أوضح الكاتب الصحفي المصري فهمي هويدي أن مصر بها مشكلات اقتصادية وسياسية، مشيراً إلى أن النظام المصري عليه ضغوط كبيرة من الناحية الاقتصادية. وقال هويدي إن اليونان حينما تعثرت قدم إليها الاتحاد الأوروبي 150 مليار يورو، وأن مصر حينما تعثرت قدمت إليها قطر 4 مليار دولار، والسعودية نصف مليار، وتركيا مليارين، في حين أن هناك أقطار عربية لديها فائض 700 مليار دولار، ورفضت أن تقدم دولارا واحدا إلى مصر. وذكر الكاتب أن ضغوطاً ليست فقط موجهة ضد الثورة المصرية، ولكن كذلك موجهة ضد الرغبة في التغيير بصفة عامة، مشيرا إلى أن هناك دول عربية محافظة لا ترغب في نجاح الثورة المصرية حتى لا تنتقل العدوى إلى دول وأماكن أخرى غير مرغوب فيها مثل هذه الأشياء. ولفت إلى أن العالم العربي ينتقل الآن من إعلان الحرب ضد الاستعمار، إلى إعلان الحرب ضد الاستبداد والظلم الاجتماعي، مبينا أن هذا يتم بتوافق شديد، ودون ترتيب، وتلعب فيه التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي دورا كبيرا. لتكون بذلك ثورة مختلفة عن غيرها من الثورات التقليدية. وعلل هويدي تلك الثورات بنفاد طاقة الناس، وضجرها من الاستبداد والظلم الاجتماعي ، وإصرارها الكبير على التغيير، وإعلان الرأي مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هناك نوع من الفوضوية التي يتبعها البعض في سبيل تحقيق تلك الأغراض. وقال هويدي أن الفرق بين الثورات الكائنة في مناطق النفط والخليج العربي، وغيرها من البلدان العربية، يكمن في أن ثورات مناطق النفط ليس لديها نية لإسقاط أنظمتها، وإنما تسعى فقط لإصلاحها، في حين أن غيرها من الثورات انتهت بإسقاط الأنظمة، على الرغم من بدايتها رغبة في الإصلاح، لكن سرعان ما انقلبت إلى إسقاط الأنظمة بعد إصرارها على العناد، وممارسة العنف ضد المتظاهرين. ولخص هويدي الوضع الراهن في العالم العربي قائلا "هذه أمة استيقظت تستعيد دورها في التاريخ، وستحتاج إلى وقت طويل لكن المهم أن ثمة تغيير حاصل على الساحة". وذكر هويدي أن مصر تتمتع بموقع استراتيجي كبير، مشيرا إلى أن التعداد الرسمي لها في الوقت الحاضر بلغ 91 مليون نسمة، منهم 7 مليون يعيشون في الخارج من المهاجرين تم شملهم ضمن الإحصائيات على اعتبار أنه أصبح من حقهم التصويت في أي انتخابات تجري في البلاد. واستشهد هويدي بمقولة لنابليون ليدلل على أهمية مصر الكبيرة، تلك المقولة التي قال فيها "إن من يستطيع حكم مصر، فإنه يستطيع حكم العالم، مصر ينبغي أن تكون درة الإمبراطورية الفرنسية، كما كانت الهند درة الإمبراطورية البريطانية."، مؤكدا على أن مصر بلد كبير من يضع يده عليه، يضع يده على مفاتيح مهمة في المنطقة بأكملها. وأوضح الكاتب المصري أن منطقة الشرق الأوسط لها ثلاثة دول تتمتع بثقل كبير من الناحية الاستيراتيجية، هي تركيا ومصر وإيران، وقال إنها عبارة عن كتل جماهيرية كبيرة، وأنها تعد الأعمدة الرئيسية التي يقوم عليها الشرق الأوسط. فهى "دول لها تاريخ، وثراء وموقع استراتيجي"، وأنها تشكل مثلث القوة في المنطقة، موضحا أن هذا المثلث مع الأسف اجتمعت فيه مصالح غربية كبرى، هى النفط و(إسرائيل)، لافتا إلى أن الرغبات في التغيير التي ينادي بها المصريون تتصادم مع تلك المصالح التي تنشدها القوى الغربية في مصر. وتابع قائلا إن (إسرائيل) كانت تعتمد في بعض الأوقات على ما يعرف بسياسة شد الأطراف، وكانت ركائزها بالدرجة الأولى في المنطقة، في تركيا، ثم إيران ثم أثيوبيا، وسرعان ما خرجت إيران من تلك المعادلة، فحلت مصر مكانها، ومن ثم رأت (إسرائيل) أن أي تغيير في مصر من شأنه أن يغير لها استيراتيجيتها، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تعتبر (إسرائيل) على رأس استيراتيجياتها في المنطقة. ومن ثم فإن كل هذه تعد دوافع كبيرة لعدم وقوف (إسرائيل) وغيرها من القوى الغربية موقف المتفرج لمشاهدة ما يحدث في المنطقة من تغيير، ومن ثم يودون عرقلته بكافة الطرق، لأن حدوث أي تغيير في مصر لا يتوافق مع مصالحهم يعتبرونه خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها، مؤكدا على أن هذه الدوائر تعمل حاليا لوقف ذلك، لكن لا يعلم أحد كيف تعمل. وتابع قائلا الثورة المصرية التي هي جزء من هذا الكل الحاصل في العالم العربي ثورة فريدة في ذاتها قامت بها الجماهير، بلا رأس ولا مشروع، تعرف ما ترفضه، ولا تعرف ما تقبله، والثورة في حد ذاتها كانت مفاجئة للجميع، وكانت صدمة للبعض على كل المستويات. وأوضح أن مصر أسقط فيها رأس النظام، بعد ثلاثين سنة من الحكم،" أنجز فيها أشياء، وأفسد أشياء أخرى كثيرة، وحكم فيها باستبداد ضمر فيه الحاضر، والمستقبل معا"، مبينا أن تدميره للحاضر حدث حينما أنهي مؤسسات المجتمع، مثل التعليم والاقتصاد والصحة، يسنما دمر المستقبل يحرق بدائله.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.