من الناحية الانفعالية، السعادة هي الشعور باعتدال المزاج، أما معرفيا فهي الشعور بالرضا! فالإشباع وطمأنينة النفس وتحقيق الذات والعمل والصحة والمشاركة الاجتماعية كلها أمور تشعرك بالرضا.. ولكن ثمة عنصرين يؤسسان لكل ما سبق ذكرهما الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز "المال والبنون زينة الحياة الدنيا". نعم! فقد تقدم المال على البنون، وفي ذلك مقاصد شرعية كثيرة.. ولكن دعني عزيزي القارئ أسألك سؤالاً.. ماذا عن مالك؟ كيف تبني سياسة الإنفاق لديك؟! هل أنت بخيل أم مبذر؟.. هل تعمل بالمثل القائل "اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب"؟ أم أنك نصير حكمة أهل أوّل :"القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود"؟.. "الشباب" تقترب من نماذج شبابية لكل منها نظرتها حول فكرة الادخار وتوفير المال.. نستعرضها في هذا التقرير، وتقف معك على أفكارٍ حقيقية وعملية تجيبك عن سؤالٍ مفصلي لمن يريد تحقيق حياةٍ كريمة لنفسه وأهله :"كيف أدخّر"؟.. السياق يحمل التفاصيل: [title]الضروريات والكماليات[/title] لا يتوانى محمد حسين (27 عاما) للحظة أن يعترف بأنه شخص مبذر، إذ ينفق نحو 700 شيقل تقريباً من دخله الشهري للترفيه عن نفسه في الأماكن العامة والمنتجعات الصيفية، موضحاً أنه ينفق في "المشوار" الواحد ما يقارب 100 شيقل ما بين رسم دخول المنتجع وأطعمة ومشروبات. وعلى النقيض يتفنن وسيم جروان (25 عاماً) في ترتيب أوليات الإنفاق لديه، فهو يضع أجندة شهرية للاحتياجات المنزلية ما بين ضروريات وكماليات وزيارات عائلية وحتى ترفيهية، وبذلك يعرف أين وكيف يصرف راتبه؟ ويؤكد جروان في حديثه لـ"الشباب" أنه ونتيجة سياسة الإنفاق التي ينتهجها يلبي جميع احتياجاته ويدخر جزء لا بأس به من راتبه كي يتمكن من شراء شقة، ويغنيه عن الاستدانة من زملائه منتصف أو آخر الشهر. أسباب التبذير.. يشخص الحالة، الدكتور "محمد مقداد" أستاذ الاقتصاد وعميد كلية المجتمع والتعليم المستمر في الجامعة الإسلامية بغزة، مفصلا أسباب لجوء "المبذر" لإنفاق المال في أوجه غير منضبطة وأحياناً بدون أي فائدة: "تربية الأسرة هي التي تعود الإنسان على الإسراف أو البذخ، فقد تنشأ الحالة لعدم تقدير المبذر لتعب وجهد المعيل، أو قد يكون ذلك بسبب الشاب نفسه لجهله أو عدم قدرته على توظيف ذلك المال". ويوضح الأكاديمي الفلسطيني أن بعض الشباب ينفق بشدة حباً في الظهور أمام الآخرين سواء في المأكل أو الملبس أو السهرات العائلية، التي أصبحت داء شائع بين الفقراء قبل الأغنياء "وهذا قد يكون سببه نفسيا". [title]نصائح وإرشادات[/title] متفقا مع سابقه يرى الدكتور معين رجب، أستاذ الاقتصاد الفلسطيني في جامعة الأزهر بغزة، أن وضع قائمة بمصادر الدخل الأساسية والثانوية للشخص أو الأسرة، واللجوء إلى عملية جمع تلك الأموال وتقدير متطلبات وحاجيات الشخص أو الأسرة بناءً على قيمة الدخل، مع التأكيد على أن تكون تلك الضروريات مرتبة حسب الأهمية، مشيرا إلى أن تلك الطريقة تعطيه تفاصيل عن مكان كل قرش يصرف. وأردف قائلاً: "ينبغي أن تكون الموازنة الشهرية المعدة مرنة بحيث تسمح بدخول عناصر ومتطلبات جديدة إليها قد تطرأ في أي لحظة، والانتباه بأن تكون تلك العناصر ذات قيمة معقولة مالياً للميزانية"، ملفتا إلى أن التطور المتسارع في الحياة اليومية للإنسان من وسائل جديدة كالسيارة والاتصالات وغير ذلك يتطلب السماح بأن يحدث تطورا للميزانية بين فترة وأخرى لتلبية الحاجات التي تفرضها الحياة الإنسانية، أو تحقيق أي هدف يعد في نظر الأسرة ذا أهمية قصوى. ويقترح أستاذ الاقتصاد أن ترشح الأسرة شخصاً لوضع الميزانية كالأب أو الأم أو الأخ الأكبر ومتابعتها، بحيث يكون على اطلاع مستمر على آليات الإنفاق وتدوين كل شيء في دفتر الموازنة. ويؤكد أهمية أن تناقش الموازنة الشهرية بين أفراد الأسرة لمحاولة تلبية رغبات كل فرد على أن تكون المتطلبات الأساسية للأسرة مجتمعة مقدمة على رغبات الأفراد التي تكون عادةً رغبات شخصية، منبهاً إلى ضرورة ادخار أي مال يفيض عن الموازنة، بالإضافة إلى المبلغ المعد شهرياً للادخار وأي أموال قد تأتي من مصادر دخل ثانوية لا تكون مدرجة ضمن مصادر الدخل الأساسية. [title]الوقت وأثره [/title] ويضيف د.رجب :"استغلال الوقت بشكل منظم وجيد يساعد على تحقيق حالة من التكامل مع إعداد تلك الميزانية، ويعمل على استخدامها بالوجه الأفضل الذي يكون فيه فائدة للإنسان ومرضاة للرب بعيداً عن المعصية والتبذير"، مشيرا إلى أن قضاء وقت الفراغ يجب أن يكون في مجال بعيد عن اللهو المحرم مع الاستفادة من الوقت إلى الحد الأقصى ويكون ذلك بزيادة الاهتمام بتنمية المعارف والمهارات والقدرات التي تكسب الإنسان إمكانات وطاقات جديدة تمكنه من تحقيق استغلال أفضل لأوقات الفراغ . ويوضح أن هذا الاستثمار قد يوصله إلى عمل يزيد كسبه المالي الذي يساعد بدوره على تحسين مستوى المعيشة وهي أمنية يتمناها كل إنسان.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.