دعا مؤتمرون في غزة إلى صبغ إعمار قطاع غزة في إطار رؤية وطنية فلسطينية، تتكون من شقين، أولهما يتمثل في تعويض المتضررين، والثاني بوضع خطة تنموية تعزز حالة الصمود، وتدعم المقاومة، وتوظف الدعم لصالح الشعب، وتمنع انحراف بوصلته عن الأهداف الوطنية.
كما دعا المجتمعون خلال مؤتمرٍ نظمته حركة حماس لدعم المقاومة ونصرة القدس إلى توحيد جهود العاملين في المجتمع الأهلي من خلال تشكيل تنسيقية لمؤسسات المجتمع الأهلي والمدني تساعد على استثمار الجهود، وتحسين الأداء، وتعظيم الآثار الإيجابية للمبادرات والخدمات والجهود التي يُقدمها المجتمع المدني والأهلي في مختلف المجالات.
وطالب المؤتمرون بتضافر جهود أطياف الشعب الفلسطيني عسكرياً وسياسياً، من خلال تشكيل قيادة وطنية موحدة تستقطب جميع الكفاءات في ساحتنا الفلسطينية، لخوض النضال الضروري من أجل تحقيق الحرية والاستقلال.
كما دعوا قادة التنظيمات إلى الجدية في الحوارات المرتقبة بما يحقق الأهداف العليا للشعب وترتقي لمستوى التضحيات التي بذلها مجتمعنا.
وأكد المجتمعون أن الشعب الفلسطيني أظهر في التصدي لعدوان قوات الاحتلال على القدس وغزة في مايو الماضي وحدة الشعب، وإمكانية توحيد مفردات قوته ضد الاحتلال بشكل مشترك، وأن العمود الذي تقف عليه خيمة الشعب الفلسطيني هو المقاومة الجادة بأشكالها وصورها كافة، مع ضرورة لفظ التدخلات التي تمنعها أو تعيقها.
وأشاروا إلى التكامل بين المقاومة المسلحة في غزة، والمقاومة الشعبية في الضفة بما فيها القدس، والأرض المحتلة عام 1948، إضافة إلى الإسناد من أهلنا في الشتات، "حيث أن الانتصار على العدو ممكن، وأن هذا العدو -رغم كل أدوات القوة التي في حوزته- لا يملك إلا البطش بالمدنيين، واستنزاف الموارد المجتمعية".
ولفت المؤتمرون إلى أن المجتمع المدني والأهلي أثبت أنه شريك كامل في توفير البيئة الصالحة لدعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال، وذلك من خلال ما يقدمه من جهود في مجال الإغاثة والتنمية والخدمات، ورفض التطبيع والدعوة إلى مقاطعة الاحتلال.
من جهته قال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي، إن بنك أهداف الاحتلال الإسرائيلي في العدوان الأخير تمثل في المدنيين بشكل أساسي.
وأضاف عبد العاطي في كلمته خلال المؤتمر، أن معركة سيف القدس ساهمت في كسر نظرية الردع الإسرائيلي، لافتا إلى أننا بعد 73 عاما، أصبحنا نرى أننا أقرب إلى النصر وانتزاع حقوقنا المشروعة.
ودعا إلى تبني مبدأ المقاومة الشاملة بجميع أشكالها، موضحا أنه لا يوجد شعب في العالم يتحرر بالقانون وحده أو بالمقاومة الشعبية وحدها أو بالمقاومة المسلحة وحدها.
وأشار عبد العاطي إلى أن "نقطة الضعف الوحيدة في هذه اللوحة الجميلة التي رسمها شعبنا، كانت القيادة التي شكلت لجنة لدراسة الخيارات وحتى الآن لم تنتهي من عملها، ولن تنتهي لأنها تتمسك بخيار التنسيق الأمني".
وشدد على أن "الوحدة قانون الانتصار، وأن المخرجات تتطلب وحدة على أساس برنامج وطني كفاحي واستراتيجية نضالية شاملة وقيادة جماعية تضم كل القوى الفلسطينية".
وتابع عبد العاطي:" آن الأوان أن تتغير وظيفة السلطة، وأن تصبح خادمة للمشروع الوطني وليس وكيلاً للاحتلال، لا بمهام أمنية ولا اقتصادية ولا تسويفية."
وأوضح المختص الحقوقي:" نحن على تواصل مع مكتب المدعي العام يومًا بيوم، وسنواصل إرسال له الرسائل من أجل فتح تحقيقات جادة في كل جرائم الاحتلال".
من جهته، قال رئيس الاتحاد العام للمراكز الثقافية يسري درويش إن معركة سيف القدس أثرت في عقول ونفوس الشعوب وأربكت حسابات الدول وعلى رأسها الراعية للاحتلال وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي هرولت لوقف إطلاق النار من أجل حماية حليفتها إسرائيل.
وأكد درويش في كلمته بالمؤتمر، أن ما جرى في سيف القدس حمل بعدا استراتيجيا لأنها انطلقت ردا على اعتداءات الاحتلال في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى المبارك.
وأشار إلى أن الاحتلال فرض حصارا على قطاع غزة عام 2006 من أجل عزله وإبقائه بعيدا عن القضايا الوطنية، إلا أن هذه المعركة أعادت الاعتبار لغزة التي أثبتت دائما أنها خزان الثورة.
ولفت درويش إلى أن الثورة الشعبية التي شهدتها مدن الداخل الفلسطيني والضفة الغربية، والانتفاضة العسكرية في غزة شكلت صدمة للاحتلال وعززت مفهوم أن الشعب الفلسطيني شعبا واحدا.
ونوه إلى أن حالة التضامن الشعبي في أكبر عواصم العالم وخروج المظاهرات في العواصم العربية، شكلت انحسارا كبيرا للمطبعين، وأعادت روح التضامن مع فلسطين بصورة كبيرة.
ودعا درويش لتعزيز الوحدة الوطنية واستثمار النصر لتشكيل قيادة وطنية موحدة، واعتماد المقاومة كمنهج حياة لهذا الشعب بكافة أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلحة.
وشدد على ضرورة إعادة بناء منظمة التحرير بحيث تشمل كل الفصائل، وأهمية استنهاض دورها ووقف كل أشكال الاعتراف مع الاحتلال.
من جانبه، قال الكاتب والأكاديمي أيوب عثمان، إن معركة سيف القدس مثلت الكل الفلسطيني ووحدت شعبنا في كل أماكن تواجده.
وأضاف درويش في كلمة له، أن المقاومة أخرجت سيف القدس من غمده مبرهنة أن غزة المثقلة بعبء الحصار تقود معركة القدس.
ولفت إلى أن مشروع المقاومة في غزة لم يكن مشروع فئويا ضيقًا كما أراد البعض تصوير ذلك، إنما أوصل رسالة للجميع أن المقاومة تستطيع الدفاع عن كل الفلسطينيين.
وبين درويش أن هذه المعركة كشفت انكفاء الفلسطينيين عن مشروع التنسيق الأمني الذي تمثله السلطة الفلسطينية.
وأكد أن المقاومة تمكنت من فرض قواعد اشتباك جديدة على أكثر من مستوى مفادها أن اليد الإسرائيلية الطويلة على القدس ستقابلها يد أطول تطلق الصواريخ على "تل أبيب" وغيرها.