وصف خبراء عسكريون مصريون، تصريحات المسؤولين الإثيوبيين المتتالية بشأن إنشاء قواعد عسكرية في البحر الأحمر، وتعزيز الوحدات القتالية حول سد النهضة، بأنها تأتي "للاستهلاك المحلي فقط"، وسط موجات الأزمات التي تعيشها أديس أبابا.
وكان القائد العام للقوات الجوية الإثيوبية، الجنرال يلمما مرداسا، قد قال الأحد، إن القوات الإثيوبية "تعزز وحداتها أكثر من أي وقت مضى"، مشددا على أنها تقوم بـ"حراسة دقيقة" لسد النهضة.
يأتي هذا التصريح بعد أيام من إعلان المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا المفتي، عزم بلاده إنشاء قواعد عسكرية في البحر الأحمر.
واعتبر رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، اللواء نصر سالم، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذه التصريحات "طبل أجوف، ولا تؤثر بأي حال من الأحوال على الطريق التي تمضي فيه القاهرة للوصول إلى اتفاق عادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة".
وانتقد سالم الإعلان الإثيوبي عن اعتزام إنشاء قواعد عسكرية في البحر الأحمر، قائلا: "كيف تضع قواعد على البحر الأحمر وهي دولة حبيسة ليست لديها شواطئ أو سواحل؟".
كما اعتبر أن التصريحات بشأن تعزيز الحراسة على سد النهضة تثير الكثير من علامات الاستفهام، متابعا: "تحميه من مَن؟ هذه التصريحات بالنسبة لنا استهلاك محلي، لا تشغلنا في شيء ولن تعوقنا عن حماية مصالحنا الحيوية مهما كان الثمن، ولا يوجد ما يخيف مصر".
وشدد الخبير العسكري المصري على أن "الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة يأتي عبر التفاوض بين الدول الثلاث، وصولا إلى اتفاق بينها، لأن مصر لن تفرط في نقطة مياه واحدة من حقوقها التاريخية".
وفي هذا الإطار، أكد سالم على ضرورة التوصل إلى هذا الاتفاق قبل الملء الثاني لسد النهضة المزمع في يوليو المقبل.
وكان خبير الموارد المائية وأستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، عباس شراقي، قد أعلن عن صور حديثة متداولة من موقع إنشاءات سد النهضة تكشف تفاصيل جديدة، مفادها بأن الجانب الإثيوبي نجح في الانتهاء من تعلية الممر الأوسط للسد بارتفاع 4 أمتار إضافية، مما يعكس الجدية في إتمام عملية الملء الثاني.
وأكدت إثيوبيا مرارا أنها تنوي إجراء الملء الثاني لسد النهضة، الذي يقدر بـ13.5 مليار متر مكعب، في موعده المقرر في يوليو، مما أثار مخاوف مصر والسودان من تراجع حصتهما من المياه.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد شدد على أن مصر "لن تقبل بالمساس بأمنها المائي، وبالتالي ضرورة التوصل للاتفاق القانوني الملزم المنشود، الذي يحافظ على حقوق مصر المائية ويحقق مصلحة جميع الأطراف، ويجنب المنطقة المزيد من التوتر وعدم الاستقرار".
"أقوال وليست أفعال"
من جانبه، اعتبر مستشار كلية القادة والأركان، الخبير العسكري، اللواء محمد الشهاوي، ما صرح به القائد العام للقوات الجوية الإثيوبية أنها "أقوال وليست أفعال".
وتابع: "تدخل هذه الخطوة في منهج سياسة الهروب إلى الأمام، للتغطية على الأزمات الاقتصادية في إثيوبيا والمعارك في إقليم تيغراي".
كما جدد التأكيد على أن مثل هذه التصريحات هي "للاستهلاك المحلي الداخلي فقط"، لافتا إلى أنه "لا مجال للمقارنة بين القدرات العسكرية المصرية والإثيوبية".
وأضاف الخبير العسكري المصري أن "المياه بالنسبة لمصر قضية حياة أو موت، وبالتالي فكل السيناريوهات مفتوحة، وأفضلها سيناريو التفاوض.. مصر لن تتردد في اتخاذ أي موقف حازم في حال استمرار التعنت الإثيوبي".
وطالب الشهاوي المجتمع الدولي بـ"القيام بدوره في حل هذه الأزمة بين الدول الثلاث، لأن إثيوبيا تقوم بالمماطلة والاستفزاز، والدليل على ذلك مثل تلك التصريحات التي لن تجدي شيئا".