14.13°القدس
13.4°رام الله
16.08°الخليل
19.55°غزة
14.13° القدس
رام الله13.4°
الخليل16.08°
غزة19.55°
الجمعة 22 نوفمبر 2024
4.68جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.89يورو
3.71دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.68
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.07
يورو3.89
دولار أمريكي3.71

ضحايا عجز العناية المركزة .. أزمات الأوكسجين تهدد حياة المرضى في فلسطين

ما تزال عائلة الثلاثيني الفلسطيني باسل رضوان تنتظر منذ 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي رد وزارة الصحة على طلبها بالتحقيق في ظروف وفاة ابنها في المستشفى الفلسطيني الفنزويلي (هوغو تشافيز) المخصص لعلاج مرضى كورونا في رام الله بالضفة الغربية، إذ يثبت التقرير الطبي الصادر عن قسم إدارة المستشفيات في الوزارة والذي حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، أنه في الساعة الثالثة صباحا من تاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأول توقفت إمدادات الأوكسجين في وحدة العناية المركزة مما أدى إلى تناقص مستوى الأوكسجين في دم المريض حتى 20 % لمدة 10 دقائق، على الرغم من إبقائه على مضخة أوكسجين يدوية"، وهو أمر خطير يهدد حياة المريض، بحسب المختص في الأمراض الباطنية والصدرية أحمد الربعي.

أدخل رضوان، وهو أب لثلاثة أطفال، إلى غرفة العناية المركزة في المستشفى في أكتوبر الماضي، بعد أسبوعين من إصابته بفيروس كورونا، وبقي فيها لمدة 8 أيام منها 6 أيام متصلا بجهاز التنفس الاصطناعي، قبل أن يحدث خلل في مضخات الأوكسجين، في اليوم الذي سبق الإعلان عن وفاته في 19 أكتوبر، كما يفيد شقيقه بسيل لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى أن خللا آخر في تزويد الأوكسجين حدث في 17 أكتوبر أي قبل وفاته بيومين، وهو ما تم توثيقه بالتقرير الطبي، بينما لم يتم توثيق الانقطاع الثاني خطيا على حد قوله.

يشير تقرير المتوفى باسل رضوان، إلى أنه خلال فترة انقطاع الأوكسجين لجأ الطاقم الطبي إلى استخدام جهاز ambu bag اليدوي، والذي يُستعمل في الإنعاش اليدوي في حالات توقف التنفس أو عدم التنفس بشكل كاف، ولكنه لا يفي بالغرض في حال انخفاض الأوكسجين لمستويات خطيرة، كما يوضح الربعي في إفادته لـ "العربي الجديد".

 ويؤكد بسيل أن وزارة الصحة أبلغتهم شفهيا بأن سبب وفاة شقيقه هو نقص الأوكسجين، لكنها لم تتخذ أي إجراء في هذا السياق، ولم ترد على مطالبات العائلة بمتابعة التحقيق. فيما يرد مدير مستشفى هوغو تشافيز باسل بواطنة، (كلف بإدارته بعد حادثة وفاة رضوان)، أنه غير مطلع على الأمر ولم يراجعه أحد بهذا الخصوص، ولا معلومات لديه إن كان ما جرى بسبب انقطاع التيار الكهربائي أم نتيجة عطل في المولد، وفي النهاية "الأمر بين الوزارة والعائلة التي تسلمت تقارير طبية بناء على طلبها".

على الرغم من التقرير الصادر عن وزارة الصحة والذي يثبت انقطاع الأوكسجين، فإن الوزارة نفت في تصريح صحافي بتاريخ 15 مارس/آذار الجاري كل المعلومات التي تتعلق بحدوث وفيات بسبب النقص في الأوكسجين، وأوضحت أن: "جميع محطات الأوكسجين في مستشفياتها ومراكزها مدعمة بمحطات أوكسجين إضافية تعمل في أوقات الضرورة، إضافة إلى خزانات أوكسجين سائل تُستخدم في حال زيادة الضغط على المحطتين، وأن كل مستشفى أو مركز خاص بعلاج كورونا يحتوي على أنابيب الأوكسجين المتنقلة إضافة إلى محطتي الأوكسجين وإلى خزان الأوكسجين السائل لضمان عدم حدوث أي خلل".زة

تكشف تسجيلات صوتية حصل عليها "العربي الجديد" عن اتصال يُبلغ فيه المريض المصاب بكورونا فهيم حسين 61 عاما من قرية دير الحطب، أحد الأطباء المشرفين على قسم العناية في المستشفى العسكري في نابلس بوجود خلل في ضغط الأوكسجين، لكن الأخير لم يحضر لمعاينة الأمر، وإنما اختار التواصل مع نجاح زامل، زوجة المريض، موجها إياها بفحص أجهزة الأوكسجين والمضخة، وهو ما اعتبرته في إفادتها لـ"العربي الجديد" "جريمة إهمال يجب أن تُحاسب عليها إدارة المستشفى".

توفي حسين أمام عيني زوجته نجاح، نتيجة نقص الأوكسجين والإهمال كما تضيف، مشيرةً إلى أنه عمل في وزارة الصحة لمدة 20 عاما في مجال صيانة المعدات الطبية، وقد استطاع اكتشاف الخلل في ضغط الأوكسجين في الأيام الأولى من وجوده في المستشفى الذي أُدخل إليه في يوليو/تموز الماضي، لكن الطاقم الذي يشرف على وضع المرضى كان يرفض الإقرار بالأمر، و"كانوا يقولون لي إن المشكلة في زوجي وليست في الأجهزة الطبية الموجودة في العناية، وهذا بحد ذاته استخفاف وتندر على حالات مرضية كانت تواجه خطر الموت".

تقدمت زامل بشكوى لوزارة الصحة من خلال دائرة الشكاوى في مديرية نابلس، وتنتظر التحقيق في قضية وفاة زوجها، لكنها لم تتلق ردا حتى نشر التحقيق، مشيرة إلى أنها أبلغت من قبل الدائرة بوجود قرار من وزارة الصحة بعدم إطلاع أهالي المتوفين نتيجة خلل أو خطأ طبي على التقارير الخاصة بذلك إلا من خلال النيابة العامة، وهو ما أكدته المستشارة القانونية للوزارة أروى التميمي في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد".

وبالمقابل نفى مدير عام إدارة المستشفيات في وزارة الصحة، نجي نزال، بشكل قاطع لـ "العربي الجديد" أن يكون هناك أي خلل أو نقص في الأوكسجين في المستشفيات أو أي خلل في غرف العناية الفائقة، "وكل الأمور مسيطر عليها، وما يُشاع هو حديث سوشال ميديا"، بينما يؤكد نقيب الأطباء شوقي صبحة لـ "العربي الجديد" أن "فلسطين تعاني كما باقي دول العالم من ضعف الإمكانيات في ظل الجائحة، فمثلا نحتاج إلى مضخات الأوكسجين، ولدينا خلل في الأسرة في غرف العناية الفائقة وهي ضرورية لحالات الإصابة الخطيرة بكورونا، وبعض المستشفيات بدأت بأخذ احتياطاتها من اسطوانات الأوكسجين، ولكن بالفعل هناك نقص في هذا الجانب".

يؤكد عدد من مرافقي المرضى في مجمع فلسطين الطبي في رام الله أن الأوكسجين انقطع عن قسم العناية الفائقة في قسم العظام الذي خصص لعلاج مصابي كورونا يوم الخميس 11 آذار/مارس الجاري بسبب انقطاع التيار الكهربائي، من بينهم لينيت قاصد من رام الله والتي قالت لـ"العربي الجديد" :"والدتي السبعينية، دخلت في غيبوبة ووضع صحي حرج بعد انقطاع الأوكسجين عن غرفة العناية في اليوم المذكور"، والأمر نفسه حدث مع  عبد ربه الخطيب من رام الله، والذي تردى وضعه الصحي وفق ما كشف نجله أيوب لـ"العربي الجديد"، فيما تشير لمياء برناط إلى أن والدتها هدى برجس 43 عاما من قرية الجديرة شمال غرب القدس فارقت الحياة على أثر هذا الانقطاع.

بالمقابل ينفي مدير عام مجمع فلسطين الطبي، أحمد البيتاوي، وجود أي خلل في تزويد الأوكسجين في اليوم المذكور، لأنه وبحسب النظام المعمول به لا يمكن أن ينقطع الأوكسجين عن المستشفى، بسبب وجود خمس محطات أوكسجين، فلو حدث خلل في واحدة فإن الأخرى تسد النقص، وفي حال حدث خلل في كل المحطات فلدينا مخزون أكسجين سائل.

ويؤكد البيتاوي أنه حتى لو انقطعت الكهرباء فإن أجهزة الأوكسجين تعمل لمدة ساعتين، وما يجري تداوله غير علمي ولا يتفق مع النظام المعمول به، طالبا من معد التحقيق الحضور وتصوير نظام تزويد الأوكسجين في مجمع فلسطين الطبي يوم الثلاثاء 15 آذار/مارس، لكنه اعتذر في اليوم المحدد بسبب "انشغالات"، فيما تشير مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن قرارا صدر من وزيرة الصحة في التاريخ المذكور بمنع التصوير داخل المستشفيات إلا بالتنسيق مع الوزارة.

ويعترف مدير مجمع فلسطين الطبي بأنه قد يحدث انخفاض في ضغط الأوكسجين بسبب زيادة أعداد المرضى، لكن الانخفاض أيضا يشكل خطرا على حياة المرضى وإن كان بنسبة أقل من الانقطاع، وفق ما يؤكده خبير الأمراض الصدرية والباطنية الربعي.

تنص المادة 14 من قرار بقانون رقم 31 لسنة 2018 بشأن الحماية والسلامة الطبية والصحية على تشكيل لجنة طبية دائمة تسمى "لجنة الحماية والسلامة الطبية والصحية" بقرار من مجلس الوزراء، بتنسيب من الوزير، مهمتها النظر في الشكاوى المقدمة إلى الوزارة أو النقابة المختصة من متلقي الخدمة أو من ينوب عنه قانوناً أو ورثته على أن تضم في عضويتها ممثلين عن الجهات الآتية: أ. طبيبان من الوزارة لا تقل خبرتهم عن (15) عاماً. ب. طبيبان من نقابة الأطباء لا تقل خبرتهم عن (15) عاماً. ج. عضو من المجلس الطبي الفلسطيني حسب الاختصاص. د. طبيب شرعي من وزارة العدل. هـ. عضوان من النقابة المختصة. و. عضو من أصحاب الاختصاص، يسميه الوزير بالتشاور مع نقيب الأطباء من كليات الطب في الجامعات الفلسطينية.

لكن الوزارة لم تقم بتشكيل اللجنة المنصوص عليها رغم مرور عامين على صدور القرار، وفق ما يؤكده عمار دويك، مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وهي مؤسسة تابعة للسلطة الفلسطينية معنية بالرقابة على أداء الأجهزة الحكومية، مشيرا إلى أن الشكاوى المتعلقة بالأخطاء أو الخلل الطبي ارتفعت وتيرتها خلال جائحة كورونا.

ويوضح دويك أن وزارة الصحة تقوم بتشكيل لجان داخلية خاصة للتحقيق في ادعاءات الخلل أو الأخطاء الطبية، وهذه اللجان تميل في الغالب لحماية الطبيب والوزارة أكثر من المشتكي أو المتضرر، وأغلب الردود التي تصل إلى الهيئة تميل لتبرير الخطأ أو الخلل. موضحا أن الهيئة تابعت المستشفيات وأماكن الحجر الإلزامي وتلقت شكاوى في هذا الخصوص، مطالبا بأن تكون هناك آلية رقابة وتفتيش وتحقيق فعالة أكثر من النظام الحالي، وهو ما يحلم به ذوو الضحايا ومن بينهم لمياء برناط والتي قالت :"أمي راحت قدام عينينا في لمح البصر، ما ضل إلنا حد بالدنيا".

 

العربي الجديد