يوجد إجماع فلسطيني على حب الجزائر وشعبها؛ للمكانة الرفيعة التي تحظى بها فلسطين والقدس في قلوب عامة الجزائريين، لا يمكن حصر الشواهد على تلك المحبة وليس هناك حاجة للدلالة عليها إذ إنها أصبحت قناعة راسخة لدى الفلسطينيين وغير الفلسطينيين ولا يستطيع أي عربي نفي عشق الجزائريين لفلسطين ومقدساتها.
حينما دعت الجزائر الفصائل الفلسطينية لحوار المصالحة لم يتأخر أي فصيل عن تلبية الدعوة، وستذهب الفصائل تباعا إلى الجزائر إكراما لشعبها ولقياداتها، ولكن هذا لا يعني أن الجزائر ستنجح في توحيد الصف الفلسطيني، بل ستنجح بعض الفصائل في إفشال جهودها بطريقة دبلوماسية.
وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" وهي الوكالة الرسمية لدولة فلسطين كما يتم تعريفها لم تنشر أي خبر يتعلق بمؤتمر المصالحة في الجزائر، وهذا دليل على عدم الرغبة في إعطاء أهمية للحدث؛ لأنه لا يعني الشيء الكثير بالنسبة للبعض ولأن نتائجه معروفة ونعتذر للجزائر مسبقا إذا نجحنا نحن الفلسطينيين في إفشال جهودها كما فعلنا في مصر وقطر واليمن ولبنان وغيرها من الدول التي شهدت على عمق مأساتنا وإصرار "بعضنا" على عدم التقدم خطوة واحدة تجاه الوحدة الفلسطينية لأن "الفيتو" الأمريكي الإسرائيلي على المصالحة الفلسطينية ما زال قائما ولن يسقط إلا تفاديا لفقدان سيطرة الاحتلال على الأوضاع في المنطقة، حينها سيسقط الفيتو وستحصل المصالحة بشكل تلقائي وجهود بسيطة.
في المقال السابق قلت إنه لا مصالحة تكون الانتخابات أحد استحقاقاتها أو يكون الاعتراف بما تسمى الشرعية الدولية أحد شروطها، فهل هناك من يتصور أن توافق فصائل منظمة التحرير على عودة حماس للحكم والسيطرة على جزء كبير من المجلس الوطني هي وحركة الجهاد الإسلامي؟ وهل هناك من يتصور أن يسمح فيها بإجراء انتخابات تشريعية يكون فيها نصيب لحماس ودحلان والبرغوثي وشخصيات أخرى تنازع فصائل منظمة التحرير الحكم؟ لتلك الأسباب وأسباب كثيرة أخرى لا يمكن أن تنجح الفصائل في الجزائر سوى في التقاط بعض الصور التذكارية وما أكثرها، ثم تعود حليمة لعادتها القديمة، وأتمنى أن أكون مخطئا بشدة في هذا التصور وأن تحدث المعجزة وينتهي الانقسام إلى غير رجعة.