تتزاحم الأولويات في دولة الاحتلال خلال السنوات الأخيرة، وباتت تتصدرها مسألة تحسين الاقتصاد ومواجهة وباء كورونا على حساب القضايا الاقتصادية والأمنية، رغم أنها تتعلق باستقرار دولة الاحتلال، وقدرتها على مواجهة التحديات التي تحيط بها من كل جانب.
وتكشف مزيد استطلاعات الرأي في دولة الاحتلال عن نتائج جديدة، تشير بما لا يدع مجالا للشك إلى أن مجتمع الاحتلال ينزاح رويدا رويدا نحو اليمين، واليمين المتطرف، بحيث يكون طبيعيا أن تأتي كل قيادة سياسية للاحتلال منتخبة غير متشجعة لإبرام اتفاق تسوية مع الفلسطينيين، وتسعى لإدارة الصراع معهم، بدلا من حله، وتظهر مواقف متشددة إزاء القوى والدول المعادية لها.
آخر هذه المعطيات أظهرتها البيانات المأخوذة من استطلاع أجراه مركز "فيتربي" لدراسة الرأي العام والسياسات في معهد الديمقراطية، أظهر أن مهمة تحقيق الاستقرار في الاقتصاد على رأس أولويات الجمهور اليهودي، على النقيض من السعي للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، الذي يأتي في أدنى اهتمامات المستوطنين.
إريك بندر محلل الشؤون السياسية بصحيفة معاريف، ذكر في تقرير أن "أغلبية مطلقة في دولة الاحتلال بنسبة تقترب من 87% تعتقد أن فرص توقيع اتفاق سلام مع الفلسطينيين في السنوات الخمس المقبلة منخفضة للغاية، في حين أن أكثر من نصف فلسطينيي 48 بنسبة 53% صنفوا الحرب ضد الجريمة في أوساطهم بأنها المهمة الرئيسية لحكومة الاحتلال في العام المقبل".
وأضاف أن "أولوية الجمهور اليهودي تتركز في تحقيق الاستقرار الاقتصادي بنسبة 35%، في المقابل فإن مختلف أنصار المعسكرات السياسية الثلاثة في دولة الاحتلال وضعت السعي للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين في ذيل اهتماماتها، فاليسار اعتبر أنها أولوية بنسبة 8.5%، والوسط بنسبة 6%، أما معسكر اليمين فمنحها نسبة 1% فقط".
تطرق الاستطلاع إلى مجتمع الاحتلال الذين أيدوا هجوما عسكريا على إيران في المراحل الأولى، فجاءوا بنسبة 45%، أما أكثر من ربع المستطلعين بنسبة 27.5٪ فرأوا أن ضرورة التوصل إلى اتفاق مع إيران يمنعها من التقدم نحو القدرة النووية، وحتى في حالة حصول إيران على قنبلة نووية، فقد اعتبر 47% من المستوطنين أنها لن تهاجم دولة الاحتلال بالسلاح النووي في حال اندلاع حرب إقليمية، فيما اعتقد 37% أن إيران لديها فرصة كبيرة للقيام بذلك.
وعشية الذكرى السنوية الأولى لتوقيع الاتفاقيات الإبراهيمية للتطبيع بين الاحتلال وعدد من الدول العربية، تعتقد غالبية جمهور الاحتلال بنسبة 61% أن الاتفاقيات مع البحرين والإمارات العربية المتحدة حققت التوقعات منها، وأتت النتائج حسب المعسكرات السياسية متوقعة، فقد أكد هذا التقدير معسكر اليمين، وهو الأعلى بنسبة 71%، مقارنة بمعسكر الوسط بنسبة 58%، أما معسكر اليسار فرأى 55% منه أن اتفاقيات التطبيع جاءت مجدية.
تشكل هذه النتائج لعينة منتقاة لتوجهات الرأي العام في دولة الاحتلال في المسائل الداخلية الأمنية والاقتصادية، أو الخارجية المتعلقة بالعلاقات الدبلوماسية وشن حروب عسكرية، انطباعات حقيقية أننا أمام جمهور يزداد يمينية مع مرور الوقت، وأن أي اعتقاد بجاهزيته لإبرام اتفاقيات تسوية تعيد الحقوق لأصحابها، ليس أكثر من وهم ليس له رصيد من الواقع.
