19.92°القدس
19.28°رام الله
18.3°الخليل
21.36°غزة
19.92° القدس
رام الله19.28°
الخليل18.3°
غزة21.36°
السبت 18 مايو 2024
4.71جنيه إسترليني
5.23دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.03يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.23
جنيه مصري0.08
يورو4.03
دولار أمريكي3.7

خبر: فــلما اشتد ساعده

برغم من معارضة الأهل و الأصدقاء و الاتهام بالجنون لترك وظيفة مغرية في الخليج في مستشفى عسكري إلا أن هذه المغريات و المستقبل الواعد لم تمنع أحد الأطباء من الاستجابة لنداء الواجب بالعودة إلى الوطن, لتأسيس المستشفى الإسلامي الذي دخل أحد أقسامه و بدأ بفتح الكراتين وتركيب الأجهزة من الصفر،الطبيب كان من الإخوان المسلمين و لم ير في الأمر تضحية فقد تربى على الإخلاص و أن الرزق بيد الله و أن خدمة الإسلام و الناس هي خير و أبقى من كل متاع الدنيا, و القصة ليست فريدة من نوعها ,بل هي متكررة و أبطالها رجال في كل البلدان العربية وضعوا كل الأحلام الفردية جانبا لتحقيق الحلم الإسلامي بإعادة مجتمعاتهم إلى حضن الإسلام, بعد أن تاهت في أحضان التغريب و العلمانية و اليسارية و القومية و تأسيس مؤسسات تحكمها الشريعة الإسلامية ليعيش الناس الإسلام حقيقة في حياتهم اليومية و يتعاملوا به، و هؤلاء الآباء الأوائل كانوا من رواد الإخوان في بلادهم, و حملوا لها رسالة العطاء و الخير و ما ناصبوها العداء حتى عندما ناصبتهم و ظلوا يضعون مصلحة أوطانهم الصغيرة و أمتهم الكبيرة فوق كل اعتبار. لا يجب أن تكون من الإخوان لتدافع عنهم و ترى فضلهم ,فكثير من جيل السبعينات و ما يليها ممن نشؤوا و اختاروا الفكر الإسلامي و التدين هم تربية فكر الإخوان بشكل أو بآخر، فقد تعلمنا على يد مدرس ينتمي إلى الإخوان، و عالجنا طبيب إخواني في كثير من الأحيان، تحجبنا بهدى الله ثم بفضل دعوة الإخوان التي عادت بالنساء إلى الحشمة بعد سنوات من السفور،لبسنا جلبابا كانوا أول من قدم فكرته للمجتمع، قرأنا و زاد وعينا من خلال كتبهم و طروحاتهم، تعلمنا و مارسنا خدمة المجتمع في مشاريعهم، صلينا وراء أئمتهم، استمعنا لخطبائهم، صادقنا أولادهم و بناتهم، جاورناهم فكانوا نعم الجيران، كفلوا أيتامنا و أراملنا، علمونا القرآن و علوم الشريعة، و تدينا على يد علمائهم و دعاتهم و و و .. ولكن يبدو أن الوفاء و الاعتراف بالجميل خصلة نادرة و صدق الشافعي "الحر من راعى وداد لحظة أو انتمى لمن أفاده لفظة" و هذا المقصود بعموم الانتماء و الانتماء للفكرة و ليس بالضرورة للجماعة، و سواء كنا منهم أم لم نكن فلهم أياد بيضاء علينا لا ينكرها إلا الجاحدون، و لكن الناس أميل للظلم و التعالي و صدق المتنبي: و الظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم فبمجرد أن نكبر يسهل علينا قدحهم و ذمهم و المشاركة في التأليب عليهم ,و كأننا لم نجتمع يوما على فكرة و لم نشترك في عمل و ليس بيننا خبز و ملح معجون في فكرنا و تكويننا و شخصياتنا!!! و الأدهى فيمن يكون منهم و من قادتهم و منظريهم ثم ينشق عنهم لأمر في نفسه و غيظ في صدره و ركض وراء لعاعات الدنيا فاتحا الباب لتقولات و إشاعات المغرضين بأن لو "كان في الجماعة خير ما تركوها"! فهل من العدل أن نرمي بحجر في بئر سقانا ماء ذات يوم؟ و نقطع يدا مدت إلينا لتنشلنا من غياهب الظلمة و الجهل و التهميش؟ و نفقأ عينا رأت المستقبل فينا و من خلالنا؟ هل نصدق الإعلام و نكذب خبرتنا معهم و علمنا بهم؟ و حتى لا تكون الأسئلة من باب الاستفزاز العاطفي فيجب القول إن افتراض القدسية في أي مذهب أو إنسان أو جماعة حتى وإن كانت تنتسب للدين هو ما يجعلنا نُصدم في الإخوان وغيرهم إذا صدر عنهم خطأ أو تقصير و هذا ابتداءً خطأ فينا وليس فيهم، فالبشر بشر حتى لو كانوا إخوانا أو سلفيين أو من أي أشكال و أسماء وأنواع الجماعات والحركات الإسلامية، لأنهم ببشريتهم أهل النقيصة والجرم كما أنهم أهل العمل والتضحية والعطاء إذا غلب خيرهم شرهم وقوة إيمانهم على ضعفهم، والتاريخ يشهد لهم بمواقف عظيمة لا ينكرها الا جاهل أحمق وهم مقارنة بغيرهم من الحركات اللادينية من الجديد والقديم أكثر عطاء وتجردا و أمانة وأحسن سيرة، إلا أن تعاملنا نحن مع الأخطاء يثبت أي نوع من البشر نحن: هل نحن مصلحون مشفقون؟ أم متربصون أدعياء، والفرق كبير بين من يعارضك ليصلح ولا يكتفي بالمعارضة بل يقدم الحل ويساهم معك في تطبيقه، وبين من يراك بعين البغض والنقص حتى لو استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء وتأتي بالعجائب و لن يراك أو يقول فيك خيرا أو يرضى عنك حتى تتبع ملته!!! فرق بين من ينتقدك في أذنك ولا يُسمّع بك ولا يشوه صورتك وهو حريص عليك ويرى فيك مشروعا أكبر من الشخوص ويعمل معك لخدمة الفكرة الكبيرة والمشروع العظيم بعلمه ومواهبه وطاقاته، وبين من ينتقد من برج عاجي ولم يُعمل فكره ولا يديه ولم يبذل من وقته لخدمة وطنه وشعبه و اقتصر على ترديد كلام كبير لا يسمن ولا يغني من جوع! الجماعة بدأت بصوت واحد في الإسماعيلية ثم أسمعت الدنيا وصمدت بالرغم من كل محاولات الكيد لها والنيل منها للقضاء عليها فلا بد أن فيها ما يرضى الله عنه حتى أذن لها بالاستمرار فالله لا يصلح عمل المفسدين كما لا يضيع أجر المحسنين، والذين يبنون مستقبلهم على سمعة سابقة ربطتهم بالحركة الإسلامية بعد انشقاقهم عنها ينجحون لهنيهة ثم يلفظهم الناس لأن الفكرة الصافية و الخالصة هي الباقية بعد ذهاب الأشخاص والأسماء الذين ليسوا أكثر من وسيلة في إنفاذ قدر الله الإخوان المسلمون جماعة من الجماعات الإسلامية لا تحتكر الحق ولا الصدق ولا الوطنية، وإنما هم طيف من الفكر والعمل الجماعي للإسلام لهم فضائل كثيرة ولهم أخطاء كذلك وفيهم قصور وفضائلهم وصلت الكثيرين وعند أخطائهم يجب التحدث إليهم ومحاولة إصلاحهم من داخلهم والاصطلاح معهم أو بجانبهم, فالأوطان والأحوال تحتاج إلى جهود كل الحريصين وليس كلامهم، ومن نافسك في الجعجعة فاصمت واجعل الفعل يتحدث عنك، الفعل والفعل فقط هو ما يبيض الصفحات أو يسودها والأيام والأحداث كفيلة لكي يتبين للناس الرشد من الغي. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم".