خريجون يرونه "استعباداً" لطاقاتهم.. وآخرون يثمّنون دوره في ما وصلوا إليه
خبر: "التدريب".. "دفعة" على طريق "التوظيف"!
10 سبتمبر 2011 . الساعة 09:04 ص بتوقيت القدس
"رغم تخرجه من قسم المحاسبة في إحدى جامعات قطاع غزة قبل عامين، ما زال أحمد الحداد يبحث عن عمل". فالشاب الذي يبلغ من العمر (24 عاماً) يقف -حتى اللحظة- في طوابير البطالة الطويلة كعشرات الألوف من خريجي الجامعات الفلسطينيين. صحيفة "الشباب" التقت الحداد وسألته عما إذا كان تقدم للتدرب كمحاسب في أي مكتبٍ خاص لاكتساب الخبرة على أقل تقدير؟، فكانت إجابته قطعية :"لا.. ولن أفعل، فأنا أفضل أن أكون عاطلاً عن العمل على أن أتدرب مجاناً في مؤسسةٍ قد لا تقبل بي عاملاً لديها أصلاً!".. متابعاً :"ما أريده هو فرصة "عمل" لا فرصة "تدريب" أضيع بها وقتي هنا أو هناك..". أسئلةٌ ميدانية طرحناها على عينةٍ عشوائية من الخريجين "من حظي منهم بوظيفةٍ ومن كان حاله كحال صديقنا الحداد"، أفضت إلى نتيجةٍ مخيفة :"معظم المستطلعة آرائهم لا يمتلكون حقيقةً معلومات دقيقة عن أهمية "التدريب" كخطوة على درب الحصول على وظيفة.."! المزيد من التفاصيل في سياق التقرير: "استعباد"..!! ماجد عبد الرحمن (23 عاماً)، كان كسابقه غير مستعدٍ بتاتاً لأن "يستعبد" -على حد وصفه- في فترةٍ تطوعية في شركةٍ أو مكتبٍ خاص دون طائل، يبرر وجهة نظره بالقول :"درست الهندسة المدنية مدة خمس سنوات، وكلفت والدي مبالغ طائلة وأعباء مادية جسيمة، وعند الخروج إلى ميدان العمل تدربت في عدة مكاتب ولمدة شهور متواصلة لم أجن خلالها الخبرة الحقيقية التي كنت أريدها (..)! مستدركاً :"كما أنني أيضا لم أحصل على أي مقابل مادي يشجعني على الاستمرار في التدريب فتوقفت، وحاليا أبحث عن فرصة عمل كما ترى..". أما حسام إبراهيم (24 عاما)، فتدرب –كما يؤكد- في العديد من مؤسسات المجتمع المدني بغية الحصول على الخبرة في مجال علم النفس التربوي الذي درسه مدة أربع سنوات، "لكن الأمر لم يكن سهلاً أبداً". يضيف :"أنا أسكن جنوب قطاع غزة، في حين أن انخراطي للتدريب في مؤسسةٍ معينة، كان يتطلب مني العمل في شماله، مما يعني أنني كنت أنفق مبالغ أكثر من التي كنت أحصل عليها من تلك المؤسسات تحت بند "المواصلات"! [title]على درب التوظيف[/title] أما بالنسبة لغسان نافذ (22 عاماً)، فيمثل التدريب "الخطوة الأولى" للحصول على وظيفة، مدللاً على ذلك بقوله :"التحقتُ بتخصص تكنولوجيا المعلومات، وعملت بعدها شهوراً طويلة مع العديد من المؤسسات العاملة في مجال البرمجة والتكنولوجيا، وأستطيع القول إنني اكتسبت خبرات عملية هامة سواء على الصعيد المهني أو حتى فيما يخص كيفية التعامل مع زملائي ورؤسائي داخل العمل، وهي الخبرة التي مكنتني من نيل وظيفتي الحالية". ويردف:"لا أنكر أنني وجدت نفسي مراتٍ كثيرة تحت ضغوط مستمرة خلال التدريب، وأصعبها على الإطلاق الضغوط المادية، إذ أن أسرتي كانت تعاني من ضائقة مادية شديدة وكانت تنتظر مني المشاركة في تخفيف العبء عنها بعد التخرج، فضلا عن أن جل تلك الأماكن التي تدربت فيها قلما منحتني عائداً مالياً مقابل جهدي، وإن حدث ذلك فإن تلك المبالغ تكون بسيطة جداً ولا ترتقي إلى الجهد الذي كنت أقدمه في المؤسسة، ولكن لم يكن لدي أي بديل وقتها". ويؤيده في هذه النقطة سامي أشرف (27 عاما) الذي أكمل بالقول :"لقد تخرجت من مجال الحاسوب، وتدربت في إحدى المؤسسات غير الحكومية لمدة قاربت عاما كاملا لم أحصل خلاله سوى على مبالغ رمزية، كوني لم أكن سوى "متدرب"، وفي أحد الأيام استقال أحد الموظفين من المؤسسة فحللت مكانه بحكم أنني كنت أكثر المتدربين دراية بعمله، ولا زلت على رأس عملي حتى الآن". [title]معايير الوظيفة..[/title] محمد أبو القمبز مدرب التنمية البشرية، أكد أن الصورة الذهنية لدى المجتمع المدني تربط بتلقائية بين التطوع والتوظيف، "فمعظم الوظائف التي يعلن عنها من قبل مؤسسات المجتمع المدني تطلب وجود خبرة لدى المتقدم للوظيفة، وهذه الخبرة قد تكون في مجال العمل نفسه أو في المجال التطوعي.. وعندها ينفع التطوع في مؤسسةٍ ما صاحبه، حيث سيعد بالنسبة له خبرة بحد ذاته، تخوله التقدم لأي إعلان توظيف"، معقباً :"الغالبية العظمى من شباب فلسطين، لا يعرفون أن الشهادة الجامعية وحدها لا تؤهلهم للحصول على فرص العمل، فالجامعة فقط تصقل مهاراتهم التخصصية وتزيد معارفهم في مجالهم". ويلفت أبو القمبز –الذي ألف كتاباً حول التدريب والتطوع وارتباطهما بالتنمية البشرية- إلى أربعة معايير للحصول على فرص العمل وهي :"الشهادة، والخبرة، والمعارف النظرية، والمهارات والعلاقات"، حيث أن المهارات التي اكتسبها الشاب من الجامعة لا تكفي، "فهناك مهارات حياتية عوضاً عن مهارات العمل المؤسساتي غير موجود لديه، مما يستلزم من الخريجين الجامعيين التطوع أو التدرب في مختلف الأماكن والمؤسسات المتاحة لهم كي ينطلقوا بعدها إلى سوق العمل بـ"جاهزية تامة". [title]حقوق منتهكة ومفاهيم مغلوطة[/title] ولكن السؤال هنا: لماذا يرفض الشباب ثقافة التطوع أو التدريب داخل المؤسسات المختلفة؟، يجيب أبو القمبز بقوله : "قد يحدث ذلك بسبب انتهاكات المؤسسات لحقوق المتدربين واستغلالهم بشكل بشع، وقد تجد أن المسئولين في تلك المؤسسات يمارسون سلطاتهم بشكل "قمعي" أحيانا حتى ضد المدربين، وتبعا لذلك فإن الشباب يهربون من تلك السلطة التي قد تستمر ممارستها لمدة طويلة هي فترة التدريب"، مستعرضاً أسباباً أخرى من بينها "عدم معرفة الشباب بأهمية التطوع أو طول مدته، خاصة في ظل وجود مفاهيم مغلوطة لدى الشباب حول أن الحصول على فرصة عمل ممكنة بعد التخرج مباشرة، بالإضافة إلى غياب الأهداف الواضحة للشباب، فضلاً عن الواقع الاجتماعي الذي قد يمنع الأهل من السماح للفتيات من الانخراط بالعمل التطوعي". من جهته، يتفق الخبير في شئون المؤسسات الشبابية، مهيب شعث مع طرح أبو القمبز، ليضيف إلى ما سبق نقطتين هامتين: "أن جل الشباب يبحث عن فرص عمل جاهزة بسبب الأوضاع المادية الصعبة التي تحياها الأسر الفلسطينية في قطاع غزة –هذا أولاً"، أما ثانياً فمعظم شباب الجامعات يفكرون في التطوع أو التدريب بعد انتهاء الدراسة وهذا خطأ فادح، فعلى الطالب أن يخفف هذا العبء عن نفسه، بأن يتطوع وينهي فترة تدريبه داخل المؤسسات أثناء الدراسة نفسها، وهنا لا بد من إصدار ميثاق شرف يحفظ كرامة المتدربين والمتطوعين".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.