبي له أي مطالب، بسبب بكائه أو ادعائه المرض
كوني حنونة وحازمة في الوقت نفسه، احتوي طفلك، وعبري له عن حبك له، وشاركيه اهتماماته، وعززي ثقته بنفسه
لا تبتعدي عن طفلك فجأة دون أن تخبريه بالسبب، فالغياب المفاجئ يكسر الطفل حينها، ويزيد من تعلقه بكِ بعد ذلك
ابتعدي عنه قليلًا خلال النزهات بتركه مع أبيه أو إخوته أو أشقائك أو أقربائك، ليتعود على الانفصال عنكِ تدريجيًّا
اشركيه في اللعب مع أطفال في مثل سنه
اشغلي وقته بنشاط مفضل له، حتى تشتتي انتباهه، ولا يحتاج لأن تكوني دومًا بجانبه
أشركيه في اللعب مع أطفال في مثل سنه، كأبناء الأقارب، أو حتى أصدقاء الحضانة أو النادي
أشعريه دائمًا بالأمان، وتعاملي معه دون عصبية أو قسوة، فتربية الطفل على الخوف يزيد من المشكلة
تحدثي معه إن كان في عمر يسمح بالحوار، لتعرفي سبب خوفه وقلقه من الابتعاد عنكِ
نظمي وقتكِ بحيث تقضين معه وقتًا يوميًّا وآخر أسبوعيًّا ،والأمر نفسه مع أبيه، حتى يشعر بحرصكما على التواصل معه، وتذكري أن الاحتواء مهم لعلاج هذه المشكلة
لا تُظهري قلقك عليه بشكل مبالغ فيه، فكلما ساعدتِه على الاستقلالية، واكتشاف العالم من حوله، تعززت ثقته بنفسه، واستطاع التغلب على مخاوفه
تحلي ببعض الصبر والحكمة والاحتواء، وإتباع قواعد التربية السليمة كلما اعتمدت على طفلك، وعززت ثقته بنفسه، سيشعر بمدى حبك له