12.23°القدس
11.99°رام الله
11.08°الخليل
17.34°غزة
12.23° القدس
رام الله11.99°
الخليل11.08°
غزة17.34°
السبت 28 ديسمبر 2024
4.63جنيه إسترليني
5.19دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.84يورو
3.68دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.63
دينار أردني5.19
جنيه مصري0.07
يورو3.84
دولار أمريكي3.68

خبر: بين الرصاص المصبوب وعامود السحاب!

حتى على صعيد التسمية كان الفرق جليّاً بين العدوانين على غزة واللذين تفصل بينهما أربع سنوات فقط، لكنّها كانت كافية لإحداث الكثير من المفاجآت منذ حصل العدوان الثاني على غزة. في (الرصاص المصبوب) كان الاحتلال منفلتاً من أي اعتبار، وكان مسمّى العملية يشير إلى أنها ستكون حارقة ومدمرة وستحصد أرواحاً كثيرة، لأنها كانت ترمي إلى كيّ الوعي الفلسطيني في غزة، ولدفعه لنبذ ثقافة المقاومة ومشروعها السياسي، كونها الجالبة كلّ هذا الدمار! انتهت حرب (الرصاص المصبوب) وجرّ المحتل ذيول خيبته حين عجز عن تحقيق أيّ من أهدافه التي أطلقها مع عدوانه، لكن الحرب كانت (فرقانا) فلسطينياً امتازت به غزة عن سواها، حكومة ومقاومة ومشروعا وقدرة استثنائية على الصمود واحتمال الأهوال! بعد ثلاث سنوات أنجزت حماس صفقة تبادل الأسرى انطلاقاً من غزة، وجلبت الفرحة إلى آلاف الأسر الفلسطينية في كل فلسطين وليس في غزة فحسب، وبعد عام على إنجاز عملية (وفاء الأحرار) كان (عامود السحاب) ابتدأه الاحتلال باغتيال رأس المقاومة، وكان يريد منه النيل من معنويات جنده قبيل معركة إنهاك المقاومة، ثم خرج مفتخراً بأنه قضى على قدرات القسام التسليحية، فكان الرد بقصف تل أبيب ثم القدس! لم يمض وقت طويل حتى أدركت حكومة الاحتلال أن الزمن تغيّر وأن معطياته اختلفت، فلا غزة القديمة كغزة اليوم، ولا محيطها العربي كحاله اليوم، ولا حتى شارع الضفة كذاك الذي كان جامداً ومتفرجاً قبل أربعة أعوام! في حرب (الرصاص المصبوب) كانت الفجيعة رمزية المعركة الأكثر حضورا على الرغم من أن غزة لم تنكسر تحت شدة القصف، وكان لسان حال الآخرين التضامن المطلق والرثاء والأسى والتباكي على الدم والبيوت المهدمة، أما في هذه الجولة فكانت البطولة عنوان المشهد الأبرز، وهي بطولة كانت كافية لجعل أنظار العرب والمسلمين كلّهم وليس الفلسطينيين فقط تتابع الأحداث لحظة بلحظة وسط شعور غامر بالعزة وارتفاع منسوب الكرامة والزهو، فالآن صار للفلسطينيين كيان مقاوم وليس قوى متبعثرة تتلقى الضربات فحسب، لتتفنن في إطلاق التهديدات بعدها! ثمانية أيام هي فترة زمنية قصيرة للغاية، لكنها كانت كافية لصناعة التحول في الوعي والقناعات، وفي إحداث انتفاضة شعورية أعادت ثقة الفلسطيني بنفسه، وجددت يقينه بحتمية زوال الاحتلال في المدى المنظور. (عامود السحاب) أو (حجارة السجيل) هي جولة ستتبعها جولات مواجهة أخرى، وهي جولات ستدنينا من لحظة الظفر أكثر بعون الله، وستكرس المزيد من عوامل هزيمة وانكسار دولة الاحتلال، ولن تعود أحلامه قابلة لاستيعاب فكرة أن سحق غزة أمر ممكن، أو أن إجهاض المقاومة متاح بالمزيد من القمع ومشاريع تزييف الوعي، وإن كان النجاح في تضليل وعي الجمهور ممكنا بكثير من الجهد والمال المسيّس، فإن الخلاص من كل هذه الأدران يمكن أن يتم بين لحظة وضحاها، وبمجرد أن تتجلى على الأرض أولى مؤشرات إنجاز المقاومة وما تفرزه من تأثيرات مادية ومعنوية.