لا يساور مربي النحل الغزي، إبراهيم الضبَّة، أدنى شك، أن العلاج بلدغات ومنتجات النحل، تشفي من وباء (كورونا)، رغم كونه لم يُجرِ تجربة للتحقق من ذلك.
وزعم الضبَّة في حديث صحفي "بعد أن سمعت من الأطباء بأن البروتوكول العلاجي لمصابي (كورونا) يعتمد أساساً على المضادات الحيوية و(الكورتيزون) و(الهيبارين) أو (الكليكسان) أيقنت أن في لدغات ومنتجات النحل علاجاً ناجعاً".
وأشار إلى أننا نستخلص من النحل (العسل، غذاء الملكات، حبوب اللقاح، الشمع، و"البروبليس")، وجميعها تستخدم علاجاً بديلاً، ولكل منها فائدة مختلفة.
وأوضح الضبَّة، أن (البروبليس)، عبارة عن مادة صمغية يجمعها النحل من براعم الأشجار، ويميل لونها إلى البني، حيث يستخدمها في سد الثقوب والتشققات التي تحدث في الخلية، مبيِّناً أنه ثبتت فعاليته المضادة للبكتيريا، التي تفوق فعالية المضادات الحيوية المعروفة.
أما سُم النحل- وفق الضبَّة- فهو عبارة عن خليط مُعقد من السكريات المتعددة، والإنزيمات، والبروتينات؛ التي تمتلك خواصاً مُضادةً للالتهابات، وغيرها من المُركبات التي تُعدُّ مسؤولةً عن شعور الشخص بالألم عند تعرّضه للَسعة النحل.
وبحسب الضبَّة، فإن سُم النحل (اللسعات) يستخدم لمعالجة الأمراض الشائعة التي تطال الأعضاء الداخلية بجسم الإنسان كالجهاز التنفسي، الجهاز الهضمي، وآلام المفاصل والعظام.
ونوه إلى أن عدد اللسعات، يختلف من مريض لآخر، وذلك حسب الوزن، والحالة العامة، وطبيعة المرض، مشيراً إلى أن ذلك يكون في مواضع معينة، كمناطق الوخز بالإبر الصينية.
وتحدث عن دور سُم النحل في تدفق الدم، ومنع التجلطات، لافتاً إلى أنه يعد بديلاً عن أدوية سيولة الدم، التي تُعد ضمن التدخلات العلاجية لـ (كورونا)، كـ (الهيبارين) و(الكليكسان)، وفق قوله.
وكشف الضبَّة عن أن المكون الرئيسي لسُم النحل مادة تسمى (الميلتين)، وهي عبارة عن بروتين مضاد للالتهاب، وهي ذات المادة التي تقوم بتحفيز (الكورتيزون) الطبيعي في الجسم.
وتطرق الضبَّة للحديث عن غذاء الملكات، موضحاً أنه الغذاء الذي يصنعه النحل لإطعام اليرقات في أيامها الأولى، وهو الذي تتغذى به ملكات النحل طوال حياتها، وتنال به عمراً استثنائياً، حيث يُعد مضاداً للبكتيريا، ومقوٍ لجهاز المناعة، ويجدد الخلايا التالفة.
أما بخصوص حبوب لقاح، فبيَّن الضبَّة، أنها عبارة عن كرات يصنعها النحل عندما يحط على بعض الزهور، وهي خليط من حبوب اللقاح واللعاب، حيث يحمله النحل معه في رحلة العودة إلى الخلية، لتخزن بعد ذلك في مكان خاص، وتستعمل في صناعة ما يسمى بخبز النحل، الذي يعتبر الغذاء الأساسي للنحل.
ولفت إلى أن هذه الحبوب، تعمل كأدوية مضادة للالتهابات، وتساعد في كبح بعض ردود الفعل التحسسية.
وعن شمع النحل، نوه الضبَّة إلى أنه يحتوي على خصائص مضادة للالتهابات، عدا عن كونه مطهراً، ويساعد في علاج مشاكل الجلد مثل حب الشباب والأكزيما.
ولدى حديثه عن العسل، قال الضبَّة :"كلنا يعرف فوائده التي لا تعد ولا تحصى، ويكفي هنا الإشارة لقول الله تعالى: يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للناس".
أما عن جودة العسل وأنواعه، فلفت الضبَّة إلى أن العسل له عده ألوان، وذلك حسب المرعى الذي يتغذي عليه.
وحول ما يدور في اعتقاد الناس من أن العسل المُغذى على السكر لا يعتبر عسلاً، فاعتبر الضبَّة هذا مفهوماً خاطئاً، كون النحل طيب، ولا يأكل إلا طيباً.
واستدرك: "لكن الخلاف والجريمة تكمن في العسل المُصنع، وهو - برأيي- قاتل".
ومضى الضبَّة يقول: "العسل المغذى، والعسل غير المغذي يتفاوتان في درجة الجودة والتصنيف".
ونوه إلى أنه يوجد في قطاع غزة نحالين مهرة، مع قلة المساحات الخضراء، حيث بإمكانهم إنتاج عسل يُعد من أجود أنواع العسل.
ويفرق الضبّة بين النحّال الذي يربي النحل، ويجني منه العسل، وبين العسّال الذي يشتري النحل، ليقطف منه العسل، بمعنى آخر أن الأول يُجيد فن التعامل مع النحل وطريقة تغذيته؛ بخلاف الثاني.
وأعرب الضبَّة عن أسفه لكون وزارة الزراعة لا تقدم أي خدمات للنحالين، وتسمح باستيراد العسل، والعسل المُصنع من الخارج لمضاربة آلاف العمال الذين يعتمدون في رزقهم على تربية النحل، وبيع العسل، ومنتجات النحل، وبرغم ذلك، يواصل مربو النحل عملهم بمجهوداتهم الشخصية، رغم أن ذلك مُكلف.
وكشف الضبَّة عن تلقيه عروضات مغرية خارجية للسفر، ومنحه الجنسية، مقابل العمل في هذا المجال في بلدانهم.
وأشار إلى أن عرضاً تركياً قائماً وصله للسفر والعمل في مجال تربية النحل، مقابل منحي امتيازات بينها جنسية، لكنني رفضت العرض، على الرغم من كوننا مهمشين في غزة، وأقولها ببالغ الأسف، وفق تعبيره.
العلاج بهواء الخلية
بدوره، تفاخر مربي النحل ومُورِد لوازم النحل لنحالي قطاع غزة وليد أبو دقة، بأن في القطاع أمهر النحالين، رغم الحصار، وحالة التهميش من جانب وزارة الزراعة، فضلاً عن قلة المساحات الخضراء.
وقال أبو دقة " :"رغم كل هذه العقبات، إلا أن لدينا سلالات نحل جيدة من إنتاجنا المحلي، والتي يكون لها منتج وفير، وعسل ممتاز نسبياً"، مستدركاً: "لكننا نفتقر للسلالات العالمية كـ (الإيطالي)، و(الكيرونيولي)، و(البكفاست)، و(الاسترالي).. إلخ".
وأضاف "نقوم بمواكبة كل جديد في عالم النحل، من أساليب تربية، وتغذية، وعلاج، وتوظيف المنتج في الاتجاه الذي يحقق أكبر قدر من الفائدة".
وكشف أبو دقة عن العلاج اليوم بجو الخلية، متوقعاً أن يكون ناجعاً في حالات الإصابة بفيروس (كورونا)، كونه يستهدف الجهاز التنفسي بالأساس.
ولفت إلى أن ذلك يتم بواسطة أجهزة خاصة تقوم بشفط الأكسجين الموجود بالخلية، وضمان عدم إرجاع الزفير إليها، لأن الهواء الملوث يقتل النحل.
وبحسب أبو دقة، فإن هناك محاولات لإدخال هذه الأجهزة- التي تشبه إلى حد كبير أجهزة التبخيرة لمرضى الأزمة التنفسية-.
وفي سؤاله عن متوسط إنتاج الخلية من العسل في القطفة، أجاب أبو دقة "في الوضع الممتاز تنتج الخلية الواحدة من 14- 15 كيلو جراماً في جو غزة، وفي ظل ندرة المراعي، فيما يصل إنتاج الخلية الواحدة في تركيا إلى 50 كيلو جراما في قطفة الربيع".
ومن المعلوم، أن هناك قطفتان للعسل سنوياً، إحداها في شهر نيسان/ أبريل وتُعرف بقطفة الربيع، والأخرى تجري في شهر أيلول/ سبتمبر، وتُعرف بقطفة الخريف.
العسل و(كورونا)
من جانبه، كشف رئيس قسم التغذية السريرية بجامعة الأزهر بغزة، الدكتور إيهاب نصر، عن كون عسل النحل يُسهم في علاج الحالات غير المتقدمة بالإصابة بـ (كورونا)، ويُخفف من أعراض الوباء.
وأوضح د. نصر في حديث صحفي " أن العسل الطبيعي- غير المغشوش- يُعد قاشعاً للبلغم، مانعاً للالتهابات في الجهاز التنفسي، مصدراً للطاقة، مضاداً للجراثيم، عدا عن كونه فعالاً ضد السعال، والتهابات الحلق، ناهيك عن دوره في تعزيز "هيموغلوبين الدم" كونه يحتوي على نسبة جيدة من الحديد، مشيراً إلى أن كل ما سلف هي أعراض شائعة لوباء (كورونا).
وتحدث عن كون عسل النحل يحتوي على ما نسبته 70- 80% من أنواع مختلفة من السكريات، كالسكريات الأحادية (الجلكوز والفركتوز)، والسكريات متوسطة التعدد (الأوليجو ساكريز)، والسكريات الثنائية (سكر المائدة)، منوهاً إلى أن العسل المغشوش يتم كشفه بعد فحص نسبة السكر الثنائي.
وأضاف د. نصر "إذا زادت نسبة السكر الثنائي في العسل الطبيعي عن 5% خلال الفحص، يكون مغشوشاً، لكن في غزة نرفع النسبة لـ 10% نظراً لعدم وجود مراعٍ طبيعية للنحل، واعتماد المُربين على أغذية مُصنعة".
وشغل د. نصر قبل عمله بالجامعة، منصب مدير مختبرات الأغذية في وزارة الاقتصاد الوطني.
كما نوه د. نصر إلى أن العسل يحتوي على مركبات مثل (الفلافونيد)، التي لها وظائف علاجية، أبرزها أنها مضاد حيوي، مضاد للأكسدة (تحمي الخلايا من السرطان)، تخفيف الاحتقان .. إلخ.
ويحتوي العسل على فيتامينات A، B ومشتقاته B6، K، C، وهذه جميعاً تعمل على تقوية الجهاز المناعي، وفق د. نصر.
كما يحتوي العسل- بحسب د. نصر- على: حديد، نحاس، بوتاسيوم، صوديوم، زنك، فسفور.
وتشير الدراسات العلمية الحديثة إلى أن لسعات النحل تُسهم في تحريض الجسم على إفراز هرمون الكورتيزون، الذي يستخدم كمضاد للالتهابات.