لاستطلاعات الرأي لدى الكيان الصهيوني مصداقية بعيدة المدى، تأخذ بها الأحزاب، ويتابعها الجمهور، وترسم معالم الخريطة الحزبية للمرحلة القادمة بما هو أقرب إلى الواقع، لذلك تحرص كل وسائل الإعلام على إجراء استطلاعات للرأي أسبوعيًّا، ونشرها، وهي متشابهة إلى حد ما، وبعيدة عن التعصب الحزبي، والتحيز المقيت الذي تراه لدى بعض المواقع الفلسطينية، والتي تجرى استفتاءً سنويًّا، يفوح عنصرية، وتظهر عليه الولاءات للتنظيمات، ويحاكي الجهة الممولة والمغذية للموقع، ولا داعي لذكر اسم الموقع الذي يجري استفتاءً سنويًّا، عن الشخصية العربية الأبرز عام 2020، فكانت النتائج بنسبة 75% لصالح محمود عباس، وترك 25% لكل من السيسي مصر، ومحمد بن سلمان السعودية، ومحمد بن زايد الإمارات، والملك عبد الله الثاني الأردن، فأي عاقل يصدق بنزاهة هذا الاستطلاع للرأي.
سأضرب مثالاً آخر؛ طالب الاستفتاء بتحديد الشخصية السياسية الفلسطينية الأبرز في عام 2020، فكانت النتائج بنسبة 45% لصالح حسين الشيخ، أيعقل هذا؟ ولم تحصل بقية الشخصيات الفلسطينية أمثال إسماعيل هنية وزياد النخالة وجبريل الرجوب وصالح العاروري وحنان عشراوي، لم يحصل كل أولئك إلا على نسبة 55% فقط، فأي أهبل يصدق مثل هذه الاستطلاعات؟ إلا إذا كان التنسيق الأمني هو أسمى أماني وأحلام وطموحات رواد الموقع.
سأنتقل إلى المواقع الإسرائيلية، وأركز على استطلاع الرأي الذي أجرته القناة 12، والنتائج التي ظهرت فيما لو جرت انتخابات اليوم، وهي متقاربة إلى حد ما مع استطلاعات رأي بقية المواقع والصحف، استطلاع رأي محترم، ينظر إلى المستقبل، ولا يفتش عن فتات الخبز:
الليكود 28، حزب أمل جديد لجدعون ساعر 19، يوجد مستقل مائير لبيد 16، يمينا نفتالي بينت 13، القائمة العربية المشتركة 11، حزب شاس 8، ويهدوت هتوراة 8، "إسرائيل" بيتنا ليبرمان 7، ميرتس 5، أزرق أبيض 5مقاعد.
الاستطلاع يقول: إن لم يتغير الواقع، وتحدث مفاجآت، وتتبدل النسب، فلا يقدر أي من الأحزاب على تشكيل الحكومة، ويستحيل على أي حزب أن يشكل تآلفًا يحظى بالأغلبية، ويتجاوز 60 مقعدًا، وعلى سبيل المثال:
لو أراد حزب الليكود تشكيل حكومة، بصفته أكثر الأحزاب الذي سيحظى بالمقاعد، فمن أين سيكمل العدد المطلوب، وقد أعلن حزب ساعر، وحزب يمينا، وحزب إسرائيل بيتنا، ويش عتيد، والقائمة المشتركة، عن عدم الاستعداد لإعطاء الثقة لحكومة يترأسها نتانياهو، وهؤلاء مجتمعين أعطاهم استطلاع الرأي 66صوتًا؟!
لقد انتهى الأمر، وأدار باب الحكومة ظهره لنتانياهو إلى الأبد، ولكن هذا لا يعني نجاح خصم نتانياهو جدعون ساعر في تشكيل حكومة، فهذا الصهيوني الأكثر تطرفًا من نتانياهو لن يحصل على دعم القائمة العربية المشتركة، وسيتردد حزب يش عتيد في دعمه، ليظل ساعر يلهث خلف الستين مقعدًا زائد وحد دون جدوى، إلا في حالة واحدة، أن يتخلى حزب الليكود عن نتانياهو، وينضم بأغلبية أعضائه إلى حزب جدعون ساعر، وهذا أمر وارد، وما دون ذلك، فجولة خامسة من الانتخابات.
ملحوظة: لو كانت فلسطين حيَّة في وجدان الفلسطينيين لخرجت المظاهرات الغاضبة ردًا على تصريحات الصهيوني المتطرف ديفيد فريدمان سفير أمريكا في تل أبيب، والذي زار بيت عائلة المستوطنة اليهودية التي قُتلت شمال الضفة الغربية، وقال: لقد قتلت لأنها يهودية، والرد الوحيد والصحيح بالبقاء هنا، وتوسيع الاستيطان!