30.55°القدس
30.17°رام الله
29.42°الخليل
29.19°غزة
30.55° القدس
رام الله30.17°
الخليل29.42°
غزة29.19°
الخميس 23 مايو 2024
4.67جنيه إسترليني
5.18دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.98يورو
3.67دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.67
دينار أردني5.18
جنيه مصري0.08
يورو3.98
دولار أمريكي3.67

خبر: عمى البصيرة

عُدْتُ لِتوّي من حفل تكريم شهداء معركة "حجارة السجّيل"، تخليداً لدمائهم الطاهرة، وتأكيداً لنصر الدم والوحدة خلف خيار المقاومة التي صنعت هذه اللحظة التاريخية طريقاً مستقيماً لا اعوجاج في معانيه نحو القدس، لتعود فلسطين قبلة الكون كما كانت في عز مجدها الغابر المكين. لحظات تختلط فيها عِبَرُ مراحل كفاح مجيد خَطَّهُ شعب صابر صامد، ردّ فيها كيد وردع العدو إلى نحره، فأدماه وفرض شروطه. وكما أسقطت عملية "الوهم المتبدد" المتوجة بفخار "وفاء الأحرار" محرمات العدو لإطلاق سراح أبطال الحرية، تأتي "حجارة السجيل" لتعصف باستراتيجياته، فَيَصِل المزارعون إلى أراضيهم وهاماتهم تطال السحاب، يحملون أعلام فلسطين وقد انكفأت حثالات قطعان جنودهم المدججين بخيبة عار الهزيمة عن الحدود الزائلة. الصيادون يمخرون عباب الموج برؤوس تعلوها تيجان الغار لتغزو أسماك المتوسط مرحّباً بها على الموائد بأحجام لم يعهدها الغزيّون منذ زمان بعيد. لحظات من الجلال تفرض وقفة صادقة وصريحة مع النفس والناس، فأرواح الشهداء وما أضافه دمهم الطهور إلى سفر الصمود والانتصارات يستصرخنا: "يا أبناء شعب فلسطين، اتحدوا"، فهل استيقظ الغافلون، ليدركوا معنى اللحظة وأفق الانتصار ؟! أيدرك مدمنو التفاوض أن ضفة القسام قد "ضاع" منها 60% تحت يافطة "العملية السياسية" الكارثة فتتحول مستوطنات وثكنات لجيش العدو؟ استبشر الجميع خيراً بوصول وفد "المجلس الثوري" لحركة فتح القادم من ضفة سلطة التعاون الأمني إلى غزة. اعتقد كُثرٌ من "الطيبين" أنهم يحملون بشائر وحدة، وبرنامج مصالحة وتصليب جبهة لجولة أكيدة قادمة، ولا أخفيكم، أنهم لا يحملون شيئاً من هذا. السيد أمين مقبول الذي ترأس هذا الوفد "المبارك"، وفي كلمته لم يذكر كلمة واحدة عن الوحدة الوطنية أو عن الثوابت الوطنية، أو عن مواجهة الاحتلال (أعوذ بالله) !! جاء يُعزي باسم حركته وباسم الرئيس وفقط، نعم، ونزل عن المنصة (شكر الله سعيكم) !! أما صِنْوهُ في هذا المنحدر عزام الأحمد، فقد رأى – وفق فهمه – أن "حماس" تُرحب بخطوة التوجه إلى الأمم المتحدة! الأحمد يثمن ويرى أنها خطوة في الاتجاه الصحيح؟! ولكن ما فاته فهو كثير!! عزام، وهذه عادته، وبسبب أشغاله الثقيلة لم يقرأ: "ضرورة أن يكون هذا التحرك في إطار رؤية استراتيجية وطنية تحفظ الثوابت والحقوق الوطنية، وتستند إلى عوامل القوة وعلى رأسها المقاومة، مع التشديد على ضرورة إنجاز المصالحة الوطنية كأولوية مستفيدين من النصر الذي أحرزه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة" ؟!! وما تقدم قاله نصاً الأستاذ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي "لحركة المقاومة الإسلامية-حماس" للرئيس عباس خلال مكالمة هاتفية، وأكدته الحركة على لسان غير مسؤول فيها. رئيس وفد المجلس الثوري، وفي كلمته مُخاطباً الجمهور، لاقى استياءً واستنكاراً شديدين عبَّر عنهما كثيرون من الجمع الكريم، لكنه – والعلم عند الله – كان أميناً لرسالة "الرئيس" وحتى يكون مقبولاً عند "السيد الإسرائيلي"! الأحمد، ووفق ما رآه في أن خطوة "حماس" تذهب في الاتجاه الصحيح حول الذهاب إلى الأمم المتحدة، يفرض عدة أسئلة: • في أي اتجاه يذهب استمرار استدعاء واعتقال العشرات من المناضلين في الضفة الفلسطينية المحتلة، والذي تصاعدت وتائره المشينة خلال معارك الأيام الثمانية؟! • من أنتم حين يذكر قادة العدو أن جهودكم الأمنية تُعطي مستوطنات الضفة المحتلة 80% من المنعة وأن نشاطهم يُغطي الباقي؟ • وهل صحيح الذهاب إلى الأمم المتحدة ونحن منقسمون، في الوقت الذي تمثل فيه حركة "فتح" أقلية حتى تقرر قضايا وطنية استراتيجية في غياب ممثلي الأغلبية؟ • في أي اتجاه يذهب الرئيس حين تصبح غزة أبعد من نيويورك والقاتل نتنياهو أقرب من القائد مشعل؟ أسئلة كثيرة وهي برسم الجميع، ولكن الشعب كله توحد خلف مقاومته الباسلة، ويعلم يقيناً أن الطريق نحو فلسطين يبدأ اليوم بانعقاد الإطار الوطني القيادي المؤقت، ليدشن انتخابات مجلس وطني حقيقي جديد يختار فيه الشعب قواه الحية المقاومة، ولصوغ برنامج وطني يحفظ وينجز الثوابت ويؤسس لمنظمة تحرير فلسطينية تمثل فعلاً شعب فلسطين في الوطن المحتل وفي أقطار اللجوء والشتات. جبهة وطنية مقاومة واحدة تذهب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية. هذا هو ما يريده الشعب، وفاء لدماء شهداء غزة والضفة على طريق بات فيها النصر قاب قوسين أو أدنى.