10.01°القدس
9.77°رام الله
8.86°الخليل
16.23°غزة
10.01° القدس
رام الله9.77°
الخليل8.86°
غزة16.23°
الإثنين 02 ديسمبر 2024
4.63جنيه إسترليني
5.13دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.85يورو
3.63دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.63
دينار أردني5.13
جنيه مصري0.07
يورو3.85
دولار أمريكي3.63

خبر: لهذا أكره السفر

“لو الطيارة مش راح تطير الا وانت عليها ومش مسجل اليوم … مش حتسافر” هذا ما قاله لي الضابط الفلسطيني على معبر رفح الفاصل بين قطاع غزة وجمهورية مصر العربية عندما حاولت اقناعه بضرورة سفري وبارتباطي بمؤتمر وبتأشيرة إلى ألمانيا، وقال لي الجانب المصري يسمح بمرور 350 شخص فقط لا غير كل يوم، و”بنصحك تروح وماتحاولش”. قبل أن أسرد لكم تفاصيل ما يجري على المعبر دعوني أوضح لكم آلية عمله في الوضع الطبيعي، فكل صباح يتواجد الفلسطينيون بداية في صالة خارج معبر رفح كليا وبعد التأكد من وجود أسمائهم في الكشف يتم نقلهم بالباصات إلى منطقة JVT وهي منطقة تسبق صالة المغادرة من معبر رفح ويتم فيها فحص الجوازات، من ثم ينتقل المسافرون إلى صالة المغادرة من الجانب الفلسطيني حيث تفحص جوازاتهم من قبل الأجهزة الأمنية، من بعدها يستقل المسافرون حافلة لتقطع بهم مسافة قدرها 50 متراً إلى صالة القادمين في الجانب المصري من المعبر. على معبر رفح تكره السفر وتشعر بامتهان فظيع لكرامتك وتشعر بالتمييز وترى المحسوبية والواسطة أمام عينيك وعلى كلا الجانبين المصري والفلسطيني فيما يعرف بالتنسيقات وهي أنواع: [color=red]تنسيقات الجانب الفلسطيني:[/color] ترى شرطياً فظاً لا تفارق وجهه التكشيرة يحمل بيديه جهاز لا سلكي وورقة ويأتي من حين لآخر لينادي على أحدهم بحجة أن الجانب المصري يطلبهم وهم على أربعة مستويات: واسطة تضع اسمك على لائحة المسافرين في الصالة الخارجية ويعتبر هذا اضعف أنواع التنسيق. واسطة تدخلك فقط إلى صالة JVT. واسطة تدخلك بسيارتك الخاصة أو بسيارة أجرة إلى صالة المغادرين ويتم الحاقك بالباص الموجود في الصالة الفلسطينية. واسطة تدخلك إلى صالة المغادرين ومن ثم إلى الباص الذي يستعد للدخول إلى الجانب المصري من المعبر ويعتبر هذا أقوى أنواع التنسيق من الجانب الفلسطيني ولازم تكون انسان واصل جدا علشان تستمع بهيك تنسيق. [color=red]تنسيقات الجانب المصري:[/color] 1. واسطة عن طريق معرفة أو دفع فلوس لأحدهم على الجانب المصري من المعبر يعملك تنسيق وبمجرد دخولك من الجانب الفلسطيني تلاقي اسمك موجود ويتم منحك موافقة لدخول مصر. 2. واسطة كبيرة جدا في الغالب عقيد أو أعلى أو 1000 دولار أو اكتر وهذه الواسطة تقوم بإرسال اسمك إلى الجانب الفلسطيني فيأتوا بك حتى لو لم تكن مسجل ضمن الكشوفات ولو كنت خارج المعبر وممكن يوقف العمل في المعبر كله لغاية لما يلاقوك ويتم أخذك بسيارة خاصة أو أجرة وإدخالك إلى الصالة المصرية مباشرة حتى لو كان المعبر مغلق. تشاهد على المعبر نساء تبكي وتلطم وتناشد أن يتم ادخالها للحاق بزوجها أو لكي تتمكن من علاج ابنائها أو لحضور فرح ابنتها الوحيدة ولا إجابة سوى الرفض فالجانب المصري لا يقبل سوى عدد محدود وفي بعض الأيام التي يتم فيها ترميمات للمعبر يتقلص هذا العدد المحدود إلى أكثر من النصف ليترك طلاباً ومرضى وأصحاب إقامات وأعمال يرجون الله عز وجل أن يسهل لهم دخول معبر رفح حتى لو دفعوا أكثر من مالهم ووقتهم وجهدهم وفي بعض الأحيان يدفعون كثيرا من كرامتهم. بمجرد محاولتك السفر من معبر رفح تشعر بأنك تستجدي شيئا ليس متن حقك فالشخط والنهر سيد الموقف، على الجانب الفلسطيني النهر مستمر والحديث المستمر عن المرجعين من الجانب المصري يجعلك تشك في أنك ربما تكون زعيم عصابة إرهابية عالمية وأنت لا تدري، وعندما تصل الجانب المصري تسمع فقط أسئلة ولا تسمع إجابات فبعد وقت ليس بالقليل من الانتظار ربما تدخل وربما يتم إرجاعك، ما يحكم الموضوع هو العدد، وكأننا أصبحنا مجرد أرقام وأرقام فقط، فعلى معبر رفح لا معني للحالات الطارئة إلا إن كانت في أنفاسها الأخيرة ولا معنى لشهادتك العلمية أو للحدث الذي أنت ذاهب إليه أو لسبب خروجك من غزة، الذي يهم فقط هو العدد فالكل مرتبط بعدد لا يمكنه تجاوزه. بعض المسافرين ونظرا لمحدودية العدد تم إعادته من على معبر رفح يومين متتاليين ليتمكن من الدخول في اليوم الثالث بعد عناء طويل ، هناك لا أحد يهتم، ففي كل الدنيا من يرغب في السفر ليس عليه سوى التودجه إلى المطار أو إلى المعبر الحدودي ليتنقل كيف يشاء ويستمتع بسفره أما عند الحديث عن غزة فعليك مسح كلمة متعة من جانب كلمة سفر واستبدالها بكلمة عذاب وعليك أن توطن نفسك على مشقة وأن تطلب من أولادك وزوجتك الغفران إن قررت اصطحابهم معك. لا أدري لماذا نحجب عن مصر ولماذا تحجب عنا ونحن الذين نعشقها ونهواها ونعرف فرقها الرياضية وأغلب أهلنا درس في جامعاتها ومدارسها وكثير من أبطالها استشهدوا على ثرى غزة وفلسطين، هي امتدادنا وعمقنا نحب كل شيء فيها ولكنها تعاملنا كعدد، نحن نعلم أنها في مخاض عسير وندعو الله لها أن تعود قوية كما كانت دوماً ولكننا نامل منها أن تكون رفيقة بنا أو تكون كما عودتنا الحض الأكبر والأدفأ، أن تكون مصر.