ما زال الملف الإيراني يطغى على النقاشات الإسرائيلية كلما اقتربت الأطراف الدولية من التوقيع على اتفاق نووي جديد مع طهران، رغم المعارضة الإسرائيلية العلنية لذلك، والجهود المتواصلة مع واشنطن لعدم إنجاز هذا الاتفاق، بزعم أنه ضد مصالحها بعيدة المدى.
ورغم ذلك، لا يبدو أن المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي على قلب رجل واحد في هذا الموقف، بدليل ظهور دعوات جديدة من داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية التي تدعو لإعادة النظر في الموقف التقليدي الرافض لأي اتفاق نووي مع طهران، على اعتبار أن هذا يمثل المجتمع الدولي بأسره، بما فيه الولايات المتحدة، مما يجعل أي معارضة إسرائيلية ليست ذات جدوى من جهة، ومن جهة أخرى، يظهرها في موقف شاذ عن مجمل أعضاء الأسرة الدولية.
الجنرال إسحاق بن يسرائيل الرئيس السابق لوكالة الفضاء الإسرائيلية، قال في حوار نشرته صحيفة معاريف؛ إن "القوات الجوية الإسرائيلية يمكنها حاليا تدمير المنشآت النووية في إيران، لكنها ستعيد تأهيل نفسها في غضون عامين تقريبا، ولذلك فإن أي ضغط إسرائيلي على الولايات المتحدة التي تقود المحادثات النووية بين إيران والقوى العظمى سيعتبر خطأ استراتيجيا خطيرا".
وأضاف أنه "سيكون من الصعب أن نتخيل كيف سترتكب إسرائيل مثل هذا الخطأ، لأنه سيعتبر أخطر خطأ استراتيجي عليها، سواء الهجوم العسكري على إيران، أو الضغط على واشنطن لمنع الاتفاق النووي؛ لأن الهجوم لن يؤدي إلا إلى تأخير قصير ومؤقت. صحيح أن سلاح الجو يستطيع تدمير المنشآت النووية، لكن الإيرانيين سيعيدون قدراتهم في غضون عامين، والسؤال الآن كيف نجعلهم لا يريدون قنبلة من الأساس، الجواب بسيط جدا، وهو ادفعوا لهم".
في الوقت ذاته، فإن أوساطا أمنية إسرائيلية أخرى تعتبر أن أي قرار إسرائيلي بشن حرب على المنشآت النووية الإيرانية قد يصطدم بالمصالح السياسية والحزبية، أي إنه في حال قرت حكومة نفتالي بينيت الحالية تنفيذ هجوم جوي على طهران، فإن معسكر اليمين الإسرائيلي سيكون أمام تحدّ حقيقي تجاه هذا القرار، سواء بدعمه أو معارضته.
إيلي كوهين وزير الاستخبارات الإسرائيلية السابق، وأحد أقطاب حزب الليكود قال في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أنه "فيما تواصل إدارة بايدن صياغة سياستها تجاه إيران، فإن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي لا زال يتلعثم، ولا يتحدث بلغة موحدة في مواجهة التهديد الإيراني، بينما تستمر طهران في السعي بقوة للحصول على سلاح نووي وحيد الغرض لتدمير إسرائيل؛ لأن امتلاك إيران لمثل هذه الأسلحة سيخلق ضررا لا رجعة فيه لتفوق إسرائيل الأمني الإقليمي، وقد يؤدي لتصعيد إقليمي، واحتمال كبير لشن حملة دولية".
وأضاف أن "محاولة الولايات المتحدة والقوى العظمى تجديد الاتفاقية النووية مع إيران بكل قوتها، تبدو منفصلة عن أي تقييم استخباراتي وتجربة سابقة، والواضح أن سياسة الرئيس بايدن الحازمة، والعقوبات المستمرة، والاستعداد للعمل العسكري حسب الحاجة، ستحافظ على الاستقرار الإقليمي، وتعزز التحركات السياسية".
وتشير هذه الآراء الإسرائيلية المتباينة من الموقف تجاه إيران، إلى أن الاستقطاب والتحريض داخل الحلبة السياسية الإسرائيلية تقف على رأس أولوياتها، رغم أن الحرب على البرنامج النووي الإيراني يتوقع أن يتجاوز أي جدل سياسي، مع العلم أنه إذا اتخذت إيران إجراءات جديدة ستوصلها إلى نقطة اللاعودة، فستكون الحكومة الإسرائيلية أمام مخاوف من عدم تلقي الدعم الكامل من المعسكر اليميني للقيام بعمل عسكري، حسب الحاجة.