17.24°القدس
16.09°رام الله
17.39°الخليل
20.28°غزة
17.24° القدس
رام الله16.09°
الخليل17.39°
غزة20.28°
الخميس 24 ابريل 2025
4.93جنيه إسترليني
5.21دينار أردني
0.07جنيه مصري
4.22يورو
3.69دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.21
جنيه مصري0.07
يورو4.22
دولار أمريكي3.69

خبر: رحلة إلى المجهول

طلبت مدرّسة ابنتي الصغيرة من تلاميذ الفصل كواجب مدرسي أن يرسموا وسيلة مواصلات كما يتخيلوها في المستقبل. وبعد أن أنهت ابنتي رسم غواصة سألتني كيف أرى وسائل النقل في المستقبل؟ وحيث إني لم استطع أن أفكر بشيء على نفس المستوى من الإبداع بدأت أردد ما رأيته في أفلام الخيال العملي من سيارات تطير في أنابيب معلقة في الهواء، ورحلات مكوكية ترفيهية إلى القمر والمريخ وغيرها مما جادت به قريحة هوليوود. سألتني عندها إن كنت أعتقد أن هذا خيال علمي أم حقيقة ستعيشها في حياتها؟ أجبتها أن كثيراً مما كان يعتبر خيالاً علمياً في طفولتي أصبح حقيقة وواقعاً نعيشه اليوم! فكم حلمنا أن نحمل هاتفاً نقّالاً يصلنا بالعالم حيثما كنا في زمن الهاتف الأرضي ذي القرص الدوّار الذي اعتبر أيامها صاحبه من الأعيان؟! أما اليوم فالهاتف الذكي النقال أصبح في متناول الجميع بل أصبح الاستغناء عنه مستحيلاً ,إذ لم يعد وسيلة اتصال مرئية ومسموعة فحسب بل مفكرة وكتاب ومصدر معلومات في آن واحد. أما التلفاز فحدّث ولا حرج فمن الأبيض والأسود العملاق إلى الملون ذي القناتين إلى أن وصلنا إلى تلفزيونات غاية في الرقة ثلاثية الأبعاد تفاعلية تبث قنوات لا تعد ولا تحصى. أما الانترنت، ولعلها أهم اختراعات العصر، فلم تكن حتى لتخطر على بال مبدعي هوليوود من رواد الخيال العلمي، أما اليوم فالعالم كله على مرمى نقرة من المعلومة. كل هذا أصبح واقعاً نتيجة طفرة تكنولوجية حديثة العهد من شأنها دون شك أن تحلق بالسيارات عالياً وتأخذنا إلى المريخ. أخذت ابنتي تقفز فرحاً إذ اعتبرت نفسها محظوظة لأنها ولدت في زمن بلغ فيه التطور التقني أوجه, فلا بد أن هذه الوسائل التكنولوجية المثيرة ستكون مصدر سعادة وراحة لجيلها وجيل من بعدها. أخذت أراقبها وهي تقفز وأنا أسأل نفسي "هل نحن حقاً أكثر سعادة من أسلافنا الذين حرموا نعمة الهاتف النقال والتلفاز والانترنت وغيرها من وسائل الراحة؟" جال في خاطري عندها عبارة رددتها كما رددها العديدون "ساق الله أيام زمان، أيام الخير والبركة". في تلك الأيام كان أحدنا أكثر نشاطاً وحيوية يقضي جلّ وقته مع أهله وأحبائه قبل أن يستولي جهاز على حياته وحياة أهله وأحبائه. في الأيام الخالية كانت الحياة أكثر بساطة وأقل هماً؟ أما الآن فالمسؤوليات تلاحقنا حتى فرش نومنا منذرة بليال ملؤها القلق والأرق. في الأيام لخالية كان المرء يعيش حتى أرذل العمر دون أن يقلق من كولسترول أو حريرات زائدة في طعامه أو من ترهل في جسمه نتيجة قلة الحركة أو انهيار في أعصابه نتيجة ضغوطات الحياة،أما اليوم فيجب علينا مراقبة طعامنا وشرابنا وممارسة الرياضة واليوغا وتجنب الغضب والعصبية الزائدة. لست ادّعي أن الهاتف الذكي أو التلفاز التفاعلي أو غيرها من وسائل التكنولوجيا هي السبب في كل هذا ولكنها بالتأكيد بعض أدواتها. لا أعرف إن كان من الحكمة أن أشارك ابنتي الصغيرة هذه المخاوف فلعلها تستمتع بما بقي في الحياة من حياة قبل أن تقودها السيارات الطائرة ورحلات الفضاء إلى مستقبل مجهول.