في مايو 2012 وقعت الفصائل الفلسطينية اتفاقية القاهرة لإنهاء الانقسام بحضور رئيس السلطة محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس حينها خالد مشعل، وكانت اتفاقية شاملة وفيها حل لكل نقاط الخلاف بين حركتي فتح وحماس وفيها ما يرضي فصائل منظمة التحرير التي تدعي أنه لا علاقة لها بالانقسام، ويمكننا القول أن اتفاقية القاهرة هي أهم اتفاقية حصلت منذ الانقسام حتى يومنا هذا، ورغم توقيعها من كافة الفصائل إلا أنه لم يتم تطبيقها وما يزال شعبنا يعاني بسبب الانقسام.
الجهود التي بذلت والأطراف التي تدخلت لن تتكرر في أي اتفاقية أخرى، ولذلك لن ترقى إلى مستواها بأي حال من الأحوال، ومع ذلك نقول أن استبدال اتفاقية بأخرى يلزمه الأخذ بعين الاعتبار ما تم الاتفاق عليه؛ لأن الاتفاق جاء بعد نقاشات واسعة ولا يجوز البدء من الصفر، ثم لا بد قبل عرض أي اتفاقية ذكر الأسباب التي من أجلها فشلت اتفاقية القاهرة المتوافق عليها فصائليا، فإن لم نراع نقاط الضعف وأسباب الفشل فإن ذلك سيؤدي حتما إلى فشل جديد.
الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قدمت مبادرة جديدة لإنهاء الانقسام، وهو جهد مشكور ومقدر ولكنني شخصيا أحكم على المبادرة بالفشل من خلال بعض نقاط المبادرة التي عرضت، ولأنها كما قلت لم تتطرق إلى أسباب فشل اتفاقية القاهرة ولأنها تطرح أشياء مستحيلة التطبيق مثل اقتراح انضمام حماس إلى المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية كخطوة من خطوات إنهاء الانقسام.
إنَّ انضمام حركة حماس إلى المجلس المركزي دون الأخذ بعين الاعتبار حجمها في الشارع الفلسطيني أمر غير ممكن، لا يمكن أن يكون وزن حماس في المركزي أو حتى في المجلس الوطني أقل من وزنها في المجلس التشريعي المنتخب والمعطل بسبب الانقسام. لذلك حماس ترفض أن تكون ممثلة في أي من مؤسسات منظمة التحرير بأقل مما تستحق لأنها بذلك تضع رأسها تحت المقصلة، وكذلك فصائل منظمة التحرير لن تقبل بوجود حماس بوزنها الحقيقي لأنه لن يكون لبعض فصائل المنظمة مكانا فيها لأن هناك الكثير من الفصائل مجرد أسماء وعناوين ولا نجد لها أي أثر في أي مؤسسة منتخبة وخاصة المجلس التشريعي.
إنَّ إنهاء الانقسام لن يكون بمسارات متعددة؛ تشكل حكومة وإجراء انتخابات وترقيع مؤسسات منظمة التحرير كما تطرح الجبهة الديمقراطية في مبادرتها، ولن يكون بانتخابات كما عرضت الرئاسة سابقا ثم ألغت الانتخابات بعدما وافقت حماس، وقد تكون فقط بتوافق حماس وفصائل منظمة التحرير على تقاسم التشريعي والمجلس الوطني وباقي المسؤوليات في السلطة الفلسطينية وهذه أقرب صيغة يمكن أن يتقبلها المنطق الفصائلي الرافض لمسار صندوق الانتخابات ومع ذلك نشكك بإمكانية التوصل إليها وستظل المماطلة سيدة الموقف حتى تتغير الظروف وتتبدل قيادات وشخصيات وتكون هناك أكثرية شعبية منحازة بقوة إلى خيار واحد لتحرير فلسطين.