انتهت انطلاقة فتح الثامنة والأربعين بحمد الله بسلام رغم الإصابات التي وقعت داخل ساحة المهرجان سواء نتيجة التدافع أو الاشتباك بين عناصر فتح المؤيدة للسيد أبا مازن أو تلك التابعة لمحمد دحلان القيادي المفصول من الحركة، وذلك مرده إلى حكمة عالية من قبل قيادة فتح والتي أنهت الاحتفال فور انتهاء كلمة أبا مازن والتي أعقبها مباشرة استيلاء عناصر دحلان على المنصة حتى لا تتمكن قيادة فتح من الصعود واستكمال فقرات الحفل رغم النداءات التي وجهت من قبل القائمين على الحفل. من كان يعتقد أن جماهير حركة فتح ليس جماهير كبيرة أو أن الانقسام فيها اضعف جماهيريتها فهو مخطئ، ومن يعتقد أن هناك قوة يمكن لها أن تغيب جماهير فتح عن التعبير عن وقوفها وحبها إلى حركتها فهو أيضا مخطئ، فحركة فتح حركة قوية بعدد جماهيرها وهي مكون أساسي من نسيج المجتمع الفلسطيني؛ ولكن هذه القوة وهذه الجماهيرية لحركة فتح ينقصها قيادة حكيمة قادرة على إدارة هذه الجماهير وتوجيهها خدمة للقضية والوطن ودعما للوحدة الوطنية ورأب الصدع. جماهير فتح بحاجة إلى تثقيف وترتيب وإدارة وهي مع الأسف غائبة بفعل التناحر بين القيادات وبفعل أمور وقضايا أخرى تعلمها حركة فتح ولا تبحث عن حلول لها لا تكلف الكثير؛ ولكنها بحاجة إلى الجهد والإرادات وإنفاق المال في الوجه الصحيح الذي يعيد اللحمة لحركة فتح بدل المشاحنة والخلاف الضار. كنت أتمنى أن تبقى قيادة فتح في الميدان رغم الفوضى وعدم التنظيم الذي افسد الاحتفال وأن تحاول الإمساك بزمام الأمور وان تكمل فرحة هذه الجماهير التي حضرت منذ الساعات الأولى من النهار وأن تواصل رسالة الوحدة الفلسطينية من خلال البرنامج المعد للكلمات؛ ولكن يبدو أن جزء من إفشال المهرجان هو منع حركة حماس من إلقاء كلمة لها في المهرجان وهذا مرده أن حركة فتح لم تهيئ قواعدها لمثل هذا الفعل وهذه رسالة سلبية بحاجة إلى معالجة وجهد من قيادة فتح والتي ليست على مستوى تحمل المسئولية إلى جانب حالة الانقسام في صفوفها. إن كان هناك من ملاحظة على الصعيد الآخر فإن حركة حماس والحكومة في قطاع غزة كانت على قدر من المسئولية العالية وكانت واحدا من الأسباب الأساسية التي أنجحت المهرجان بزخم الحضور من خلال تسهيل كل الإجراءات على الأرض من قبل يوم الجمعة بأيام وكانت التعليمات إلى الأجهزة الأمنية أن ابدوا كل ما يمكن أن يسهل وصول جماهير حركة فتح إلى مكان الحفل، بل طالبت عناصر الشرطة والأجهزة الأمنية والتجاوز عن محاولات الاستفزاز التي قد تكون من قبل بعض العناصر قبل يوم الاحتفال وفي يوم الاحتفال فكان الجميع أمام التعليمات ملتزما رغم أن بعض العناصر حاولت استفزاز الشرطة والتلفظ بألفاظ نابية وترديد شعارات تسيء لحركة فتح وللشعب الفلسطيني قبل أن تسئ للشرطة أو لحماس. ولكن السؤال هل هذا الذي تم في غزة وهذه الخطوات التي قدمت وسهلت ورعت سيقابلها خطوات من قبل محمود عباس حركة فتح في الضفة الغربية تعطي مؤشرات ايجابية بأننا نعيش في مرحلة جديدة تؤسس لتطبيق اتفاق المصالحة في القاهرة وملحقه في الدوحة؟، وهل سنشهد خطوات حقيقية نحو تطبيق الاتفاق وإزالة آثار الانقسام على الأرض من ملاحقات واعتقالات واغلاقات وغيرها., كل هذا الذي نشاهده دون تلك الخطوات الحقيقية على الأرض واستمرار الرهان على طاولة المفاوضات والاستجابة للضغوطات الأمريكية والتهديدات الإسرائيلية والتي يمكن أن يُقفز عليها لو كان رهاننا على الشعب الفلسطيني وحقوقه وثوابته، وما نخشاه أن تبقى الأمور على حالها ويبقى الوضع يدور حول هذه التظاهرات دون خطوات حقيقية تؤسس لمرحلة الوحدة وإنهاء الانقسام. وأضيف هنا مسالة في غاية الخطورة وهي الخطاب الموتور والتحريضي الذي صدر من قيادات حركة فتح في الضفة الغربية وعلى رأسهم صائب عريقات والذي هاجم فيه حماس والحركة الإسلامية وكذلك فعل الناطقين باسمها وهذا مؤشر سلبي ويؤكد على غياب الإرادة الحقيقية والنوايا الصادقة.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.