تزامنا مع تصاعد التوتر بين الغرب وموسكو بسبب الأزمة في أوكرانيا، وتواتر الحديث عن غزو روسي محتمل في أي لحظة، بدأت في مياه البحر الأسود مناورات عسكرية روسية.
ويشارك في هذه المناورات التي كانت معدة مسبقا -ولكنها اشتبكت زمنيا مع حراك دبلوماسي غربي لنزع فتيل الأزمة- أكثر من 30 قطعة حربية من بينها مدمرات صاروخية وفرقاطات وبوارج مضادة للغواصات، وسفن إنزال وغواصات ومنظومات دفاع صاروخية شاطئية وسلاح الطيران، ومن المقرر أن تنتهي في 19 من الشهر الجاري.
وتجري هذه المناورات في الوقت الذي بدأت فيه روسيا وبيلاروسيا الأسبوع الماضي مناورات عسكرية مشتركة واسعة النطاق بعنوان "عزم الحلفاء"، للعمل على تعزيز أمن الحدود، والقتال المشترك في حالة حدوث عدوان خارجي، وصد هجمات جوية محتملة.
شويغو: المناورات تجري في المناطق العسكرية الغربية والشرقية والوسطى (غيتي)
تدريبات مكثفة
وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو للرئيس فلاديمير بوتين في اجتماع، إن الجيش الروسي يجري تدريبات في جميع الأساطيل تقريبًا وفي جميع المناطق العسكرية، وشدد على أن "بعض هذه التدريبات تقترب من نهايتها، وبعضها سيكتمل في المستقبل القريب".
وبحسب الوزير الروسي، فإن التدريبات "واسعة النطاق"، تجري في بحر بارنتس، والبحر الأسود، وبحر البلطيق، كما يشارك أسطول المحيط الهادي.
وتجري المناورات استعدادا لتدريبات بحرية كبرى تحت إشراف القائد العام للقوات البحرية الروسية.
وقالت البحرية الروسية إن "طائرات برمائية من طراز Be-12 وطائرات هليكوبتر من طراز Ka-27PL شاركت في التدريبات، وأجرى أطقمها، بالتعاون مع سفن صغيرة مضادة للغواصات، بحثا مشتركا عن غواصة مفترضة باستخدام عوامات السونار وأجهزة السونار الأخرى".
مهام وتكتيكات
وأوضح المكتب الصحفي لأسطول البحر الأسود أن المهام الرئيسية في إطار التدريبات كانت إجراءات مشتركة للبحث والتتبع المستمر والتدمير المشروط لغواصة على مسافات طويلة وقصيرة، وكذلك تنظيم تبادل مستمر للبيانات حول المناورات تحت الماء. ولخلق وضع تكتيكي حقيقي، عملت إحدى غواصات أسطول البحر الأسود كعدو وهمي.
وكجزء من المناورات، تم وضع خيارات للرد على "أكثر أنواع الأعمال العدائية تنوعا"، بما في ذلك كل البيئات، تحت الماء وفوق سطحه.
وردا على وضع وسائل الإعلام الغربية المناورات الروسية في سياق التحضيرات الأخيرة لشن هجوم عسكري ضد أوكرانيا، انتقد قسطنطين كوساتشيف نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي ما وصفها بالهستيريا التي أثارتها الدول الغربية بشأن التدريبات العسكرية التي تجريها روسيا وقال إن هذه المناورات ستنتهي حسب الخطة الموضوعة مسبقا.
وكتب كوساتشيف في صفحته على فيسبوك، "لا توجد أي استعدادات عسكرية"، واصفا اللقاء الذي جمع الرئيس بوتين مع وزير الدفاع شويغو، بأنه "أهم مرحلة في تطوير المبادرة الروسية بشأن الضمانات الأمنية وبناء هيكل أمني موثوق به في أوروبا".
وتابع المسؤول الروسي بأن رسائل روسيا للغرب تؤكد أن الحوار البنّاء هو الذي يمكن أن يلعب دورا حاسما في وقف التصعيد، مشيرا إلى أن روسيا مستعدة للحوار، أما أسلوب الابتزاز معها فلن ينجح بالتأكيد، وفق تعبيره.
مناورات مضادة
وتأتي المناورات كذلك بعد إعلان وزارة الدفاع الأوكرانية عن مناوراتها العسكرية في الفترة من 10 إلى 20 فبراير/شباط الجاري، وذلك بالتزامن مع المناورات الروسية البيلاروسية في 12 من الشهر نفسه.
ولم تذكر كييف عدد الجنود المشاركين في المناورات، لكن رئيس جمهورية دونيتسك المعلنة من جانب واحد، دينيس بوشلين، صرح بأن استخبارات الجمهورية سجلت زيادة في عدد القوات المسلحة الأوكرانية على خط الترسيم وصلت إلى 150 ألف فرد.
ويتحدث مراقبون عسكريون روس عن حشد واضح للقوة الضاربة الأوكرانية عند خطوط التقسيم مع دونباس، تضم أكثر من 70% من جميع الأفراد العسكريين في أوكرانيا، إلى جانب نشر منصات إطلاق الصواريخ هناك.
وقال الخبير العسكري إيفان كونوفالوف للجزيرة نت، إنه بغض النظر عن الظروف المحيطة بالأزمة الأوكرانية، فإن روسيا تعمل بشكل دائم على إبقاء جميع قواتها في حالة تأهب قتالي، وتجري لهذا السبب تدريبات ومناورات عسكرية بشكل دوري، لكن هذا لا يعني أنها ستبدأ حربا، إنما تستعد للرد في حالة حدوث شيء ما.
ولكنه أشار إلى أن ضخامة وخصوصية المناورات الحالية يجب أن تكون كافية لأوكرانيا "للتفكير 3 مرات قبل التصعيد أو القيام بمناوشات عسكرية في دونباس".
تحذير وأمل
وردا على سؤال، بأن التصريحات الصادرة عن كييف لا تظهر بعد أن هذا التحذير يؤخذ على محمل الجد، أوضح الخبير الروسي أن كييف لا تزال تأمل في الحصول على مزيد من الدعم العسكري المباشر من الغرب.
وفيما يتعلق بإجلاء رعايا الدول الأوروبية من أوكرانيا، وخاصة موظفي البعثات الدبلوماسية، ربط كونوفالوف ذلك بأن البعض في أوروبا، ونتيجة للدعاية الأميركية، بدأ يقتنع بوجود تهديد حقيقي.
وعلى مدار الـ30 عاما الماضية في أوروبا، لم يتم إجلاء السفارات. ويعتقد الخبير العسكري الروسي، أنه من خلال ذلك، يريد الغرب التأكيد على أن الوضع غير مسبوق على الإطلاق، والترويج بأن روسيا تساعد في خلق هذا الشعور، من خلال تركيز قواتها على الحدود مع أوكرانيا.