دعا الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان الحكومة برئاسة محمد اشتية إلى التراجع عن قرارها القاضي بإلغاء المادة (22) من مدونة سلوك العاملين في الوظيفة العامة، مشيرًا إلى أنّ القرار جاء في ظل حالة التراجع التي تشهدها الحريات العامة في فلسطين وتحديدًا حرية الرأي والتعبير.
واعتبر الائتلاف، في جلسة نقاش عقدها يوم الأربعاء، أنّ قرار الحكومة المقيّد لآراء الموظفين وحرّيتهم بالتعبير عن الرأي جاء في وقت يتعرّض فيه "بعض موظفي القطاع العام في الفترة الاخيرة من تهديدات، هدفت الى تضييق مساحاتهم في التعبير، وذلك عبر تعليمات شفهية معممة أو تهديدات مباشرة تصل الى حد الاقالة من الوظيفة العامة".
وأكّد ضرورة إلغاء القرار المذكور لتعارضه مع القانون الأساسي ووثيقة الاستقلال وقانون الخدمة المدنية، والاتفاقيات الدولية الملزمة لدولة فلسطين مثل الميثاق العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وأشار إلى أنّ "مدونة السلوك تعتبر التزامًا طوعيًا وأخلاقيًا من قبل الموظفين، وليست الحكومة جهة الاختصاص في إقرار وإصدار قرارات متعلقة بها، وإنما الأجسام النقابية التي تمثل الموظفين فيها".
واعتبر ائتلاف أمان أنّ مدونة السلوك الوظيفي "إنجازًا هاماً لتعزيز منظومة النزاهة ومكافحة الفساد بالقطاع العام"، مشيدًا بالدور الذي لعبه الفريق الوطني الذي عمل على إعدادها في 2012، لما تضمنه من قيم وسلوكيات على الموظف العام الالتزام بها، وشمولها على الحقوق التي ضمنها له القانون الأساسي الفلسطيني.
وتنصّ المادة 22 من مدونة السلوك الوظيفي على أنّ "للموظف الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير مع مراعاة التشريعات النافذة، كما على الموظف عند إبداء رأيه أو تعليقه أو مشاركته على مواقع التواصل الاجتماعي أن يوضح أنه يمثل رأيه الشخصي فقط ولا يعكس رأي الجهة الحكومية التي يعمل بها".
وقال إنّه ينظر "ببالغ الخطورة" لقرار حكومة اشتية إلغاء هذه المادة التي تكفل حقّ الموظف بالتعبير عن رأيه.
إصلاح سياسي شامل
ورأى ائتلاف أمان أنّه "ودون إعادة الاعتبار للقانون الأساسي الفلسطيني، والقيام ببرنامج إصلاح سياسي شامل، يعيد إحياء الحياة الديمقراطية في فلسطين بوجود السلطات الثلاث وينهي الانقسام ويحمي الحريات، سوف تستمر فوضى القرارات والقوانين وتعديلاتها والانتهاكات لحقوق أساسية كفلها القانون الاساسي والمواثيق الدولية لكل إنسان".
وشدّد على "ضرورة إجراء الانتخابات، بحيث يكون الحكم بالمشاركة، وإعلاء الإرادة الشعبية التي تعتبر مصدر الشرعية، ومساءلة الحكومة عن مظاهر قمع الحريات من خلال مجلس تشريعي منتخب".
وأجمع المشاركون على أنّ الحق في التعبير عن الرأي حق أصيل للإنسان، وإن ما يحدث هو الوصول الى حالة مزرية وخنق للحريات العامة، زيادة وإمعان في تقويض الحريات ومصادرتها، والمزيد من تغول للسلطة التنفيذية والهيمنة في كافة المجالات، مع الابتعاد عن التداول السلمي للسلطة، بدلا من إجراء انتخابات، وإعطاء المواطنين بارقة أمل في نظام سياسي ديمقراطي، بحسب البيان.
وأشاروا إلى أهمية إعادة تصميم التشريعات التي ما زالت سارية المفعول مثل قانون الجرائم الالكترونية، والقوانين المتعلقة بالإعلام بحيث تكون حافظة للحقوق والحريات وكرامة الانسان.
وأعربوا عن استغرابهم من تبرير الحكومة من أن الغاء المادة 22 سيعزز من حرية الرأي والتعبير، مع الاشارة الى التناقض بين خطاب الحكومة والقرارات التي تصدر، والإجراءات التي يتم اتخاذها على أرض الواقع.
ورأوا أنّ شطب المادة 22 يحوي أيضًا رسالة للموظف تقيّد إبداء رأيه والإبلاغ عن أية تجاوزات أو شبهات فساد ممكن أن تحدث أو يكون شاهدا عليها.
وكرّر "ائتلاف أمان" مطالبته بضرورة وجود نظام ديمقراطي يحترم الانسان وكرامته، يتم الاستناد فيه الى وثيقة الاستقلال والقانون الأساسي، وضرورة وجود قضاء مستقل يتم الاحتكام اليه وسط حالة التراجع في نزاهة الحكم في كل من الضفة والقطاع لوقف الانزلاق في مستنقع الفساد السياسي.