كل الحراكات السياسية، الأجنبية منها والعربية فيما يخص الشأن الفلسطيني لن يكتب لها النجاح ما دامت تتجاهل قطاع غزة والمطالب العادلة لسكانه ومقاومته، لا يمكن أن تُناقَش العودة إلى المفاوضات وحل الدولتين ما دامت غزة محاصرة لأنها جزء من الدولة الفلسطينية، إلا إذا كان المراد من العودة إلى المفاوضات هو العودة إلى لعبة قتل الوقت والتغطية على جرائم الاحتلال والرضا ببعض الدراهم والكثير من الوعود الكاذبة التي تقطعها (إسرائيل) والمجتمع الدولي وبعض الدول العربية للسلطة الفلسطينية.
القمة الثلاثية في القاهرة ناقشت موضوع التهدئة في قطاع غزة، ولكنها لم تطالب برفع الحصار عنه، ولكن ما الجدوى من طرح مثل هذا الموضوع ما دامت الأطراف المجتمعة لا تملك القدرة على فرض قراراتها على طرفي الصراع؛ سواء على دولة الاحتلال أو على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة؟ ولكننا نعلم أن الكثير من المواضيع تطرح في الاجتماعات، ولكن مواضيع محددة قد لا تُذكَر تكون هي الهدف من الاجتماعات، فمثلا القمة الثلاثية في القاهرة كان الهدف الأساس منها هو فقط تحريك موضوع المفاوضات مقابل أن تستفيد الأطراف الثلاثة اقتصاديا، طرف يستفيد من خلال توليه إعادة إعمار غزة، وآخر يستفيد من تخفيف القيود على منتجاته، وفتح أسواق الضفة الغربية أمامه، والطرف الفلسطيني يستفيد تلقائيًّا من الطرفين.
الطريق إلى حل الدولتين ممكن جدًّا، ولا يحتاج إلى كثير من التعقيدات، وهنا لا أقصد بحل الدولتين على طريقة أوسلو، وإنما أقصد حل الدولتين المرحلي والمؤقت وفقا لوثيقة الوفاق الوطني، وهو الخيار الوحيد الذي يمكن تطبيقه إن كان لدى الاحتلال الإسرائيلي رغبة في الوصول إلى حل سياسي، وهذا الحل يبدأ برفع الحصار عن قطاع غزة كما قلت في مقال سابق، ولا بد من بيئة ملائمة للاقتراب من تحقيق الهدف، ومن ذلك إجراء انتخابات عامة في فلسطين، فإن استمر الحصار على قطاع غزة وجرائم الاحتلال في غزة وبقية فلسطين، واستمر التدخل الأجنبي بوضع فيتو على الانتخابات الفلسطينية؛ التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، حينها ستتحمل جميع الأطراف المعنية عواقب جرائم الاحتلال والتدخل السافر للمجتمع الدولي في الشأن الداخلي الفلسطيني، وخاصة أن الأوضاع في غزة على وشك الانفجار وتجدد الاقتتال.