10°القدس
9.8°رام الله
8.86°الخليل
16.37°غزة
10° القدس
رام الله9.8°
الخليل8.86°
غزة16.37°
الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
4.65جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.86يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.65
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.07
يورو3.86
دولار أمريكي3.7

موقع أمريكي: إغلاقات كورونا تسحق الفئات الأكثر ضعفا

نشر موقع "غراي زون" الأمريكي تقريرًا تحدث فيه عن تداعيات عمليات الإغلاق التي تبعت انتشار فيروس كورونا، والتي روجت لها الحكومات على أنها إجراءات لإنقاذ الأرواح، إلا أنها في الواقع سببت ضررا واسع النطاق شمل جميع المجالات.

وقال الموقع، إنه خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2021 بدا أن عمليات الإغلاق التي ما زالت تشل المجتمعات من أستراليا إلى نيوزيلندا وسنغافورة قد أوشكت على الانتهاء، بعد تسجيل هذه البلدان صفر حالة إصابة بعد سنة ونصف من الإغلاق. مع ذلك، عادت العديد من البلدان إلى فرض إغلاق شامل مجددا مع ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد-19 في أوروبا.

كان الهدف من بعض عمليات الإغلاق الضغط على المواطنين الذين يرفضون التطعيم، ولعل ذلك ما فعلته الحكومة النمساوية في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، إذ فرضت الحجر على المواطنين غير المحصنين، وغرامات باهظة وعقوبات بالسجن على من يرفضون الامتثال، مع إمكانية جعل تطعيم إلزاميًا.

وفي ألمانيا، تم الإعلان عن حظر جديد لغير المحصنين يمنعهم تقريبًا من دخول جميع الأماكن العامة باستثناء الصيدليات والمتاجر. وتدرس برلين إمكانية تطعيم جميع المواطنين. ومن جهتها، تعمل أستراليا حاليًا على إنشاء مخيمات احتجاز لكل من كانت نتيجة تحليله إيجابية وحتى "للمقربين منهم" أصحاب النتيجة السلبية، رغم تخفيف الحظر في جميع أنحاء البلاد. ولكن المواطنين نددوا بهذا الإجراء واعتبروه غير إنساني.

وذكر الموقع أنه يتم التسويق للحظر على أنه وسيلة للحد من انتشار الفيروس، لكنه يعتبر من قبل الكثيرين إجراء قاسيا مغايرًا للوضع الطبيعي تضخمت تداعياته النفسية والمادية على المجتمعات وسط حالة من الطوارئ يبدو أنها بلا نهاية.

واليوم، يواجه الحظر حالة من الرفض الشعبي في جميع أنحاء العالم، على عكس ما كان عليه الحال في بداية انتشار الوباء، وذلك نتيجة ما تسبب فيه من ركود اقتصادي ومشاكل اجتماعية واقتصادية.

أوضح الموقع أن التبريرات الصحية فقدت مصداقيتها في أعين الملايين حول العالم بعد أن أظهرت دراسات أجريت مؤخرًا أن بعض التدخلات الطبية ساهمت في زيادة الوفيات بدلاً من الحيلولة دون وقوعها. وكان تأثير الإغلاق أكثر وضوحًا على بلدان جنوب الكرة الأرضية، مسببًا المزيد من الأزمات الإنسانية المتلاحقة. وحسب تحذيرات برنامج الغذاء العالمي، فإن حوالي 135 مليون إنسان على حافة المجاعة نتيجة التباطؤ الاقتصادي في البلدان الفقيرة بسبب الإغلاق.

وثّق الكاتب توبي غرين، أستاذ التاريخ الأفريقي في كلية كينغ، حالات البؤس والموت الجماعي في قارة أفريقيا والهجرة الجماعية في أمريكا اللاتينية التي نجمت عن عمليات الإغلاق. وأشار إلى أن سياسة الإغلاق لم تكن مجدية في المجتمعات الأفريقية. وبالإضافة لعدم نجاعتها في البلدان الفقيرة قليلة السكان، فقد أثقلت كاهل الدول الفقيرة بالأعباء الصحية والإجراءات الاحترازية التي أبطأت عجلة الاقتصاد.

ونبّه الموقع إلى أن الضرر النفسي والاقتصادي لمعظم سكان العالم لم يكن ناتجًا فقط عن الوباء، بل أيضًا بسبب القيود الصحية المفروضة التي أدت إلى نقل الثروة إلى أيدي نسبة قليلة من السكان الذين كانوا أكبر رابحين من هذا الوباء.

ونقل الموقع عن كريستيان بارينتي، أستاذ الاقتصاد في جامعة نيويورك، قوله إن "معظم وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية منعت مناقشة الضرر الذي لا مفر منه الناتج عن عمليات الإغلاق، وأن أي تحقيق حول نتائج الإغلاق يعتبر تطرفًا أو حتى فاشية، بينما يتم تجاهل الكوارث التي تحدث في نصف الكرة الجنوبي".

ومن جهته، كان الدكتور جاي بهاتاشاريا، أستاذ الطب في جامعة ستانفورد والمشارك في إعلان بارينغتون، عرضةً إلى مراقبة مشددة وسيل من الهجمات والتهم بعد دعوته لوضع استراتيجية للحماية المركزة بدلاً من الإغلاق الكامل. وكان هو وزملاؤه قد حذّروا في مناسبات عديدة من التكلفة الاجتماعية والاقتصادية الباهظة من عمليات الإغلاق.

وأكد الدكتور جاي أن عمليات الإغلاق لم تقدم سوى الوهم بالسيطرة على الفيروس، الذي ينتشر ببطء في مناطق محددة من العالم، مشيرًا إلى أن العديد من الدراسات المتعلقة بفاعلية الإغلاق أثبتت عدم جدواها ودقتها على نحو واسع.

اعتمدت عمليات الإغلاق بناءً على نماذج مزيفة لأكاديميين غير مؤهلين

في 16 آذار/ مارس 2020، قدّم الأكاديمي البريطاني نيل فيرغسون دراسة للحكومة البريطانية تؤكد ضرورة فرض إغلاق مشدد، متوقعاً وفاة 500 ألف مواطن بريطاني بسبب كورونا مقابل توقع وفاة 260 ألفٍ فقط إذا ما فرضت الحكومة إجراءات معتدلة لتقييد الحياة العامة. وقد اعتُمِدت خطته من قبل الحكومة البريطانية.

وأورد الموقع أن فيرغسون أرسل توقعاته للبيت الأبيض متوقعًا وفاة 2.2 مليون شخص ما لم تقم الولايات المتحدة بفرض الإغلاق. ومع أن دراساته قد ألهمت العديد من الدول في فرض الإغلاق، إلا أنه تبين لاحقًا أن توقعاته كان مبالغًا فيها، ناهيك عن أنه كان من بين من خرقوه. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يخطئ فيها، حيث توقع في سنة 2001 وفاة 50 ألف شخص نتيجة مرض جنون البقر، إلا أنه لم يمت سوى 2800 شخص خلال ثلاثة عقود. وحدث أمر مماثل مع إنفلونزا الطيور، ولكن السؤال المطروح: لماذا تثق الحكومات بشخص ثبت سابقًا سوء تقديره للأزمات الصحية وليس لديه أي خبرة في علم الأوبئة والنماذج الحاسوبية؟

أثار انتشار الفيروس في البداية حالة من الذعر في العالم مع توقع تسجيل نسبة 7 بالمئة من الوفيات. دفعت هذه الحالة العديد من مسؤولي الصحة في العالم إلى المسارعة باتخاذ إجراءات الإغلاق على الرغم من أن الفيروس لا يقتل غالبية الأشخاص الذين يصيبهم، وقد بلغت نسبة الوفيات لدى الأشخاص المصابين 15 بالمئة، و5 بالمئة بالنسبة لمن تقل أعمارهم عن 70 عامًا. ومع أن كورونا من الفيروسات الأقل خطورة، إلا أنه ينتشر بسرعة عالية، ويصعب التحكم في هذا الانتشار عن طريق التدخل البشري.

ونقل الموقع عن دومينيك كامينج، مستشار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لشؤون كورونا، أن نموذج فيرغسون هو الذي أثر في سياسة اتخاذ القرار في بريطانيا، وذلك بفعل اعتماد المنهج البياني في اتخاذ القرار السياسي. وأظهر المسؤولون في ذلك الوقت اهتمامًا ضئيلًا بالعواقب الاقتصادية والاجتماعية المحتملة التي من الممكن أن تنشأ نتيجة فرض الإغلاق.

ذكر الموقع أن عمليات الإغلاق ومختلف القيود المفروضة في الولايات المتحدة أدت إلى كارثة اقتصادية للعاملين والفقراء في مختلف أنحاء البلاد. في سنة 2020، خسر 40 بالمئة من الأشخاص الذين يحصلون على أقل من 40 ألف دولار سنويا أعمالهم، وطُردت حوالي 3 ملايين امرأة من العمل بسبب عدم القدرة على الموازنة بين العمل والتزامات التعليم الافتراضية للأطفال. وأغلِق نحو 200 ألف مشروع صغير وشهدت الولايات المتحدة زيادة في إعانات الوباء.

أثر الوباء في الولايات المتحدة على الخدمات الصحية الروتينية المعتادة، مثل تطعيمات الأطفال وفحص السرطان. بحسب توصيات مسؤولي الصحة، تم إلغاء حوالي 10 ملايين فحص روتيني، مما قد يشكل تراجعاً في مستوى الخدمات الصحية على المدى البعيد.

في المقابل، زادت ثروات الشركات التقنية الكبرى بنسبة 54 بالمئة خلال هذه الفترة، ما يعني أن رفع القيود يتعارض مع مصالح الشركات الكبرى، خاصة بعد أن انخفضت أسهم شركة أمازون بنسبة 7 بالمئة مع تراجع حركة الشراء عبر الإنترنت المرتبطة بالوباء.

وأضاف الموقع أن الوفيات الناجمة عن المواد الأفيونية ارتفعت إلى مستويات قياسية بلغت 30 بالمئة مقارنة بالسنة السابقة في مختلف أنحاء البلاد، وحدث أكبر ارتفاع في الوفيات بين صفوف الأمريكيين السود، إلى جانب أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و44 عامًا.

ساهمت عمليات الإغلاق المشدد في زيادة العنف المنزلي

أشار الموقع إلى بعض الاستطلاعات التي تفيد بارتفاع نسبة الراغبين بالانتحار إلى 25 بالمئة من الذين تتراوح أعمارهم بين 18-24 سنة، وأظهرت بعض التقارير أن المشكلة الرئيسية في الإغلاق تتمثل في العزلة، التي يعادل تأثيرها حسب الدراسات تدخين 15 سيجارة في اليوم.

نبه الموقع إلى أن الوباء أثر على الفئات الاجتماعية الأخرى مثل الأطفال والمراهقين، الذين هم بحاجة إلى التنشئة الاجتماعية المنتظمة والتفاعل مع المحيط الخارجي. تم تسجيل 18 حالة انتحار بين الطلاب بعد افتتاح المدارس في ولاية نيفادا في سنة 2020، وبلغ عدد المراهقين الذين يدخلون طوارئ الصحة النفسية 340 مراهقاً في ولاية فيكتوريا في أستراليا.

فُرضت العزلة الاجتماعية بناء على التوصيات التي تفيد بأن السلوك الفردي من شأنه أن يحد من انتشار الفيروس، حيث وصفت العزلة الاجتماعية بأنها خيار أخلاقي. ولكن هذه الإجراءات لم ينتج عنها سوى مزيد من العداء بين الأصدقاء والأسر والمجتمعات.

سبب للديون والتبعية والموت في جنوب الكرة الأرضية

تسبب إغلاق الاقتصادات الأساسية الغنية في سنة 2020 في انكماش التجارة الدولية، نتج عنه ركود اقتصادي في البلدان النامية مع انهيار عائداتها من الصادرات والسياحة فجأة. وقد ارتفعت ديون هذه الدول إلى 60 بالمئة ودفعت ما يقارب 194 مليار دولار إلى دائنيها، رغم المساعدات الأممية للدول الفقيرة لمواجهة الوباء.

كان تأثير الركود الاقتصادي واضحًا في العديد من البلدان مثل المكسيك وهندوراس والهند. وفي جنوب أفريقيا، يقدر الباحثون أن 47 بالمئة من السكان أنفقوا مدخراتهم مقابل الغذاء في نيسان/ أبريل 2020.

سبب في زيادة الفقر في العالم ويحرم الأجيال من التعليم

أضاف الموقع أن الإغلاق كان له تأثير سلبي على الفقراء، هذا إلى جانب بعض الممارسات العنصرية التي تعد انتهاكًا لحقوق الإنسان، مثل زيادة حالات التفتيش ضد البريطانيين السود، وحبس الغجر في أوروبا الشرقية ضمن معسكرات مع قطع الإمدادات عنهم، مما فاقم من مشكلة الجوع والفقر، وارتفاع حالات الاستدعاء القضائي في الولايات المتحدة بتهمة انتهاك الحظر الصحي المفروض، وفرض غرامات باهظة على المخالفين وصلت إلى 5 آلاف يورو في بعض البلدان الأوروبية. هذا فضلاً عن حالات السجن والحجز لفترات طويلة مع انعدام الرقابة الصحية.

شهد قطاع التعليم انتكاسات ملحوظة خلال فترة الوباء، مع انخفاض التحصيل العلمي للطلبة في الولايات المتحدة، وانقطاع العديد من الطلاب عن الدراسة في أفريقيا. ولم تكن الأوضاع أفضل في القطاع الاقتصادي، حيث أدت قيود الإغلاق التي اتخذتها الولايات المتحدة إلى انقطاع سلاسل الإمداد الدولية، مما نجم عنه ارتفاع حاد في مستوى التضخم.

الفهم الخاطئ الذي ينتجه الإغلاق لمكافحة كوفيد-19

وأشار الموقع إلى أن العديد من عمليات الإغلاق الناجحة، مثل التي حدثت في الصين واليونان وفيتنام وأستراليا، اعتبرت مثالاً يحتذى لبقية الدول لتطبيق الإغلاق الكامل. وحسب الخبراء، فإن هذا النجاح يعتمد بشكل رئيسي على طبيعة الفيروس وسرعة انتشاره ومدى نجاعة الإغلاق. ويؤكد الدكتور بشاريا نجاح هذه السياسة في الأمراض المعدية بطيئة الانتشار مثل وباء إيبولا. وهذا يعني أن فعالية الإغلاق في خفض حالات الانتشار قد لا تكون مؤكدة، وخير مثال ذلك ما حصل في البيرو واليونان وبيلاروسيا، عندما تم تخفيف إجراءات الإغلاق مرة أخرى، رغم الحوافز المالية الأممية لإعادة الإغلاق.

وفي تقييم لفعالية الحجر المنزلي وإغلاق الأعمال التجارية على انتشار الفيروس، خلص بهاتاشاريا ومجموعة من الباحثين إلى أنه تم بالفعل خفض عدد الإصابات الجديدة في كل من إنكلترا وفرنسا وألمانيا وإيران وإيطاليا وهولندا وإسبانيا والولايات المتحدة في أوائل 2020. وأكدوا أن "الإجراءات الحكومية مثل إغلاق الحدود والإغلاق الكامل والمعدل المرتفع لاختبار كوفيد-19 لا ترتبط بتخفيض عدد الحالات الحرجة أو الوفيات الإجمالية".

بخصوص معدل الوفيات الناتجة عن كورونا، توصل عدد من الباحثين في جامعة باريس إلى أن معدلات الوفاة في الدول ذات الدخل المرتفع، والتي تحوي أمراضا غير معدية، تزداد بغض النظر عن التدخلات الحكومية.

"جعل الفقراء أكثر فقرا" وتراجع متوسط العمر المتوقع

بين الموقع أن عمليات الإغلاق تساهم في تدمير الاقتصاد، بينما ليست فعالة في الحد من انتشار فيروس كورونا. كما تسبب العزلة المزيد من الاضطرابات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية على المدى البعيد. وتشير الدراسات إلى أن البطالة طويلة الأمد من شأنها زيادة معدل الوفيات بنسب عالية.

واعترفت منظمة الصحة العالمية بتأثير هذه الإجراءات على مختلف فئات المجتمع، وما قد ينتج عنها من سوء التطبيق واستخدامها كسلاح انتقامي ضد الفئات غير الممثلة، مثلما حصل في النمسا عندما أعلنت الإغلاق الكامل وفرضت غرامات تصل إلى 1660 دولار لمنتهكي الحظر.

تنوي بعض الدول فرض التلقيح الإجباري على السكان مثل ألمانيا للحد من انتشار المتحور الجديد للفيروس، بينما فرضت دول أخرى قيوداً على السفر كالولايات المتحدة، وتستعد أخرى لفرض إغلاق جديد مما ينذر بركود ومصاعب اقتصادية هائلة تلوح في الأفق في جميع دول العالم، وبالأخص البلدان الفقيرة والنامية. لقد بدأ للتو شتاء مظلم مع وجود الملايين تحت رحمة الموجة الجديدة من الإغلاقات.

وكالات