دعا عدد كبير من المثقفين الإسرائيليين محكمة الجنايات الدولية في هاغ لـ عدم تصديق سلطات الاحتلال الإسرائيلية بكل ما يتعلق بـ التحقيق بـ جرائم الحرب المنسوبة لها، مشددين على أن طلبهم يستند لتجارب الماضي.
وحسب صحيفة ” هآرتس ” توجه 180 عالما وباحثا أكاديميا إسرائيليا بـ مذكرة للمحكمة الدولية بهذا الطلب النادر ومن بين الموقعين مثقفون يهود حائزون على الجائزة المرموقة ” جائزة إسرائيل ” تقديرا لمساهماتهم العلمية. وقد اقترح هؤلاء في مذكرتهم الموجهة للمدعية العامة في المحكمة الدولية فاتو بينسودا مساعدة منظمات حقوقية إسرائيلية من أجل جمع أدلة على جرائم حرب إسرائيلية.
ومن بين الموقعين على المذكرة 35 أستاذا جامعيا بدرجة بروفيسور، ضباط في الاحتياط،أدباء ومثقفون وناشطون في اليسار ومحققون وصحافيون وتتطرق المذكرة لنظام المحكمة الجنائية الدولية والذي بموجبه تتوجه المحكمة لدولة معينة من أجل استطلاع رغبتها هي بإجراء تحقيق حول ما قامت به بعض أذرعها قبل أن تحقق المحكمة الدولية بها واتهام إسرائيليين بالتورط بها.
وينسف الموقعون الرواية الإسرائيلية الرسمية بقولهم في مذكرتهم :” نحن بهذه المرحلة نريد التعبير عن ريبتنا العميقة بالاستناد لتجارب الماضي لأن "إسرائيل" بكل مؤسساتها المحققة والقضائية لا تنوي أبدا التحقيق بجدية شكاوى ودعاوى تتعلق بارتكاب جرائم حرب.
وتابعوا في مذكرتهم ” تتعزز شكوكنا بعدد كبير جدا من الأحداث الموثقة المرتبطة بشبهات ارتكاب جرائم حرب إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بخلاف مطلق للقانون الدولي. معظم هذه الأحداث لم تخضع للتحقيق وقليل منها انتهت بتبرئة المتهمين عقب عمليات تحقيق سطحية وغير مناسبة”.
وفي معرض المذكرة يقوم الموقعون بتفصيل جملة من الأفعال التي ترتقي لدرجة جرائم حرب : عمليات التمييز الكثيرة، تقييدات قاسية لحرية الحركة، مصادرة أراضي فلسطينية لخدمة المستوطنات،العقوبات الجماعية والتعسفية،اعتقالات غير مبررة بما فيها اعتقالات إدارية لفترات طويلة وسجن غير دستوري داخل سجون خارج الأرض المحتلة ومداهمة المنازل والقرى بشكل واسع وتدمير بيوت ومبان ومرافق حيوية أخرى كـ الماء وسلب تصاريح إقامة ومنع دخول الفلاحين لأراضيهم ومراعيهم الخاصة.
كما نوه الموقعون إلى الفشل الخطير لدى المحاكم العسكرية الإسرائيلية في تأمين العدل حتى ولو في شكله الظاهري مشددين على واجب القيام بالتحقيق بكل هذه المخالفات من قبل محكمة الجنايات الدولية. ويعرب الموقعون عن أسفهم حيال الحقيقة بأن واقع وحقيقة "إسرائيل" مختلفة تماما، مستفزة وقاسية، عن صورتها كـدولة تدير جهازا قضائيا نزيها ومهنيا وجديرا.
ويخلص الموقعون الإسرائيليون للقول في مذكرتهم ” القانون المفروض على الأراضي الفلسطينية المحتلة وكيفية تطبيقه فعلا يتيح حدوث جرائم حرب للوهلة الأولى”. وتابعوا ” يحافظ كثيرون منا على علاقات مع منظمات حقوقية في إسرائيل وفلسطين والتوثيق الواسع الموجود بحوزتها من شأنه أن يقدم مساعدة للمحكمة الدولية”.
يذكر أن بعض المراقبين المحليين سبق ونصحوا السلطات الإسرائيلية بقيام جيش الاحتلال بالتحقيق مع نفسه ومع ضباط فيه يشتبه بهم بالتورط في جرائم حرب خلال عدوان ” الرصاص المصبوب ” في نهاية ديسمبر/كانون أول 2008 وذلك كـ ضربة استباقية للحيلولة دون دخول محكمة الجنايات الدولية على الخط خاصة بعد صدور تقرير ريتشارد غولدشتاين الأممي ” حول هذه الحرب التي قتل فيها نحو 1500 مرأة وطفل داخل قطاع غزة.