مع استمرار عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتواطؤ قوات الاحتلال معهم، تصدر أصوات إسرائيلية، على قلتها، تطالب بكبح جماح السياسة العسكرية التي ينتهجها جيش الاحتلال، والتوقف عن سياسة "اليد الرخوة" على الزناد؛ لأنها كفيلة بزيادة أعداد الضحايا الفلسطينيين.
ولا تبدي هذه الأصوات الإسرائيلية حرصها بالضرورة على حقن دماء الفلسطينيين، لكنها تخشى مما تسميه "خروج الجني من قمقمه"، ومن ثم انتقال الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية إلى حالة من التدهور غير المسبوق، الذي قد يحرق معه الأخضر واليابس.
ران أدليست الكاتب الإسرائيلي في صحيفة معاريف، ذكر في مقاله، أنه "يجب تغيير الطريقة التي يعمل بها جنود الاحتلال في الأراضي المحتلة، خاصة الضفة الغربية، حيث يتعلق الأمر بشكل أساسي بالانتهاكات غير الضرورية، وإطلاق النار، الذي يتزامن مع تنفيذ هجوم مسلح، وزرع قنبلة موقوتة".
وأضاف أن "جيش الاحتلال الإسرائيلي غير قادر على التغلب على نموذج الجندي ذي اليد الرخوة على الزناد، وهو نموذج يعشعش داخله، ولعل هيئة الأركان العامة مسؤولة عن ذلك، رغم أنها تتظاهر بحبس أنفاسها عند وقوع أي قتيل فلسطيني جديد، لكن النتيجة أن "الجني خرج من القمقم"، والطريقة الوحيدة لإعادته هي تغيير جذري في السلوك السياسي الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية المحتلة؛ لأنها تحولت إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة في وجه الإسرائيليين".
المخاوف الإسرائيلية يمكن صياغتها بعبارة أخرى، بحيث يجب منع وضع يسمح لجنود الاحتلال الإسرائيلي بتدمير نسيج المجتمع الإسرائيلي، من خلال تحويلهم إلى مجموعة قتلة، يطلقون النار على كل جسم متحرك، دون أن تتعرض حياتهم لأي خطر.
وتعتقد هذه الأصوات الإسرائيلية أن جيشهم وجنودهم ليسوا أمام استراتيجية أو تكتيكات خوض معركة، لكنهم يتقنون الإساءة للفلسطينيين، وتعكير صفو حياتهم اليومية، ويتذرعون بأن الفلسطينيين يشكلون تهديدا على حياتهم، ولذلك يواصلون ضربهم في أثناء وجودهم في السيارات مكبلي الأيدي، وعند وصولهم إلى القاعدة العسكرية، يستمرون في ضربهم، بما في ذلك ربط فوهات بنادق الجنود في أجساد المعتقلين، وكل هذا بينما لا يزالوا مقيدي الأيدي، وعيونهم مغطاة، وتكال إليهم الشتائم.
كل ما يقال عن فتح تحقيقات أمنية وجنائية من قبل الشرطة العسكرية الإسرائيلية فقط يأتي لذر الرماد في العيون، حتى بعد أن يتم تشكيل لجان التحقيق الجنائية الأمنية والعسكرية، التي قد تسفر عن توقيف الجنود، وتمديد اعتقالهم؛ لأنها إجراءات لن تردع باقي الجنود عن ارتكاب المزيد من المخالفات والانتهاكات.
القاعدة التي يهرب منها الإسرائيليون أن لكل فعل رد فعل، وأي انتهاكات يرتكبها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين، تواجه بردود فعل من قبل هؤلاء على صيغة عمليات هجومية انتقامية من هؤلاء الجنود، ومع ذلك، فإن جيش الاحتلال يواصل جرائمه ضد الفلسطينيين، رغم الأثمان الدامية التي يدفعها الجنود والمستوطنون.